انا لله وانا اليه راجعون لقد عرفته من سنين عدة ولم يتبدل أو يتغير، كنا نلتقي معا مع أصدقاء يجمعنا الاحترام والمحبة وذلك في اوقات باتت معلومة لنتبادل النكت ونمزح، ولم اره يوما ينفعل او يقول غير كلمة خير تؤكد أصالته وتربيته وحبه. لقد جاءت الاخبار هذا اليوم بوفاته صباحا ولم تكذب. فلم أقدر على التفاعل الى ان رجعت لصوابي وأدركت أن هذه الدنيا فانية وان الله قال في الاية17 من سورة الاعلى وهو الاصدق: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ. كان اتصالي به منذ ايام عشرة وذلك للاطمئنان على صحته وادردش معه قليلا كالعادة، قال لي يومها انه يشعر بأزمة برد حادة اثرت على مزاجه وهو ملازم للبقاء بالنزل، ولكن ارادة الله التي لا مرد لها، وقد اختاره لينعم بما قدم واخر. لم يكن عاديا منذ أن عرفته فنال إعجابي تقديري لتواضعه لحبه للغير وصبره ولطفه وحبه للناس بقلب كبير وصادق. كان وديعا يقبل المزاح ويتفاعل بضحكة، وكان مركز لقاءاتنا منذ سنين عدة ولم أسمع منه كلمة تؤذي، وكم كان خدوما لأصدقائه، إذ يترك شأنه ويتفرغ لشؤون غيره، وتلك صفة قليلة لم أرها في غيره. لقد بلغت بوفاته صباح هذا اليوم فبقيت جامدا أتذكر وأتأسف، ولكنني أخيرًا قدرت ان اتفاعل بما يمكن ونحن في فترة حجر عام ولا يمكن لنا ان نتنقل لنقوم بالواجب ونحضر لتوديعه الوداع الاخير المتعين ونترحم على روحه عن قرب ونتقدم بتعازينا لعائلته فردا فردا، وبما أن ذلك لم يتيسر فلم أجد ألا هذه الاسطر للتفاعل وأقدم تعازي لاحبته ولأهله وخاصة لأرملته وابنيه وحفيدته التي كان بها يفخر. وأقول لهم بصدق ومودة، فصبرا جميلا ال سريب ومن كانت له بهم علاقة نسب او قرب، ورحمة خالصة على المرحوم الطاهر سريب راجيا من الله يتقبله بعفوه وغفرانه ويسكنه جنانه وان ينزل علينا صبره، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. تونس في 28 أكتوبر 2020