الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    حتى الجنينة تنظفها وتُبعد الحشرات... بكعبة قارص ورشة ملح    عاجل/ إضراب بيومين في قطاع النقل بهذه الجهة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    الأمم المتحدة: فرض عقوبات أميركية على مبعوثة أممية "سابقة خطيرة"    بقلم مرشد السماوي : مهرجان الحمامات جوهرة ثقافية تنتظر توسعة المسرح و دعما يليق بمكانتها    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    استشهاد 798 شخصا أثناء تلقي المساعدات في غزة    إحالة ملف مشروع ديوان التطهير بالقصرين على النيابة العمومية    علاقة وثيقة بين النوم والعمل..    عاجل/ تغيّرات جوية مرتقبة ووزارة الفلاحة تحذّر..    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    لطفي رياحي: ''تمييز مجحف بين السائح الأجنبي والتونسي... لازم توحيد الأسعار''    النادي الإفريقي: رئيس الهيئة العليا للرقابة يكشف عن ديون سابقة لم يتم تسويتها    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أكثر من 25 بالمائة من الناجحين من شعبة البكالوريا رياضيات يتحصّلون على ملاحظة حسن جدّا    هام/ نسب النجاح في دورتي البكالوريا حسب الولايات..    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    ولاية تونس : توجيه تنابيه لمن لم يلتحقوا بالنقاط المسندة إليهم بالأسواق البلدية البديلة    نجاح 21 تلميذا من أبناء قرى الأطفال "أس و أس" في دورة المراقبة لباكالوريا 2025    هام/ هذه الدول الأكثر طلبًا للكفاءات التونسيّة والمهن المطلوبة..    بعد العاصفة الرملية التي شهدتها توزر وقبلي: معهد الرصد الجوي يكشف التفاصيل..#خبر_عاجل    النجم الساحلي: ثنائي أجنبي يعزز الفريق في المركاتو الصيفي الحالي    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    دوري روشن السعودي: نادي الحزم يجدد ثقته في "جلال القادري"    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    عاجل: صدور حكم بالسجن سنة مع وقف التنفيذ ضد نجل فنان مشهور    القهوة باش تغلى؟ البرازيل في وجه العاصفة وترامب السبب    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    كفاش تحمي صغارك من شمس الصيف؟ نصائح ذهبية من أطباء الأطفال    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    الليلة: خلايا رعدية وأمطار مع تساقط محلي للبرد    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    الموت في لحظة غفلة: السباحة الليلية تودي بحياة مراهق في بن قردان    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : لا مخرج للبلاد من أزمتها إلا إذا اقتنع السياسيون بأن الفلاحة هي الحل لتحقيق النمو
نشر في الصريح يوم 05 - 12 - 2019

لنترك جانبا الهرج والمرج والضجيج الذي لا فائدة منه والذي لا ينفع الناس فيما نراه من عراك الديكة داخل قبة البرلمان ولنلتفت إلى القضايا الحارقة ونفتح الملفات الحقيقية التي تستحق أن تفتح والتي تحتاج أن يحسم فيها الرأي . من هذه القضايا مسألة المأزق الاقتصادي و الصعوبات المالية التي تعيشها البلاد وقضية كيف يمكن الخروج من هذا الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب ؟ وكيف يمكن أن نحقق الثروة التي نحتاجها لتحسين حال الناس ؟ وكيف يمكن أن نصل إلى نسبة ن نمو تكون قادرة على تحقق التشغيل المطلوب وتفتح أفاقا جديدة للكثير من الشباب الحالم ؟
ما يمكن قوله بخصوص هذا المأزق الكبير الذي تعيشه الثورة التونسية وحالة العجز التي نلاحظها على سياسيينا في تلمس الطريق الصحيحة لتحسين الأوضاع هو أن هناك اليوم حقيقة واضحة وهي ضرورة تغيير منوال التنمية الحالي الذي وضعته دولة الاستقلال للنهوض بالبلاد وهو منوال قد أفاد في وقته واستهلك واستنفذ أغراضه واليوم لم يعد مفيدا بعد التحولات الكبرى التي شهدها المجتمع والتطورات التي حصلت في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وضرورة تغيير الخيارات والأولويات الاقتصادية التي تحتاج إلى إعادة نظر عميقة من أجل القطع مع الخيارات الحالية التي أصبحت بالية ولم تعد صالحة لإخراج البلاد من وضعها المتردي ومن حالة العجز التي تكبلها.
