كل ما أثبته الدكتور قيس سعيد منذ توليه الرئاسة هو التقهقر المستمر لشعبيته !..فأفكاره وتوجهاته مقتضبة الى حد التناقض، وهولا يُحسن إدارة البلاد لا في الداخل ولا في الخارج!.. وطبعا آخر هذه الأخطاء الكبيرة هي إختياره إلياس الفخفاخ! إختيارٌ أكّد به أنه يستهين بصوت الشعب وخاصة بالمنافسات الإنتخابية!..لقد اثبت صحة مقولة ميشال فوكو:.. dès qu'on touche au pouvoir on cesse de savoir le. pouvoir rond fou…… الفخفاخ لم يحصل في الإنتخابات الرئاسية الفائتة سوى على صفر فاصل من الأصوات (حصل فقط على 11532 صوت وهو عدد لا يمكّن احيانا حتى من الحصول على مقعد برلماني!.. محمد عبو مثلا فاقه تقريبا ب11مرة! أما عبير موسى فقد فاقته ب12 مرة ! والصافي سعيد ب20 مرة! وعبد الكريم الزبيدي ب24 مرة!..هذا دون ذكر نبيل القروي الذي فاقه ب90 مرة حيث حصل على أزيد من مليون صوت!..) فهل هكذا الإستهانة بمشاعر المتنافسين، لا سيما وأن قيس سعيد على يقين بأن مصيبة تونس تكمن أصلا في الأنانية والزعامتية والصراعات الحزبية والمحاصصات؟؟!..هل يعقل لقيس سعيد أن يأتي بشخص من آخر الترتيب ليضعه في الصدارة ويصنع منه «زعيما»؟؟؟...متى كان «زعيما»؟؟؟ في 8 افريل 2017 كتبتُ مقالا ب«الصريح» بعنوان- دعوة الى بعث هيئة وطنية- ولقد كنتُ به أول من أشاد بقيس سعيد كبديل سياسي! ومن بين ما جاء في المقال هذا المقتطف الطويل: (التردّي الذي وقعت فيه بلادنا تتحمل الجانب الأكبر من وزره الأحزاب الوطنية لأن جوهر الأزمة هو من دون شك سياسي.أما من لا يفهم هذا فهو بعيد كل البعد عن الفهم الصحيح!..لكن وبما أن هذه الأحزاب التي قسّمت الإرادة الوطنية لا أمل في اصلاحها، فالوزر المتبقي تتحمله ايضا بعض الشخصيات المتميزة من النخبة الوطنية،والتميز الذي نعنيه هنا هو أساسا وقبل كل شيء التميّز بالنزاهة والمِصداقية والشعبية أما "التكنوقراطية" ففي المحل الثاني وليس الأول!.. وفي تونس توجد عدة شخصيات محترمة وغير حزبية ومنها الأستاذ قيس سعيد والصافي سعيد ومنصف وناس ووو...إنه من واجب هذه الشخصيات التعاون في ما بينها لتشكيل -هيئة وطنية- لإنقاذ البلاد من سراب الحزبية وصراعاتها...هذه الهيئة لو تشكلت ستكون كفيلة بتجميع أكثرالتونسيين في اي انتخابات! أما الوجوه الحزبية المعتادة التي ارتبطت صورتها بالأنانية والمناكفات فقد صارت مصدرا للنفور واليأس. فكل الحزبيين غرّتهم الأماني والطموحات الشخصية على حساب مأساة الشعب، فهي شخصيات زعامتية أنانية شغلها الشاغل هي اجتماعاتها ومؤتمراتها وإستعداداتها الإنتخابية، أما الشعب فهو غارق في مستنقع من الإحتياج والبطالة والفوضى والجرائم والانتحارات!...) ومعلوم أن الأستاذ قيس سعيد وغيره من أغلب النزهاء المحايدين كان يشاطرني الرأي ويقر بمصيبة الصراعات الحزبية، فهو كان كثيرا ما يذكّر بالآية [ كُلّ حزبٍ بما لديهم فرحون] !..فكيف يستهين الآن بحساسية الزعامتية كأنها لم تكن ؟؟... ومن ناحية ثانية توجّهات الفخفاخ الفكرية والسياسية بعيدة كل البعد عن شخصية قيس سعيد التي عرفناها محافظة وترفض المساواة في الإٍرث إعتمادا على "صريح النص القرآني" كما قال هو، الى درجة أن البعض اتهم قيس سعيد بحزب التحرير وبالسلفية! أما الفخفاخ فهو على نقيض هذا تماما، ففي حملته الإنتخابية وغيرها من الصريحات بيّن انه "يحترم المثلية والمساواة في الإرث.."