ليس مشكلة في أن تستحيل-كاتبا مبدعا-،فالمفردات والألفاظ مطروحة على-رصيف-اللغة،لكن الأصعب أن تكون ذاك المبدع القارئ،وهذا الدور المزدوج يجعل -الكاتب-كرها ملتزما أمام قارئيه في أن يقدّم لهم قدرا معرفيا ومعلوماتيا مهما يشارف اكتمال ثقافة الآخر الذي يجد ملاذه المعرفي عند كاتبه،هذا الدور قامت به الشاعرة التونسية والإعلامية هادية أمنة عبر مشروعها الشعري وكذا الروائي،ومن خلال -إبداعاتها-المدهشة(وهذا الرأي يخصني) وكبار الكتاب والشعراء من أمثال توفيق الحكيم ويوسف إدريس وأدونيس ويوسف الخال ومحمد الماغوط مرورا بالاستثنائي محمود درويش وجمال الغيطاني وواسيني الأعرج وأحلام مستغانمي وغيرهم.. كانوا يمررون قدرا معرفيا مذهلا عبر سياقاتهم النصية الإبداعية أو السردية مستهدفين خلق حالة من الوعي المعلوماتي لدى القارئ الذي اختلف دوره عن السابق بعد أن استحال شريكا فاعلا في النص،غير هذه الشراكة الباهتة التي أشار إليها رولان بارت بإعلان موت المؤلف/الشاعر. فالمؤلف أو الشاعر، لم يعد ميتا كما استحال في سبعينيات القرن الماضي،ولم يعد إلى أدراجه القديمة منعزلا عن نصه،بل هو الصوت الآخر الذي يدفع القارئ إلى البحث عن مزيد من التفاصيل واقتناص الإحداثيات السردية أو الشعرية بمعاونة الكاتب نفسه.. دعوني أقتحم حلبة الشعر للشاعرة-هادية-وأرقص إن لم تخني قدمايَ على ايقاع قصيدتها التالية: بكعبها العالي جاءته تُطقطق بمساحيق الغواية وجهها يغرق بالعطور الباريسية أعطافها تعبق براءة المكر من عيونها تُدهق قبلات الورود على خدودها تُشرق فاتنة في حبّها الكثير يغرق على نخبها طهر السلسبيل يُهرق بيادر الرياحين من مجالها تعبق حروف الأبجديّة بالكاد تنطق حرف الراء بلكنة عسل غاء تُطلق ينظر إليها الزيتونيّ و يضحك شهد فيها ضياء سناها وهام أبوها بطلق هواها ظرف القطط في رسم خطاها هويدتي أخاف عليك مجون السنون وعبث الدنيا فأنتِ فُتون طوّقتِ العيون وأنتِ صغيرة فكيف الحال إن صرتِ كبيرة ؟ سكبتُ فيك من روحي شِعري منهل للحرف في لحظة التجلّي علقتِ خواطري أمانة احكيها ترانيم شوق على أهداب قصيدة غّنيها (هادية آمنة)