القصرين : إحالة موظف والاحتفاظ بمقاول في قضية تدليس    العاصمة: قرارات إخلاء عاجلة ل248 بناية مهدّدة بالسقوط    إعصار ''راغاسا'' يحصد الأرواح في تايوان: انهيار سد وفيضانات مدمّرة..شفما؟    تفعيل بروتوكول الطوارئ في سفن أسطول الصمود..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    عاجل: شنوّة صار في الإكوادور؟ عنف وحرائق مع بداية الإضراب    برشا تشويق في الرابطة: 4 ماتشوات في نفس الوقت وهذه أبرز المواجهات    البطولة الإسبانية : تعادل إسبانيول مع فالنسيا 2-2 وأتلتيك بلباو مع جيرونا 1-1    مبابي وفينيسيوس يتألقان في فوز ريال مدريد 4-1 على ليفانتي    أمطار غزيرة بهذه المناطق اليوم..#خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''البشائر متواصلة اليوم والأمطار حاضرة بتفاوت في الكميات في هذه المناطق''    علي الزرمديني: استهداف أسطول الصمود رسالة ترهيب دعائية لا توقف المسيرة    معرض السياحة Top-Resa بباريس: تونس تسجّل حضورًا قويًا وتؤكّد مكانتها كوجهة مفضّلة    ترامب يتوعد ABC بعد عودة الكوميدي جيمي كيميل إلى الشاشة: "ربما أربح أكثر هذه المرة"    المنستير: تقدم أشغال مشروع توسعة وتهيئة ميناء الصيد البحري بطبلبة    مسألة الهجرة ،ومعالجة الهجرة غير النظامية ابرز محاور لقاء وزير الخارجية بالمفوّض الأوروبي للشؤون الداخليّة والهجرة    تونس تدعو من الأمم المتحدة إلى جعل صحة الإنسان محورًا للسلام والاستقرار العالمي    وزارة الصناعة: محطة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بولاية توزر سجلت تقدما في الأشغال بنسبة 75 بالمائة    ضبط ملفات "سرية" ووثائق "أسلحة دمار شامل" لدى بولتون    وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل : دوي انفجار قرب إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في البحر المتوسط.    تفاصيل الهجوم الذي استهدف اسطول الصمود العالمي    ماذا في ميزانية 2026: التشغيل، الاستثمار والتحول الرقمي في صميم الأولويات    عاجل: صدور قرار يتعلق بمؤسسات إسداء الخدمات بالرائد الرسمي... التفاصيل    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    شبكة مخدرات تتفكك المروج: التفاصيل اللي ما تعرفهاش    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    البطولة الفرنسية : فوز مرسيليا على باريس سان جيرمان بهدف دون رد    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم أحرق؟! (5)
نشر في الصريح يوم 15 - 04 - 2011

بعد أن عدت إلى الحياة واستيقظت من الغيبوبة وأنا في الساحة الخارجية أمام محطة قطارات باليرمو وجدت حولي من يحاول أن يواسيني.. ومن يحاول أن يساعدني على الوقوف.. ومن يحاول أن يتعاطف معي بكلمات لا أفهمها ولكنني أدركت معناها الإنساني والودّي.. ولكن ما أحزنني أن هناك غير بعيد عني مجموعة من الصعاليك العرب كانوا يتضاحكون.. ويستهزئون بي.. .ويتحرّشون بي بكلمات نابية ووسخة وساخة ملابسهم ووجوههم وسلوكهم..
وكان من بينهم ثلاثة توانسة ظلّوا يسخرون مني.. وعبّروا بمنتهى السعادة عن شماتتهم فيّ واقترب منّي واحد منهم ليقول لي: «اش مجيّبك لبلاد الطليان كيف إنت ما عندكش بونية».. ورفع يده ولوّح بها في الهواء وهو يقول:
«والله تستاهل نكمّل عليك بونية نكسرلك بيها وجهك.. أعملت العار للتوانسة.. التونسي يضرب وما يتضربش.. إحنا التوانسة هنا في إيطاليا أصحاب باع وذراع و«بونية.. وما ثماش اشكون يطيّحنا.. وإلا يغلبنا.. وإنت أول تونسي يتغلب هنا في إيطاليا.. هيّا عاد برّة روّح ما دام ما عندكش بونية»..
