تضمر خطوط الفصل بين السياسة والمسرح في كثير من الأحيان ولطالما فاخر بورقيبة "أب التونسيين" بأنه كان ممثلا مسرحيا ويذكر رجال الرعيل الأول أن الزعيم كان يخطط مسبقا لبكائه في خطبه الجماهيرية الحماسية بما يمنح خطابه قوة أكبر للإقناع والغواية... واليوم في مسرح السياسة لاعبون من أقسام مختلفة وبمواهب متفاوتة، ورثوا الملعب فارغا بعد هروب بن علي الذي استمع في آخر عهده إلى نصيحة أدت به إلى الخروج هاربا بعد أن حدثنا "بكل حزم" بلهجة لقيطة لا هي الدارجة التونسية ولاهي العربية المحنطة البلاستيكية التي ألف التحدث بها أكثر من عقدين دون ملل أو كلل لا منه و لا من جيش مستشاريه الإعلاميين.... اختفى بن علي فجأة من الصورة وحل محله زعماء جدد... أحدهم فاجأته الكاميرا وهو يفاوض ضرسه بإصبعه لإزالة بقايا طعام في ما يبدو... وآخر لم يقدر على كظم غيظه من منشط ثقيل الظل فقال له ظانا أنه خارج البث "نرفزتني"... آخر بدعة _وكل بدعة ضلالة والضلالة كفر كما يقول شيوخنا المحدثون_ أن الشيخ السياسي لا يظهر إلا بين "ملكين" شديدي المراس واحد على اليمين وثان على يساره _اللهم اجعلنا من أهل اليمين يارب_ لايتحرك إلا بهما ولا يخاطب جحافل المؤمنين التائبين الراجعين إلى الصراط المستقيم إلا في حضورهما... بل إن شيخنا دخل بلاطو أحد البرامج التلفزية ضيفا مبجلا وهما يلاصقانه والحمد لله أنه لم يطلب من المذيع أن يستجوبهما... شيخنا الذي غاب طويلا في عاصمة الضباب دون أن يفقد قوة البصر في ما يبدو، غاب عنه حسب ظني وبعض الظن إثم أننا في تونس وفي هذه البلاد الصغيرة لم يألف أبناؤها أن يطل عليهم من يتحدث باسمهم تحت رعاية إلاهية ومع ذلك يحيط نفسه بحارسين يلفهما السواد... ماذا أراد شيخنا أن يقول إذ يحضر حارساه على المنصة وفي البلاطو؟ هل هو شيء من نصر الله ونقصد طبعا "حسن نصر الله" أمين عام حزب الله الذي لا يظهر إلا بحراسة شخصية مشددة ولكنها مبررة في ظروف لبنان الدولة الملاصقة للكيان الغاصب... هل يحس الشيخ بخطر داهم؟ ممن يا ترى؟ هل من المؤمنين و المؤمنات الذين جاؤوا زرافات للاستماع إليه بقلوب خالصة تائقة إلى جنة النهضة؟ أم هو الخوف من خصوم سياسيين لائكيين لا يخافون الله ولا يقدرون شيوخ الطريقة السياسية؟ شيخنا... نحن في تونس... رجاء لا تنس هذا