هذا جزء من كلام قاله الشاعر الكبير بيرم التونسي رحمه الله وتقبله بعفوه ورضاه عندما غادر البلاد التونسية مسرعا ذات صباح اوذات عشية وهو متحسر حزين لما لقيه وما اصابه فيها من الكيد والحسد و(التكمبين) ولما راه فيها من العجائب ومن الغرائب التي يشيب لها الولدان ويندى لها الجبين ولقد طاف بذاكرتي هذا الكلام الثابت المتين الذي قاله بيرم رحمه الله منذ سنين وقد كان فيه ورب الكعبة من الصادقين لما سمعت بتلك الغريبة وبتلك العجيبة التي وقعت في حياتنا السياسية اذ ان حزبا من الأحزاب التونسية جمد عددا من اعضائه بصفة فجائية وسبب ذلك انهم تركوا مساندة رئيس حزبهم في الانتخابات الاخيرة الرئاسية وساندوا مرشحا اخر نافسه في هذه الانتخابات منافسة شديدة قوية...فهل يعقل يا عباد الله ان يتخلى احد عن مساندة رئيس حزبه ويمنح صوته لمنافسه ونده ويجعل له مكانا في عقله وفي قلبه؟ نعم انها تونس ايها القراء الكرام التي قال فيها بيرم رحمه الله ذلك القول او ذلك الكلام بعد ان خبر وجرب اهلها في اكثر من موقف وفي اكثر من مقام... ولقد ذكرتني ايضا هذه الغريبة وهذه العجيبة السياسية بتلك الطرفة او تلك النكتة التي تقول ان رجلا دخل مطعما وطلب نوعا من الطعام فلما احضره له احد العمال ولما راه وشمه لم يعجبه لا من اليمين ولا من الشمال فطلب من العامل ان يدعو له صاحب المطعم ليقدم له بعض الملاحظات وليقول له بعض الكلام فاعتذر العامل قائلا ان صاحب المطعم قد خرج منذ حين ليتناول طعامه في مطعم مجاور يقال ان اطباقه شهية تسيل لعاب الاكلين...اليس هذا بالضبط ما فعله هؤلاء المتخلون عن مساندة رئيس حزبهم والذين سارعوا الى مساندة منافسه وضده؟ الم يكن الاولى بهم ان يستقيلوا من حزبهم اولا قبل ان ياخذوا قرارهم بمساندة من قام لمنافسة رئيسه بقامته وبلسانه وبقده؟ وكم اريد في نهاية المقال ان افيد القراء بكامل ذلك الكلام الجميل الذي قاله بيرم رحمه الله وهو يحزم امتعته للرحيل (يا سعد من باع داره و في الجيب جط نصيبه وركب في البحر صغاره واسكندريه قريبه يا قعدتك في بر تونس كل يوم تسمع غريبة) ولئن اختار بيرم الرحيل وركب البحروغادر هذه البلاد واستراح فماذا سيفعل من عجزولم يتشجع ان يفعل مثله ذات عشي او ذات صباح؟ اجيبوني ايها القراء الكرام وايها العقلاء الطيبون وايها الناس الملاح