لم تنفع أخلقة الحياة السياسية، ولا مواثيق برلمانية في جعل العمل السياسي و خصوصا البرلماني ذو قيمة و نجاعة كما يجب أن يكون خدمة للصالح العام، و هو ما جعل طيفا واسعا من التونسيين ينظرون بإحتقار كبير إلى العمل السياسي و البرلماني و السياسيين و السياسة عموما، و المطالبات بحل البرلمان لم تأت من فراغ، و لم تكن معزولة، كما لم تأت من فراغ الدعوات الملحة للعودة إلى النظام الرئاسي و القطع النهائي مع الشبه شبه، فشلنا حتى في إختيار النظام السياسي لم نعرف أين نتموقع، لم نختر لا النظام البرلماني الصرف و لا الرئاسي الصرف، ما جعل الرئاسات الثلاثة في تصادم شبه دائم، و سيظل التصادم ما ظل هذا النظام الهجين وهذه القوانين المُفسدة.. ليس هنا مجال مراجعة طبيعة النظام - و لو أننا سنأتي يوما ما لهذا و نكون بذلك قد تأخرنا كثيرا و ضيعنا وقتا ثمينا على الدولة- و لكن مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة تعود حليمة لعاداتها السافرة و تسجل عبير موسي النقاط على حساب سيف مخلوف الذي تجاوز كل الخطوط الحمر و لابد من إيقاف هذا العبث و هذا العابث لسبب بسيط، لا أخلاقي و لا سياسي، و لكن لعدم تعريض أطفالنا لمثل هاته السلوكيات و الحد من منسوب العنف الجارف في الشارع، و عدم محاسبة هؤلاء و غيرهم في وقته و ساعته، يجعل وتيرة العنف تتصاعد وتتصاعد وتيرة الإفلات من العقاب، وسياسة دعه يعمل دعه يُفسد، و قد تصاعدت وإنتهى الأمر!!.. البارحة أمني من نابل تطاول على الأخلاق و على النواميس و على الدولة و على المواطن و على كل شيء، يقع إيقافه بفضل نجاعة الفيسبوك (حمد الله )، و أظنه يتساءل عن سبب إيقافه، طالما من هم تحت قبة البرلمان يؤتون تقريبا نفس الأفعال و نفس التجاوزات، و لا أحد تدخل لإيقاف المهازل التي تكاثرت و تناسلت و لم نعد نعرف إلى أين نحن سائرون.. ليست مشكلتي مع عبير او سيف او غيرهما، مشكلتي مع من لا يلتزمون بالنواميس و القوانين من كل الأطراف، و هذه التجاوزات أصبحت تخنقنا كل يوم و أصبحت ترهقنا و تكلفنا الكثير و لا شيء فيها تغير منذ عشر سنوات.. منذ عشر سنوات هناك حالة من الفشل الخرافية، استعصى معها الحل كفيروس كورونا، ليس هناك قرار شجاع واحد ونافذ بقوة الفعل و قوة القانون يطبق على الجميع، و هذا خلل كبير وأصل المشكل.. ترى كم نائبا تعلقت و متعلقة به قضايا منشورة لدى المحاكم، أجزم أنهم أكثر من النصف، و بما أن العمل البرلماني صار غطاء سياسيا لمفسدة جزائية فلابد من التسريع في تعديل الأمور و تصويب الإخلالات، فالحصانة كما قلت منذ أيام، هي استقلالية و ليست غطاء يحتمي به النائب.. سيدي الرئيس، مازلنا نؤمن ببعض ما تؤمن به و مازلنا ننتظر التفعيل و لا شيء غير التفعيل، القوانين موجودة و النصوص موجودة و آليات التنفيذ موجودة و كل شيء موجود، ينقص شيء واحد، هو التفعيل و لا شيء غير ذلك.. هؤلاء و غيرهم من الفاسدين يستغلون ضعف أجهزة الدولة و يعرفون ثغراتها، و يركبون موجة المصالحة و العدالة الإنتقالية و يستفيدون من ظل الدولة ليبقوا في حالة تمعش دائم وقد تكاثروا حتى صاروا عصابات يتحدّونها في كل مرة.. نحن نضيع، أليس فيكم رجل حكيم!!؟؟؟