بعد جولات من الاجتماعات والنقاشات حول هيكلتها والتي أخذت وقتا طويلا تركزت هيئة حماية الثورة وتحدد أعضاؤها ومكان اجتماعها وهو مجلس المستشارين السابق الذي لم يكن يستشار في شيء. بعد كل هذا بدأت الهيئة عملها واتخذت إجراءات ثورية!! الأول جعل تشكيل القائمات الانتخابية مناصفة بين الرجال والنساء وهذا إلزام وليس خيارا والأمر الثاني «تحريم» مشاركة أي شخص كان عضوا في حكومة أو التجمع طوال ال 23 سنة الماضية وهو قرار شمولي لا انتقائية فيه والأمر الثالث اختيار نظام القائمات في انتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤها في ال 24 من جويلية القادم إن لم يغير التاريخ طبعا. لا يجب أن نغتر بهذه القرارات فلو نظرنا إليها نظرة سطحية لقلنا هي قرارات هامة ورائعة وهات من تلك الصفات التي قد تخطر على بال أي أحد منا. لنأخذ مسألة المناصفة بين الرجل والمرأة أريد أن أسأل هنا هل قال من ثاروا لهذه الهيئة التي لم يختاروها بأن هناك اشكالا حول علاقة الرجل بالمرأة في بلادنا ثم هل يمكن تطبيق هذا القرار في المناطق المحافظة والتي لن تقدر على جمع العدد المطلوب من النساء بالكفاءة المطلوبة ليكونوا ممثلين لهذه الجهات في الانتخابات. عندما تابعت تفاصيل النقاش حول هذه المسألة وبدت ان هناك هدفا لأطراف ما أصرت على هذا القرار تريد أن تثبت بأنها متفتحة ومعاصرة وأنها ليست ضد المرأة لكن السؤال هنا من وكل هذه الهيئة الهرمة والتي جل أعضائها ينطبق عليهم قول القائل «لقد هرمنا..» ليمثلوا الشباب الذي قام بثورته ثم هل انتهت المشاكل والعوائق لنحصر نقاشاتنا في ضرورة إعطاء المرأة مثل نصيب الرجل في المجلس التأسيسي. لنتجاوز هذا الأمر ونعتبره صائبا وهو ليس كذلك أريد أن أسأل عموما أين الشباب بعد الثورة أين هم في مواقع القرار؟ ألا يترك شيوخنا الحكماء والذين كانوا ينظرون لنا حول نهاية عصر الثورات وأن الدستور يمكن تنقيحه لضرورات المرحلة شبابنا يعمل معهم على الأقل لماذا يرون دائما أنهم أصحاب الحقيقة وأنهم مالكوها ومروجوها ومعطوها وأن الشباب قاصر. ألم يكونوا يصفون شبابنا بالفراغ الفكري والسياسي والايديولوجي وأنه لا يحمل أي قضايا. من كان يخرج غاضبا متظاهرا عندما كان يعتدى على الفلسطينيين في غزة وفي جنين وفي رام الله؟ من كان يتعرض لقمع النظام ومحاصرته؟ ألم يكن الشباب من غضب وخرج مستنكرا صمت الأنظمة العربية على العدوان الإسرائيلي على لبنان ودعم حزب الله والمقاومة في حربها ضد جيش الكيان الإسرائيلي؟ أليس الشباب العربي في المعاهد والكليات والجامعات والشوارع؟ فلماذا لا يريد شيوخنا أن يقتنعوا بأن الشباب واع وناضج وقادر على فهم كل شيء وإلا لما أسقط أعتى نظام قمعي ديكتاتوري في العالم، نظام بن علي المخلوع. لا أريد أن ندخل في متاهات شرعية هذه اللجان التي شكلت من عدمها فأنا شخصيا أحب التعامل مع الواقع وأدرك أن للواقع أحكاما فهذه اللجان وجدت وهي موجودة فعليا وعمليا وبالتالي يجب أن ننطلق من هنالك هذا لا يعني تهميش الأصل فالأصل هو القضاء ونظامنا القضائي نزيه وكفء ولا شك في ذلك وبالتالي فليترك القضاء ليقوم بواجبه ولتقم هذه اللجان بعملها لكن عليهم أن يدركوا أن شرعيتهم ليست دستورية ولا قانونية فحول هذا جدل كبير وبالتالي عليهم أن يستمدوا الشرعية من الثورة وبالتالي من الشعب ومن الشباب الذي ثار وعليهم أيضا أن يدركوا أن الشباب قد يقبل أمورا ما لتسير الأمور وتتحرك ويستقر الوضع في البلاد لكن مع هذا فهم دائما حراس الثورة والقصبة في الانتظار وغير القصبة لحماية ثورتهم التي دفعوا فيها دماء غالية لا يمكن أن تذهب سدى أو أن يترك مصيرنا لانفعالات ومواقف لا تضع في اعتبارها أن الشرعية الوحيدة اليوم في ظل تعليق الدستور وحل البرلمان الدمية هو الشرعية الثورية هذا هو المنطلق وبالتالي ان كانت الأرضية صلبة ومتينة وشرعية أيضا فكل النتائج ستكون شرعية.