عاجل:العفو الديواني لا يشمل هذه القضايا    عاجل: أكاديمية البلديات تطلق وحدة جديدة للرقمنة!    الحماية المدنية : 338 تدخلا منها 102 للنجدة والإسعاف بالطرقات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    منصة رقمية للتوانسة لتسهيل تحويل الفلوس وتسريع الخدمات : شنوا حكايتها ؟    عاجل: حجز 4 آلاف لتر مياه غير صالحة للشرب بتونس!    حركة المرور رجعت طبيعية في المدخل الجنوبي للعاصمة!    في 7 دقائق : يسرقون مجوهرات نادرة من ''متحف اللوفر'' و 60 محقق على الخط    هزة أرضية بشدة 8ر4 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    نائب سابق يفجر جدلاً واسعا في ايران حول علاقات حميمية لجاسوسة إسرائيلية بمسؤولين: ما القصة..؟!    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    من المطر للشمس..أربعة فصول تعيشها تونس الأسبوع هذا    محرز الغنوشي: ''اواخر اكتوبر فيها بشائر ومؤشرات إيجابية ''    سوسة: مقتل "تيكتوكر" معروف بطعنات سكين !    السجن 10 سنوات وغرامات مالية لمروّج مخدّرات في الوسط المدرسي بالعاصمة    بالفيديو: هواتف مسروقة من فرنسا وتُباع في سوق المنصف باي    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    احذر.. تدليك الرقبة قد يسبب جلطة دموية وسكتة دماغية    موسم الفيروسات التنفسية جاء.. هذه الاحتياطات الي لازمك تعملها    حذاري: ''قصان الظوافر'' بالفم ينجم يسببلك جلطة في القلب!    خاص: النادي الإفريقي يواجه نادي جبل المكبر الفلسطيني وديا    مرناق: الحماية المدنية تنقذ 5 متسلّقين علقوا في أعلى قمة جبل الرصاص    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الأولى إيابا.. والترتيب    كأس الكاف: النتائج الكاملة لمباريات ذهاب الدور التمهيدي الثاني    صدمة لعشاق كرة القدم: لاعب ريال مدريد يتعرض لجلطة دماغية    تركيا.. إدانة 8 فنانين بتعاطي المخدرات في حملة أمنية واسعة    بوليفيا.. مرشح تيار الوسط رودريجو باز يفوز بالانتخابات الرئاسية    عاجل: النشاط الزلزالي يضرب تونس والجزائر.. شوف التفاصيل!    عاجل/ تجميد أموال 48 رجل أعمال..وهذه التفاصيل..    عاجل/ أحداث قابس: هذه آخر المستجدات بخصوص الموقوفين..    النقل في بلادنا: زيدو، مازال يتنفّس!!!    سواغ مان مجدّدًا أمام القضاء بتهم فساد مالي وتبييض أموال    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    فيلم "جاد" لجميل نجار يدق ناقوس الخطر حول وضعية المستشفيات العمومية التونسية    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    في إنجاز تاريخي.. المغرب بطلا لكأس العالم للشباب..    المغرب يهزم الأرجنتين ويتوج بكأس العالم للشباب    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    ترامب يقرر فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تركيا.: إدانة 8 فنانين بتهمة تعاطي المخدرات    عاجل: وزارة الداخلية: إيقافات وحجز كميات ضخمة من السلع والبضائع    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    «الشروق» تواكب عودة اللفت السكري إلى سهول جندوبة .. توقعات بإنتاج 30 ألف طن من السكر    بداية من يوم غد.. نقل السوق الأسبوعي بالقيروان إلى محيط ملعب حمدة العواني    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    أولا وأخيرا .. هل نحن حقا في تونس ؟    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مؤقتا رعدية    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجب حاجي يكتب لكم: لكل مقال مقام فلنستخلص الدروس... ؟
نشر في الصريح يوم 05 - 04 - 2020

