ربما سينعتنا البعض بأننا نغمض أعيننا على مكامن الجمال في بنزرت و كلّ ما هو ايجابي في مدينة الجلاء و مدينة البحر و الغابات والصناعات الثقيلة و لا نسلط الضوء إلاّ على ما هو سلبي ببنزرت هؤلاء نقول نحن لا نجامل في كل ما نكتب و نقول للمحسن أحست و للمسيء أسأت وبالتالي نحن نكتب من أجل إعانة كل الأطراف على مواطن الضعف لإصلاحها و تلافيها و من أجل أن تكون بنزرت مدينة يحلو فيها العيش فعلا لا قولا و ( تبرطيق ) و لتكون وجهة كلّ الناس من داخل أنحاء الجمهورية أو خارجها و هدفنا نبيل من أجل عيون مدينتنا بنزرت لا من أجل ارضاء أطراف معينة للحصول على مغانم معينة كما يفعل البعض . فبنزرت و للأسف و منذ الثورة "المباركة" أصبحت تعيش الانفلات و الفوضى العارمة، رغم كل المجهودات التي تبذلها السلط الجهوية لإصلاح ما يمكن اصلاحه و آخرها النجاح النسبي لها في القضاء على الانتصاب الفوضوي في الأسواق و في بعض الأنهج و الشوارع. و لكن و رغم ذلك مازالت بنزرت تعيش على وقع العديد من وجوه الانفلات و الفوضى المختلفة و المتعددة الوجوه و لعلّ أهمها : * الفوضى المرورية التي تشهدها الجهة فلا يمكنك تخيّل الضغط المروري في كل أرجاء المدينة و شوارعها رغم كل المجهودات التي يبذلها أعوان الأمن لتيسير الحركة المرورية .خاصة عند أوقات الذروة فالطوابير تكون طويلة و الحركة بطيئة و التجاوزات لبعض السواق تزيد المشهد أكثر تعقيدا خاصة من قبل بعض أصحاب سيارات الأجرة ( التاكسي ) الذي لا يعترفون باحترام إشارات المرور و لا بأولوية غيرهم ممّا يسبب في ضياع الوقت لمن يقصد عمله و مدرسته و مصنعه و إدارته فضلا عن التوتر الذي يصيب الجميع من وراء التهور في استعمال منبهات السيارات فيكون التلوث ثلاثي الأبعاد سمعي و مروري و ذوقي . *فوضى احتلال المقاهي للرصيف، هنا حدث و لا حرج فأصحاب المقاهي احتلت كلّ الرصيف بالكراسي و الطاولات و المظلات الشمسية بلا رادع و لا رقيب و كأنّه حق مكتسب لهؤلاء ممّا دفع المواطن للسير على الطريق مزاحما بذلك السيارات التي تهدد حياته في كل لحظة خاصة فلذات أكبادنا حين يغادرون مدارسهم و شيخونا حين يقطعون الطريق و الجميع مهدد بدون استثناء من أجل عيون أصحاب المقاهي الذين لا هدف لهم سوى الربح عبر احتلال أكثر ما يمكن من الرصيف و يشاركهم في ذلك أصحاب المحلات التجارية الذين لا يتأخرون أيضا على اكتساح الأرصفة بالسلع المختلفة الأحجام من ثلاجات و كراسي و درجات هوائية و معلقات للملابس .و غيرها..؟ *فوضى مرابض السيارات التي اكتسحت الجهة أيضا، ففي كل ركن من أنهج و شوارع بنزرت تجد شخصا يطالبك بمقابل ركن سيارتك بل يصل بهم الأمر إلى تحديد سعر معين و لا يتنازل عليه بالرغم و أنّ جلهم لا علاقة لهم تعاقدية مع البلدية لتسيير تلك المرابض بل ينصّبون أنفسهم بطريقة فوضوية و حين ترفض الدفع يعلمونك أنّهم غير مسؤولين عمّا يحدث لسيارتك و ما عليك إلاّ أن تفهم هذا التهديد المبطن حتّى يرغموك على الإذعان لمطالبهم فتدفع لهم مكرها لا بطلا حتّى لا ترجع و تجد مثلا كل العجلات بدون هواء أو سيارتك مخلوعة و بلور نوافذها مهشمة، إنّها الفوضى تحت التهديد و الوعيد. أمام كل هذه الأشكال من الفوضى الثلاثية الأبعاد المرورية و احتلال الأرصفة و فوضى استغلال المواقف العشوائية للسيارات ليس أمام المواطن إلاّ أن يرفع عقيرته لا بالصياح بل بطلب السلط المعنية للتدخل الفوري و العاجل و على رأسها بلدية بنزرت التي يبدو و أنّ تنظيم حركة المرور و احتلال الأرصفة و العربدة في مواقف السيارات لا تهمها لا من قريب و لا من بعيد و كأنها ترى في ذلك، الفوضى الخلاقة؟ فمتى ترفع هذه الغمّة على مدينة بنزرت ليحلو فيها العيش، سؤال نرفعه إلى الدوائر المسؤولة و ننتظر منها الفعل لا الكلام..؟