وما نعنيه بتغيير منوال التنمية وإعادة النظر في الخيارات والأولويات الاقتصادية هو التخلي عن فكرة أن تونس يمكن أن تواصل في اعتماد النظرة الاقتصادية القديمة التي تعتبر أن قطاع الصناعة لا يزال قاطرة الاقتصاد وأن السياحة لازالت هي الأخرى الخيار الذي يحقق التنمية وينتج الثروة ويوفر مواطن شغل . ما هو مطلوب هو تغيير أولوياتنا وخيارتنا التنموية بإعادة ترتيب القطاعات القادرة على خلق النمو بجعل قطاع الفلاحة في صدارة الأوليات الاقتصادية والمراهنة على هذا القطاع لتحقيق أعلى ناتج وطني خام .
ومسألة إيلاء الفلاحة كل هذه الأهمية للخروج من حالة الضعف والوهن الاقتصادي والمراهنة على هذا القطاع لتحقيق النمو المطلوب لخلق الثروة أساسه ومبناه أن هذا القطاع رغم قلة العناية به والاهتمام ورغم حالة التهميش الذي يعرفها كل من يشتغل به ورغم تخلي الدولة وكل الحكومات المتعاقبة على مرافقة هذا القطاع ومساندته لبلوغ القفزة النوعية التي نحتاجها فإنه بفضل مجهودات أفرداه والعاملين به قد حقق نتائج باهرة في ظرفية صعبة والبلاد خرجت للتو من ثورة سياسية قضت على كل شيء وجعلت الكثير من القطاعات تعرف تراجعا رهيبا إلا قطاع الفلاحة بقي صامدا وبفضله تمكنت الثورة من استعادة بعض توازنها ما جعل الشعب لا يعرف أزمة حادة في غذائه وعيشه هذا فضلا على أن المنتوج الفلاحي قد تمكن أن يعول الشقيقة ليبيا وأن يزود شعبها بكميات كبيرة من الخضر والغلال ومشتقاتهما من دون أن ننسى ما يحصل من تهريب لهذا المنتوج إلى الجارة الجزائر.
واليوم فإن كل الأرقام والمعطيات مشجعة عن مردودية قطاع الفلاحة وما يوفره من عائدات في قطاع زيت الزيتون وقطاع التمور وقطاع الغلال والحليب ومشتقاته ومن لحوم بكل أصنافها وغيرها يمكن أن نقول أن الفلاحة اليوم هي القطاع الذي يخلق الثروة والنمو وهي اليوم محرك النمو بعد أن تصدرت الفلاحة المرتبة الأولى من بين كل القطاعات في ترتيب الناتج الوطني الخام بانتقاله هذه السنة من 10 % إلى 12 % وأن عائدات بيع زيت الزيتون والتمور والغلال والحبوب قد بلغت حدود 3.5 مليار دينار وهو رقم مهم في عائدات التصدير ما يسمح بتعديل الميزان التجاري الذي يشكو عجزا بين صادراته ووارداته .
اليوم قطاع الفلاحة قد حقق فائضا في مادة الحليب ومادة الطماطم والبطاطة والحبوب والغلال والكثير من الخضروات ولنا إنتاج لا باس به في مجال الانتاج الحيواني من بيض ودجاج ومع ذلك فان حوالي 30 % من المنتوج الفلاحي يتم اتلافه سنويا حسب ما صرح به عبد المجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي اعتبر أن الدولة التونسية تفتقد إلى استراتيجية وطنية واضحة لتثمين الانتاج الفلاحي وتفتقد إلى استراتيجية وطنية لتوفير المخزون الضروري من الإنتاج لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي حتى لا يتلف ما يتم إنتاجه لنضطر إلى التوريد لتغطية النقص الحاصل في بعض فترات السنة.