قرأت مقال السيدة الفاضلة سمية الغنوشي الذي نشر في الصريح، واعجبت به كل الاعجاب، لأنه يدل على عمق في التفكير، وبراعة في الكتابة، ما يثبت انها من طراز رفيع المستوى، وجديرة بالتبجيل والتقدير، ويشرفني ان تونس انجبت مثلها، وهي ابنة الشيخ راشد الغنوشي الذي لا أشاطره الراي في تصوره المستقبلي لتونس، ولا اتفق معه في أحقاب من تاريخ تونس، وألتقي معه واشاطره في ما يعترف به في حديثه مع "رافنلو" ان بورقيبة "قاد البلاد الى الاستقلال، وعمم التعليم والصحة، وحرر المرأة" ويذكر "انه معه على كل ما لديه من اجل الخير"، ولو يغتنم الفرصة للترحم عليه في ذكراه، وعلى رفاقه في الكفاح، لأنه في اعتقادي ان مثل هذه الخطوة تبني اللحمة من جديد، وما احوجنا
اليها في هذا الظرف العصيب اعتقد أن الكاتبة ذكرتنا بمهنية، وأتت بوضوح على تاريخ جل الكوارث التي عرفتها الانسانية، مستخلصة منها التحولات والتغييرات النيرة التي تلتها، و ان ما قدمته عن دراية وتفكير، ومعرفة للتاريخ وخفاياه، اعتبره شخصيا درسا لمن اعتنق السياسة حرفة، وجعل منها سلما ومطية لبلوغ الاهداف، ولمن يتعظ بما يخلفه الوباء من دمار في بلادنا، يصعب تداركه في القريب العاجل، اذا تمادت رؤية العولمة و مؤيديها على مر الزمن، و يقينا كما ذكرت الكاتبة ان وباء الكورونا "لا يكترث للمقامات والرتب، ولا للجاه والمال ولا يرهبه كبار العالم وجبابرته ولا صغاره"، و هو آت على الكثير من الاحلام، وسيرجع التاريخ الى مجراه الطبيعي، وقد اختلط فيه النابل والحابل، وسوء معرفة الواقع، وانعدام الثقافة في السياسة واصولها الاخلاقية، لإدارة البلاد، والنهوض بها من آفة الفقر، و تفريق السلط واستقلاليتها هو السبيل المؤدي الى بناء الديمقراطية التي نادت بها اجيال، واستشهدت في سبيلها-وهم عند ربهم يرزقون- لا ان نواصل ببلادنا في طريق العجائب والغرائب، ويكون الزوج وزير دولة تراقبه زوجته المنتخبة في مجلس النواب، وهذا التصرف وغيره من باب اللامعقول يؤدى حتما الى الوضع الغير مرضي الذي نعيشه، ونحتاج اليوم الى ما نستخلصه من "شد دارك" الى "وقفة تأمل" وكل منا يحاسب نفسه على كيفية ادائه للواجب، ولو اهتدينا جميعا، بعد العزل الذاتي، واخضاعنا الى الحجر الصحي الى التفكير في المزيد من اللحمة والتآزر والاخاء، بحثا عن الاجماع من الخروج من المأزق بالتحولات الثقافية والدينية وغيرها التي نتصورها ملائمة مع العصر، ليكون افضل من اغتنام الفرصة لترويج برامج احزاب بدون مناضلين، يغيب عنها واقع البلاد ومآسيه، و ارتبطت بنظريات ايديولوجية، دفنها التاريخ في خانة النسيان بدون رجعة، تبكيها دموع التماسيح لا غير، فلا أسف اذا عليها، لأنها رمت، طيلة ما يفوق القرن، بالعامل بالفكر و العامل بالساعد، في متاهات و أوهام ورؤى، كشف التاريخ عدم جدواها، واكدتها الكاتبة في مقالها، واغتنمتها الليبرالية لتسيطر على العالم بأسره، وتدمر ما بقي فيه من اشراق للعبقريات، كل ذلك لفائدة مجموعات ضغط المال، والمهربات، ومدبري الاقتصاد الموازي، والعاملين على تطوير آفاقه ومناهجه، و كذلك أيضا من جراء اقلام، ومشاهد غير واعية، وهو اجرام في حق الشعب وفي مصيره الى الامام لم تتطرق الكاتبة الى الثورة، التي لا تخضع الى المقارنة مع اي ثورات اخرى، مهما كان مصدرها وتاريخها، و الى ما يمكن التصدي له، من كل الذين حاولوا الركوب على حصانها، وهم غير مهيئين لقيادتها، فتصرفوا فيها حسب اهوائهم، وغالبا استجابة لإملاءات احزابهم، فعمت عدم الكفاءة، ولم تثر الكاتبة هذا الوضع، ومخلفاته، وهي قريبة من موقع القرار، واهتمت بتحليل النكبة التي نعيشها مع العالم، وحسنا فعلت، لأن الوباء مصيبة عنيفة مخيبة لكل الآمال، تبعث الدمار، وتكشف الاساليب المعهودة الغير قادرة على بناء مستقبل واعد، مبرزة للوجود اختراقها لدعاة التغيير، ومن ساندهم في خطبهم الرنانة، التي كلها جعجعة ولا ترى طحنا، مليئة بالوعود البراقة، وبالحث على الضغائن، وتصفية الحسابات، عوض الكشف عن الواقع المرير اليومي الذي يعيشه المواطن، وقد فقد امانه، وهوى مستوى عيشه، وتعثرت احلامه، وارتكبه الخوف المريب على اهله وذويه، و بينت تجربة أغلب هؤلاء السياسيون الجدد في الحكم، بوضوح، عدم درايتهم، وقلة خبرتهم في تسيير دواليب الدولة، وما وصلت اليه البلاد من تعثر في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية هو حصيلة لمشروعهم.
