هذا مثل جريدي حكيم جميل توارثه التونسيون جيلا بعد جيل وهو مثل يضرب للدلالة والتعبير مليا عن حالة من لا يرضيه في هذه الدنيا شيء حتى ولو كان عند كل العقلاء نافعا ومقبولا ومرضيا وحتى لو رفعوه من حضيض الثرى ووضعوه في علياء الثريا وقد وجدتني اردد هذا المثل على لساني منذ ان صدر بلاغ الحجر الصحي الحكومي الأخير فقد ارتفعت عدة اصوات لتتساءل بسرعة وعلى عجل وهي حائرة وشبه غاضبة لماذا صدر هذا البلاغ على الساعة الثانية بعد منتصف الليل؟ ولماذا لم تنتظر الحكومة حتى طلوع النهار لتعلم الناس بهذا البلاغ وبهذا القرار؟ لقد كنت اعتقد والحق يقال ان العكس هو الذي يجب ان يقع وان يصير في هذه الحال اي كنت انتظر ان يحمد هؤلاء المنتقدون الحكومة التي توخت في اصدار قرارها هذا البكور اوهذا التبكير اذ اعتقد انه يجب على العقلاء ان يفرحوا بهذا التوقيت الذي اختارته الحكومة في اصدار البلاغ قبل ان ينبلج الصبح وقبل ان يظهر نور الصباح؟ الا يجب على العقلاء ان يفرحوا بهذا الذي فعلته الحكومة وان يشعروا بالاطمئنان وبالارتياح وذلك بعد ان تاكدوا انها تعمل الى وقت متاخر من الليل ولا تنتظر شقشقة نسائم الفجر وإسفار نور الإصباح؟ الم نتعلم اولم نحفظ ونحن صغار في المدارس والمعاهد تلك الجملة الجميلة وهي ان الدولة يجب ان تكون ساهرة ومنكبة على تقرير وفعل ما يفيد المواطنين وكنا نتصور ان هذا التعبير مجاز لغوي لا صلة له بالواقع وبالحقيقة واذا بالحكومة الحالية قد جعلته في هذه الظروف الوبائية الخطيرة الاستثنائة حقيقة واقعية وليس مجرد شقشقة لسانية لغوية؟... ولقد سمعت هذا الصباح الناطقة الرسمية باسم الحكومة وهي تجيب عن السؤال المذكور اعلاه فكان جوابها بان اعضاء الحكومة سهروا الى ساعة متاخرة في تلك الليلة باحثين في ما يمكن ان يسطروه وان يصدروه من القرارات الفورية التي ياملون ان تنقذ البلاد مما تعيشه من ضيق في هذه الأزمة الوبائية الفجئيه ولما توصلوا الى ما راوه صالحا من القرارات بعد منتف الليل روا الا يؤجلوا تبليغها الى مطلع النهار بل راوا من الأفضل ان يبلغوا عنها في ذلك التوقيت المبكر الذي اختاروه والذي عجب له ضعاف العقول ولم يستسيغوه ولم يتقبلوه لا لشيء الا لانهم تعودوا على ان الأعمال في بلادنا موسومة بالتاخير والكسل ولم يتعودوا على العمل المبكر الذي يستوجب السرعة في ايجاد المخرج وادراك الحل فدون فهل نسي هؤلاء المنتقدون ان المسالة التي سهرت لاجلها الحكومة الى تلك الساعة المتاخرة من الليل هي مسالة تتعلق بحفظ الانفس وانقاذ الارواح؟ فهل اخطات الحكومة في اصدار بلاغها في مثل تلك الساعة التي سبقت بها نسائم الفجر وطلوع شمس الصباح؟ اما عن ابي ذاكر كاتب هذه السطور فهو يشكر صادقا هذه الحكومة ويحمد سهرها الحقيقي على استنباط القرارات والبلاغات التي تريد بها حقا حفظ وحماية الأنفس والأرواح ويدعو لها بالتفويق والنصر والفلاح ما دامت تعمل وتسهر وتتعب في غسق الليل دون انتظار طلوع الفجر وبزوغ شمس الصباح؟ الم نتعلم من رسول الله عليه الصلاة والسلام ان هناك عيونا لا تمسها النار ومنها تلك العيون التي سهرت في البحث عما ينفع وعما يفيد الناس؟ اجيبوني يا من تقولون ويا من تعلنون ويا من تفتخرون انكم متعلمون ومثقفون وقافزون وانكم من اهل الورق والقلم والقرطاس؟؟؟