اليوم قطاع الفلاحة قد برهن على أنه القطاع الأكثر قدرة على تحقيق أعلى نسبة في الناتج الوطني الخام والقطاع القادر على تحقيق أعلى عائدات من التصدير والقطاع الذي يوفر أعلى قدرة تشغيلية لو يحصل الاستثمار في الفلاحة ولم يتم تعصير القطاع ولو تراهن الدولة بالكلية على الفلاحة بدل إضاعة الوقت في دعم قطاعات قد ولى عهدها وانقضى زمانها وتراجع دورها واتضح أنها لم تعد قادرة على خلق الثروة والنمو .
اليوم قطاع الصناعة لم يعد بإمكانه ان يلعب الدور الذي كان يلعبه في بداية السبعينات من القرن الماضي لما راهنت الدولة على الصناعات الصغرى والمتوسطة وعلى قطاع النسيج والجلود والأحذية بسبب التحولات الكبرى التي عرفها مجال التصنيع في تونس بعد اتفاقية التجارة الحرة مع الشريك الأوروبي سنة 1995 وما حصل بسببها من تدمير طال الصناعة المحلية وقضى عليها لتتحول البلاد بعد ذلك إلى فضاء لبيع العلامات والماركات الأجنبية وسوقا كبيرة لترويج السلع والمنتجات القادمة من عواصم ما وراء البحار.
اليوم قطاع السياحة على أهميته لم يعد قادرا هو الآخر على تحقيق قدرة تشغيلية عالية ولا توفير مواطن شغل للكثير من العاطلين ولم يعد كذلك بإمكانه خلق الثروة وتحقيق النمو المطلوب وذلك لسبب بسيط وهو أن قطاع الخدمات في العالم قد تغير كثيرا وحصلت فيه تطورات كبرى بدخول تكنولوجيا المعلومات إلى سوق الشغل وبسبب المنافسة الكبيرة التي تلقاها السياحة المحلية من الكثير من البلدان التي تفوقها في بيع هذا المنتوج مما حول السياحة إلى قطاع عادي من جملة القطاعات التي يقوم عليها الاقتصاد من دون أن يكون هو قاطرة الاقتصاد والقطاع الأول في التنمية.
وهذا يعني أنه على من يحكم اليوم أن ينتبه إلى ما يحصل في قطاع الفلاحة من مردودية عالية وأن ينتبه كذلك إلى المتغيرات الكبيرة في القطاعات الاقتصادية الأخرى وما تشهده البلاد من تحولات في نسيجها الاقتصادي الذي يفرض اليوم أن نغير من نظرتنا للأمور ومن أولوياتنا وخياراتنا الاقتصادية وأن نختار منوال تنمية جديد يقوم على الفلاحة التي تتحول إلى قاطرة للاقتصاد فتونس ليست بلدا تمتلك صناعة كبيرة وقوية بامكانها ان تحقق النمو وهي لم تعد بلدا يراهن على السياحة لتحقيق الثروة ولكن تونس يمكن أن تصبح قوة اقتصادية بفضل الفلاحة ويمكن أن تحقق نقلة نوعية لو تتم المراهنة على الفلاحة وهو مطمح مشروع وممكن التحقق فقط لو توفرت الإرادة السياسية الحقيقية التي تفكر في مصلحة البلاد والشعب بعيدا عن كل المصالح الضيقة لبعض الجهات النافذة التي من مصلحتها اأن تبقى البلاد على حالها ويحكمها منوال تنمية وخيارات اقتصادية فاقدة للصلاحية ولم تعد قادرة على الافادة وتحقيق الاضافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.