ان المسؤولية ملقاة على عاتق تلك القيادات الفاعلة، التي لم تبلغها رسالة الكاتبة، فوزير الصحة مثلا يجوب وسائل الاعلام ويردد "ان تونس ستحقق انجازا يشهده العالم"، وله في هذا الميدان تجربة الفشل في مصيبة اخرى، لم يحاسب على ضعف أدائه فيها، والتي أدخلت كغيرها في خانة النسيان، وفي دستورنا يضطلع مجلس نواب الشعب بدور مراقبة السلطة التنفيذية، فلماذا لم يكون لجنة تحقيق، للنظر في تعامل وزارة الصحة مع مصيبة كورونا؟ لماذا لم تشكل لجنة قارة في المجلس لمتابعة هذا الموضوع المصيري وتأثيره السلبي على الدورة الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية؟ أين المخزون من متطلبات العلاج وما وصل اليه؟ هل يلبي طلبات العاملون في القطاع بمختلف اصنافهم؟ ماهي الاحتياطات التي أخذت لتفادي تأثير النكبة المتوقعة ثانية؟ ما هو عدد مستشاري الوزارة وما هو دورهم علاوة على الظهور في الشاشات والتصاريح العشوائية، التي اصبحت في متناول حديث الشارع؟... كل هذا المشهد أضر بالحقيقة عن الوضع الصحي الدي يترقبه المواطن فحان الوقت اذا لوضع حد للارتجال، وتكليف اكفاء مشهود لهم لإدارة المعركة، واستخلاص العبر منها، والتي كبدت الادارة ومؤسسات الدولة مجهودا فوق طاقة البشر، و التي لها لامحالة آثار سلبية على حياة المواطن، ولنترك خدمة الاهداف، وبلورة العقائد، والخوض فيها الى ما بعد الكورونا، ونعمل بدون مقابل، خدمة لتونس وشعبها لمعالجة الوباء، ولا يفوتني أن أختم هذه الورقة بشكر اهل الصحة جمعاء وقدرتهم، لا على اداء قسم مفبرك للهروب من الحساب يوم يحين ذلك من الذين اوحوا به، بل لما هم قادرون على بذله من تضحية في سبيل الغير، وكان لي شرف العمل بينهم كرئيس ديوان وزيرة الصحة، فهم شركاء في بناء الدولة العصرية، التي نشر فيها التعليم والصحة والسكن، وبعثت في ارجائها أصول الكرامة، ووحد شعبها في سبيل الأفضل، وجعل منه كيانا له حساب في المحافل الدولية.
في هذا الخضم الجديد، يتواصل خلط الاوراق على الساحة السياسية في بلادنا، فهذه المصيبة الكبرى التي حلت، والتي لم يقرا لها حساب من أي طرف مهما كان سيته ومكانته وقوته، وهذا الفيروس الذي ازعج العالم باسره، لا يمكن لأي حزب او منظمة مهما كانت سيطرتها ولو كان مشروعها "يتجاوز صلاحيته المحلي إلى الإطار العربي الأوسع"، ان ينتصر في حرب الكورونا بوحده، لأنه لم يعد من السهل إعادة عقارب الساعة إلى ما قبلها، والتصرف في السياسة وكأن شيئا لم يكن، والجدير هو الاتعاظ بما جاد به قلم الكاتبة في مقال آخر أذكر به لأنني شاطرته، لكن بدون جدوى من الحكام، ولا يزال حاليا موضوع الساعة
"ما زالت (تونس) تعاني من هوة كبيرة بين المكتسب السياسي وحجم الإنجاز الاقتصادي التنموي فالجهات الداخلية المهمشة والمفقرة والفئات الضعيفة من أبناء المدن لم تلمس تحسنا ملحوظا في مستوى عيشها وحياتها اليومية بل إن التقلبات السياسية والأزمات الاجتماعية قد أثرت على وضعها العام بصورة سلبية، فزادته تدهورا..."من اين يأتينا الحل ومديونية بلادنا وصلت الى حد لا يطاق؟ لا احد مطلقا، لا بد ان نعول على أنفسنا، كل منا يؤدي دوره من موقعه، في شفافية مطلقة بأريحية ضمير، ولنترك جانبا الذين يقول عنهم ابن خلدون "لا يفقهون " في تصاريحهم بتحقيق "انجاز يشهد له العالم في الكورونا" او في خلطهم بين العلم والدين بتأدية قسم، او لصحافة وطنية سيطرت عليها عدم المهنية، وأنهكها الارتجال والرداءة، و السؤال الذي يطرح نفسه، هل غاب دور هياكل المراقبة في هذا المضمار؟ ولا يفوتني في خاتمة هذه الخواطر ان اثني عن الكاتبة، وارحب برجوع الأقلام التي ذاع صيتها، تلبية لنداء الواجب، كالصحافي المحترف صالح الحاجة لإنقاذ ما يمكن انقاذه، فشكرا له و لأمثاله وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ صدق الله العظيم.
* الدكتور رجب حاجي : دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.