عندما أعلن "هايكو ماس" وزير الخارجية الالماني من مدينة "زوارة" الليبية عزم بلاده على عقد مؤتمر دولي حول ليبيا خلال الشهر الحالي(جانفي2020)، الهدف منه " وقف التدخلات الأجنبية في الأزمة المشتعلة" ، وكأنّ ألمانيا هي المؤهّلة أكثر من غيرها للعب الدور الرئيس في حلّ الأزمة الليبية بذريعة أنّها الأكثر حيادا إزاء الأطراف الداخلية والخارجية المتنازعة على الأراضي الليبية. ربما كان الوزير الألماني يتكئ إلى أنّ برلين امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على قرار فرض حظر جوي على نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا ، كما أنّها لم تشارك في قصف ليبيا التي قام بها الحلف الأطلسي في ما سمِّيَ عملية "فجر أوديسا". لكن روسيا والصين وألمانيا والبرازيل والهند امتنعوا أيضا عن التصويت على قرار الحظر ، وفي الوقت ذاته فإنّ فرنسا قادت عملية "فجر أوديسا" الأسود بمشاركة إيطاليا وإسبانيا ، وجميعها دول تنتمي إلى الاتحاد الأوربي والحلف الأطلسي اللذين تنتمي إليهما ألمانيا التي امتنعت عن التصويت والقصف لكنّها تواطأت بعدم الاعتراض عليهما .بل إنّ الصحافي الألماني شتيفن بوخن، الذي منحته برلين جائزة ألمانية تقديرية "لجهده في تغطية أحداث الربيع العربي" يعتقد في حوار أجراه معه موقعDW بأنّ قصْف الحلف الأطسي لمؤسسات الدولة الليبية "غيَّرَ وبشكل إيجابي مِن سمعةِ الناتو نسبياً في العالم العربي"!. واللافت أنّ برلين أبعدت الأطراف الليبية والدول المجاورة لليبيا عن مؤتمرها العتيد بينما دعت إليه الدول الأجنبية ذات الحضور العسكري في ليبيا ، وفي الوقت نفسه تزعم أنها تريد قطع الطريق على التدخُّل التركي – القطري في ليبيا. وهذا يذكرنا بإعطاء الحكومة الألمانية ، حسب موقع "دويتشه فيله" الضوء الأخضر لأربع صفقات تسليح بقيمة 3.09يورو لصالح تركيا شريكتها في حلف الناتو، بعد أن كانت قد أعلنت عن حظر تصدير الأسلحة إلى تركيا بسبب عملية "نبع السلام" شمالي سوريا. وواقع الحال أنّ ما ترمي إليه برلين التي تدعم حكومة السرّاج الموالية لأنقرة وتدعو باريس إلى الضغط على الجنرال حفتر - عدا العودة بقوة إلى الساحة الدولية ، هو أن يكون لها نصيبها من "الغنيمة الليبية" ، غبّ تسوية الأزمة على حساب الشعب الليبي . علاوة على السعي الألماني غير الخفي للحصول على صفقتي الكهرباء والنقل الحديدي في هذا البلد المنكوب.