ماكنت احسب ان الصديق العزيز السيد الطاهر سريب رحمه الله سيغادرنا الى دار البقاء بغتة وبهذه السرعة فقبل أيام قليلة كان بيننا في مجلسنا الذي نكاد لانغيب عنه ثلة من الأصدقاء ممن يجمع بينهم الود والاحترام المتبادل والاهتمام بالشان العام كان الأخ الطاهر سريب رحمه الله احد هؤلاء وكان اقلنا كلاما الا بين الفينة والفينة ليصحح معلومة او ليدلي براي ارتاه من خلال تجربته الطويلة وخبرته الواسعة التي اكتسبها منذ شبابه المبكر وهو طالب دستوري في فرنسا وعودته منها مهندسا ليتولى ارفع الخطط العملية الوظيفية في واحد اضخم المشاريع الاقتصادية في مدينة منزل بورقيبة. رفض رحمه الله كل ماعرض عليه من مسؤوليات سياسية وهو الجدير بها فهو يرى ان النضال الوطني بعد تحرير البلاد الذي ساهم فيه بقسطه متعدد المجالات وان من اهمه وضع الخبرة التي اكتسبها هو وأمثاله من بناة دولة الاستقلال ليس بالضرورة أن يكون في تولي الخطط السياسية بل لربما يكون في الميادين الأخرى الاقتصادية التنموية والعلمية والاجتماعية اهم واكثر جدوى لم اتعرف علي سي الطاهر سريب رحمه الله الا في السنوات الأخيرة الماضية واكتشفت في الرجل الاصالة والاعتزاز بتونس والتعلق الشديد بمنطقة الجنوب الشرقي ومسقط رأسه جرجيس الذي ظل موصولا بها لا ينفك يتردد عليها يحي فيها ذكرياته ويلتقي مع من بقي من الأحياء من اقربائه وأصدقائه وزملائه ليعود الى تونس مقر إقامته حيث الاسرة والأصدقاء. كنا نسعد جميعا بإطلالته على المجلس وكان رغم انكبابه على جهاز هاتفه يتابع اخر الاخبار والاحداث يتابع احاديثنا ولا يتاخر عن اتحافنا بمعلومة او نكتة طريفة مصحوبة بابتسامة يوزعها على الحاضرين وكان يخص الجالس بجانبه وكثيرا ما أكون انا بملاحظات وتعليقات ذكية بريئة فيها الكثير من الطرافة والافادة. سي الطاهر سريب رحمه الله لا يحمل هما اخذ الحياة كما جاءته وظل الى الأسبوع قبل الأخير لايغيب على مجلس الاصدقاء يأتي متاخرا بعض الشيء فهو من يستخلص فواتيره ويقتني حاجيات ا لعائلة وكان هو من يطلعنا على آخر الأسعار غادرنا صديقنا الطاهر سريب رحمه الله على عجل تاركا في أنفسنا حسرة وحزنا عزاؤنا فيه انه هو السابق ونحن به لاحقون وموعدنا معه عند مليك مقتدر في مقعد صدق بجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جنات النعيم ان شاء الله. رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه وانا لله و انا اليه راجعون