بحثت عن حقيبتي فلم أجدها.. ورحت أحاول أن أعثر عليها ولكن دون جدوى.. ولكنني لمحتها عند أحد التوانسة.. لقد استولى عليها.. ويومها عرفت «الشماتة» ومعناها وأصلها وفصلها..
قبل ذلك اليوم لم أكن أعرفها.. كنت اسمع بالكلمة ولكنني لم أكن أعرف معناها..
هؤلاء أولاد بلدي.. وقد أظهروا من «الشماتة» ما أرعبني.. وهنا تذكرت تلك العبارة التي كان يرددها دائما عمّ محمد حجّام الحومة: الله لا تقطع «الشماتة» من أمة محمد..
ولكن الأجانب لم يضحكوا عليّ.. ولم يسخروا مني.. ولم يشمتوا فيّ مثلما فعل معي أولاد بلدي.. ولولا أني ابتعدت عنهم وتحاملت على نفسي لكي أسرع في الاختفاء عنهم لربما كانوا يعيدون ما فعله معي الصعاليك الستة..
ورحت أتسكّع في طرقات باليرمو بثيابي المتسخة والممزقة ووجهي تكسوه الدماء.. وفي كل خطوة كان شعوري بالقهر.. والظلم.. والخوف كذلك يتضاعف..
وفي لحظة ما تمنيت أن أبكي.. ولكنني تذكرت أمي التي كانت لا تكف عن البكاء ولكن دموعها لم تغسل أحزانها.. ولم تستطع أن تبتعد بها عن الدائرة المأساوية التي كانت تحيط بها..
لقد غرقت المسكينة في الدموع الى حد الاختناق!
وهل سينفعني البكاء؟.. تساءلت بحيرة.. ولكنني لم أستطع أن أمنع نفسي فانخرطت في نوبة بكاء مرّ..
كنت كطفل صغير!!!
كنت كالفراشة!!!
كنت كالريشة في مهبّ الريح!!!
ولم أكن بحاجة الى أن أتأكد أنني من المستضعفين في الأرض.. فأنا أعرف نفسي وأعرف أنني أنتمي الى هذه الفئة منذ أن ولدت.. ومنذ أن جئت الى هذه الدنيا..
لقد ولدت ضمنها.. وفشلت في الخروج من فلكها.. وظللت أحمل فوق ظهري ضعفي وحزني..
إلى الآن مازلت منهم.. ومازلت أشعر بضعف رهيب حتى إنني أتوقع في كل لحظة أن أنكسر.. ومازلت الى هذه اللحظة ورغم أنفي أشعر بأنني من المستضعفين في الأرض..
آلاف المرات أقف على باب الله.. فأتوسّل إليه.. وأناجيه.. وأتقرب إليه.. وأحتمي به.. ثم أسأله: أليس الإيمان بك يا ربّ وبرسولك وبقرآنك هو قوّة ما بعدها قوّة تقوي المؤمن وتشد من إزره.. وتحصنه.. وتحميه من الضّعف.. فكيف إذن وأنا المؤمن أجد نفسي من المستضعفين.. والمعذبين.. والمقهورين.. ولا حول لي ولا قوة.. كيف.. إنني أسألك يا ربّ؟!!
وتمنيت أن أقف في أكبر ساحة في باليرمو وهي قريبة من الميناء وأصرخ.. وأصرخ.. غاضبا.. وساخطا.. ومحتجّا..
ولكن الخوف القديم المتجدد ألجمني.. وقطع لساني.. وأخرس صوتي..
الخوف من الحاكم الذي يسكنني أمرني بالسكوت..
أحنيت رأسي ومضيت في طريقي.. وقلبي في يدي يرتعش كالعصفور المبلّل بالماء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.