ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخفيه من النقائص والهنات لقد تطابق فيه القول مع الفعل والظاهر مع الباطن والجد مع المزح فقد كان عليه الصلاة والسلام يمزح ولا يقول إلا حقا يروح على النفس ويلاطف أهله وأصحابه ويجامل الصغار والكبار ترفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ما يمكن أن ينزل به إلى مستوى الضعف البشري فكان لنفسه بالمرصاد. إن هذا السمت الحسن وهذا الخلق العظيم في كل جوانب التصرف قولا وفعلا كان فيه عليه الصلاة والسلام القمة التي لا يمكن أن يطاولها احد مهما حاول فهو مع أهله كأحدهم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله) كان عليه الصلاة والسلام مثالا للتواضع يتناول حاجته ويقول (صاحب الحاجة أولى بحاجته) وكان يشارك أصحابه في العمل لا يتأخر عنهم ويقول لهم لست في غنى عن الأجر والثواب ويهون عليه الصلاة والسلام على ذلك الذي ارتعدت فرائصه لأنه وطئ ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا له (هون عليك إن أنا إلا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) وجد فيه أصحابه جميعا الملاذ والصدر الحنون دعا أصحابه إلى اهراق دلو من الماء على بول احد الأعراب الذي قضى حاجته في ركن من المسجد وقد تداعى عليه الصحابة من كل جانب ليضربوه أو ينكلوا به فما كان من هذا الأعرابي إلا أن قال (اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيقت واسعا يا أخ العرب (أي رحمة الله)".