! هذا ناهيك عن أن حزب التكتّل لا يجرّم التطبيع بدليل أن مصطفى بن جعفر أقر اواسط 2012 خلال زيارته الى النمسا بالتطبيع وقال حينها بشكل مغالط للحقيقة:" تجريم التطبيع لا يهم سوى قلة شاذة من الشعب التونسي"! فأي علاقة تجمع قيس سعيد "المحافظ والمجرّم للتطبيع" بالفخفاخ!؟؟ يبدو أن تصريحات قيس سعيد سرعان ما تذهب أدراج الرياح كمن يكتب على كثيب من رمال! فإستقباله لأردوغان المطبّع يدل على هذا! فاردوغان علاقته بالكيان الصهيوني تتجاوز التطبيع الى درجة الودية، فهو الوحيد من رؤساء المسلمين الذي وضع باقة زهور على قبر مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل!!.. وأيضا قيس سعيد علاقته بإخوان ليبيا مريبة، فهو قد استقبل بحفاوةٍ العديد منهم، لكنه لم يستقبل أي احد من برلمان طبرق الشرعي الوحيد الذي فاز في انتخابات 2014 على حساب هزيمة الإخوان الذين تمرّدوا ومازالوا متمرّدين على النتائج الإنتخابية.وأيضا هو لم يستقبل أحدا من قادة الجيش الليبي الذي يعمل تحت حكومة عبد الله الثني التي تعمل تحت إمرة البرلمان الشرعي المذكور!..وهنا لنفتح هذا القوس حول ليبيا فنقول:(( لو كان قيس سعيد كما عهدناه شجاعًا يصدع بالحق ولا يخشى في الحق لومةَ لائم حيث ادان التطبيع وإعتبره خيانة عظمى،لو كان شجاعا كذلك لوضَعَ يده بيد المشير حفتر ذلك الرجل الوطني الفذ الذي، رغم تقدمه في السن،لم يستسلم بل وضع نصب عينيه توحيد بلاده وتخليصها من المليشيات والعصابات الإخوانية وغيرها، التي ما حلت ببلاد إلا وخربتها!.. وللتأكيد على براءة المشير حفتر، المستهدف بالأكاذيب الإعلامية الإخوانية، يكفي فقط أن نذكّر الرئيس قيس سعيد بأن ملحمة بن قردان لم تكن لصد الجيش العربي الليبي والمشير حفتر، وإنما لصد الجرذان الإرهابيين!!أليس كذلك !؟؟ إنّ المشير حفتر هو الآن طوق نجاة و بارقة أمل ورحمة من الله تعالى بليبيا وبشعبها، فسراب ما يسمى "الإنتقال الديمقراطي" بيّن بكل وضوح أنّ بلداننا العربية من المستحيل ان تقوم لها قائمة في ظل صراعات الديمقراطية الليبرالية الملعونة التي أنهكت الإقتصاد وشردت الشعوب وأوقعت بينها العداوة والبغضاء الإعتباطية. ويكفي أن نذكر بتونس التي يعتبرها بعض البلهاء التافهين "نوّارة الربيع العربي"في حين هي على مشارف الإفلاس ومكبّلة بالمديونية ومتفشية فيها الجريمة والفساد حتى قال قيس بعظمة لسانه منذ حوالي سنة: "شبكات الفساد بتونس أكبر من شبكات التطهير"!..تونس الآن عاجزة حتى عن تشكيل حكومة، وحتى لو تشكلت فستكون يكل تأكيد أكثر عجزًا!.. ما يجب أن يعرفه الجميع هو أن دولةً بلا زعيم هي دولةٌ ساقطة في هُوة بلا قرار، وقديما قيل : لا يصلح الناسُ فوضى لا سراةَ لهم** ولا سراة إذا أوغادُهم سادوا !..فمن دون شك حين تسقط أمةٌ في مستنقع الفردية والفئوية والصراعات الحزبية الى درجة خيانة الوطن أو تقسيمه أو بيعه يكون ظهور الزعيمُ الحقُّ دليلًا حقا على أن الله مازال ينظر إليها بعين الرحمة ولم يلعنها [لو أنفقتَ ما في الإرضِ جميعا ما ألفتَ بين قلوبهم ولكنّ اللهَ ألّف بينهم، إنه عزيزٌ حكيمٌ] !))