لقد قال المفكر الصافي سعيد انه تحدث عن كل العالم في كتابه الجديد...الا تونس فانه لم يفهمها متسائلا (لم أفهم لماذا هي فقيرة ولماذا هي متخلفة).؟ ولما كان من حق التونسيين ان يستفيدوا من كتابات واعمال المثقفين الذين تعلموا وتثقفوا في هذه البلاد أليس من حقهم اذا ان يسألوا المثقف والمفكر والكاتب الصافي سعيد وهل ترى نفسك انك قد استفدت او افدت بفهمك لبقية الشعوب وبكتاباتك عن بقية البلدان اذا لم تستطع ان تفهم بلادك وان تجيب انت بنفسك عن تساؤلك لماذا بلادك التونسية فقيرة ولماذا هي متخلفة عن غيرها من البلدان في أكثر من مجال وفي أكثر من ميدان؟ لقد تعود العقلاء من المفكرين ومن الكتاب الكبار ايها الصافي سعيد أن يبدؤوا بفهم احوال واوضاع بلدانهم في المبدأ وفي الأساس وان يقدموا آراءهم وتحاليلهم وحلولهم لشعوب بلدانهم حتى يساهموا في حل مشاكلها و الرفع من شانها وليس ان يقولوا لشعوبهم انهم حائرون وعاجزون عن فهم أحوالهم وايجاد الحلول التي تنفعهم في معاشهم وفي معادهم فاذا كان هؤلاء الكاتب وهؤلاء المثقفون وهؤلاء المفكرون عاجزين حائرين في فهم كل هذه الأشياء فلماذا يكتبون ولماذا يتكملون ولماذا يسمعهم المبصرون والعقلاء؟ ألم يحاول الطاهر الحداد مثلا رحمه الله ان يبحث في احوال التونسيين الاجتماعية والاقتصادية والدينية ثم تقديم حلوله التي راها ناجعة نافعة مرضية اولم يفعل ذلك مثله ابوالقاسم الشابي وعبد العزيز الثعالبي والشاذلي خزندار ومن قبلهما المصلح خير الدين باشا وغيرهم كثير رحمهم الله وقدموا من الحلول ما راوه قمينا باصلاح احوال هذه البلاد؟ اولم يحاول طه حسين وعباس محمود العقاد وقاسم امين ورفاعة الطهطاوي وشكيب ارسلان وعبد الرحمان الكواكبي وغيرهم من المصريين ومن المشارقة فهم احوال بلدانهم بصفة دقيقة وايجاد الحلول التي تنفعهم في اطلاق ايديهم ومقاومة عجزهم لبناء بلدانهم الضعيفة الفقيرة المقهورة ؟ لقد كنت اود كغيري من التونسيين لو ان المثقف والمفكر والكاتب الصافي سعيد اسعدنا بمحاولته الجدية لفهم اسباب فقر التونسيين أسباب تخلفهم الذي ثبت له ولغيره من المثقفين والمفكرين وزاد فاسعادنا اكثر بما يراه من الحلول العاجلة الفورية والآجلة المستقبلية للخروج من هذا الوضع الخطير المشين اما ان يكتفي فقط بتقديم مثل تلك التساؤلات الحائرة فاننا نقول له بصراحة لقد فاجاتنا بما تقول لاننا لم نكن نرى ولم نكن نتصور ان مثلك قد تاه في الوقوف على الجواب المبعد والعاصم من الوقوع في حيرة غيره من العوام بما له من ثاقب التفكير وما أوتي من جميل الكتابة ومن فصيح الكلام اما اذا كان الحال على خلاف هذه الحال فعلى الثقافة وعلى التفكير وعلى الكتابة الف سلام وسلام وما اجمل ان نختم مقالنا بقول اخواننا المصريين منذ زمان في وصف حال العاجز عن افادة غيره بشيء من الأشياء وقد خيب فيه ظن المستعين به المرهق المتعب الحيران (جبتك يا عبد المعين تعني لقيتك يا عبد المعين عايز تنعان)…