منظمة الأطباء الشبان ووزارة الصحة تتوصلان إلى اتفاق يستجيب لأغلب مطالب الأطباء ويقضي باستئناف العمل بالمستشفيات العمومية    هولندا تُشدد قوانين اللجوء: البرلمان يقر تشريعات مثيرة للجدل بدفع من حزب فيلدرز    ترامب يتوقع رد "حماس" خلال 24 ساعة على مقترح وقف إطلاق النار    اتصلوا بكل احترام ليطلبوا الإذن.. ترامب: سمحت للإيرانيين بإطلاق 14 صاروخا علينا    المانيا.. سباحون يواجهون "وحش البحيرة" بعد تجدد الهجمات    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    بحضور مشعوذ.. زوج يقتلع عين زوجته لإستخراج كنز    رجيم معتوق: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر وتونس    عاجل: وزارة الصحة تدعو المقيمين في الطب لاختيار مراكز التربص حسب هذه الرزنامة... التفاصيل    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    عاجل/ ماكرون يهدد ايران..وهذه التفاصيل..    بعد أيام من زفافه .. وفاة نجم ليفربول تَصدم العالم    «شروق» على مونديال الأندية: الهلال لمواصلة الزحف ومواجهة «ثأرية» بين بالميراس وتشلسي    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    على خلفية وشاية كاذبة: تمديد الإيقاف التحفّظي للنائب السابق الصحبي صمارة    مستقبل المرسى يتعاقد مع اللاعب حسين منصور    كاتب عام جامعة الستاغ ل«الشروق».. ديون الشركة بلغت 7 آلاف مليار ولهذه الأسباب سنضرب يوم 17 جويلية    انطلاق دورة المتفوّقين الخاصة بالناجحين الجدد في الباكالوريا..    بعد تكرّر حوادث الغرق... مبادرة برلمانية لحماية المصطافين    برمجة جلستي حوار مع وزيرين    استطلاع البنك الأوروبي للاستثمار: المنافسة المتنامية تؤرق المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس أكثر من نقص التمويل    دعا إليها الرئيس خلال استقباله رئيسة الحكومة: حلول جذرية لكلّ القطاعات    حلمي ان اكون طبيبة وان اكون في خدمة الانسانية (الاولى وطنيا في مناظرة"النوفيام")    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: فوز المنتخب التونسي على نظيره الجزائري 87-64    اتحاد الفلاحة يطمئن: المنتوجات البحرية المعروضة عالية الجودة وتخضع لكل شروط حفظ الصحّة    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    وزارة التجهيز تعلن غلقًا وقتيًا للطريق المحلية رقم 541 بين جبل الجلود ولاكانيا بسبب أشغال توسعة    ملتقى تشيكيا الدولي - الجائزة الكبرى لبارا ألعاب القوى: ذهبية وفضية لتونس    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    عمرو دياب يفتتح ألبومه بصوت ابنته جانا    63.07 بالمائة نسبة النجاح في "النوفيام" وتلميذة من المنزه 5 تتصدر الترتيب الوطني بمعدل 19.37    بداية من الأحد 6 جويلية: توفير 10 حافلات خاصة بالشواطئ    منوبة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 81% وتجميع قرابة 320 قنطارا    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    بسبب حريق كبير.. إجلاء أكثر من ألف شخص في جزيرة كريت اليونانية    18 سنة سجنا لناقل طرود من الكوكايين من فرنسا إلى تونس    أكثر من 63% من التلاميذ نجحوا في مناظرة النوفيام 2025    لديك أموال في حساب متروك؟.. هذا ما عليك فعله لاسترجاعها..    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    تعرف شنوّة تعني الأعلام في البحر؟ رد بالك!    عاجل : طلاق بالتراضي بين فوزي البنزرتي و الاتحاد المنستيري ...تفاصيل    ''فضيحة اللحوم الملوثة'' في فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29    "الزنجبيل".. ينصح به الأطباء ويقي من أخطر الأمراض..    اضطراب في تزويد عين الناظور ببنزرت بماء الشرب وهذا موعد الاستئناف    جندوبة: حريقان يأتيان على هكتار من القمح وكوخ من التبن    يهم العفو الجبائي: بلاغ هام لبلدية تونس..    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    عزوف على شراء الدلاع للسنة الثانية على التوالي..ما القصة..؟!    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    عاجل/ قتلى ومفقودون في غرق عبّارة ..    بشرى سارة لمرضى السرطان..    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمين الشابي يكتب لكم: هل الدعوة للحوار هو إقرار بالفشل الذريع في إدارة الشأن العام.؟
نشر في الصريح يوم 07 - 01 - 2021

كثر اللغط و كثر الحديث و كثرت الاقتراحات و كثرت التصورات و المبادرات، و الكلّ يتغنّى بليلاه، لعلّه يفوز بها بعد فشل كلّ مريديها و محبيها و المتغزلين بجمالها السابقين، والكلّ يطلب يدها و يتودّد إليها. وكلّ الطرق تؤدي إلى ليلى، سواء عبر الحوار أو عبر الدعوة لانتخابات جديدة أو عبر الانقلاب على الحكومة القائمة أو بأيّ طريقة أخرى؟. المهم الفوز بيد ليلى؟ و ليلى هنا هي سدّة الحكم و حلاوة القصور و المراكز و الجاه و البخور و السيارات الفارهة و المساكن الشامخة و العزّ و الدلال و كلّ ما هو في الانتظار؟ كلّ هذا التودد الظاهر منه و الباطن يدور بعيدا عن المشاكل الحقيقية للبلاد و العباد…
و أيضا بعيدا عن حلحلة ما تردّت فيه ليلى من مصاعب شتّى و على كلّ الصعد: السياسية و الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتّى السيادية؟ و كلّ هذا التودد و اللغط - حتّى لا نقول العبث السياسي - يدفعنا لوضع سيل من الأسئلة مفادها، هل الدعوة للحوار هو بمثابة الاقرار بفشل إدارة الشأن العام بالبلاد لمدّة عقد من الزمن بحاله أضاعته الجماعة تحت " تقعيد العود "؟ و هل فعلا الحوار المرتقب - الذي بادر به الاتحاد العام التونسي للشغل و قبل به رئيس الجمهورية - سيكون خلاص لما تردّت فيه بلادنا من أزمات عميقة؟ و هل مازال للشعب التونسي ثقة في مثل هذه الحوارات و هل يأمل منها أن تبيض دجاجته بيضة الذهب و هو الذي لم يعد له طاقة على تحمّل المزيد من شعوذة السياسيين بحكم ما تردت فيه أوضاعه من فقر و ضياع و تدهور؟
إن كان الحوار من أجل الحوار فلا خير في هذا الحوار :
من البديهي أن نقول و أنّ الحوار ليس هدفا في حدّ ذاته، رغم تعدد المبادرات في هذا الشأن باعتبار أوّلا المبادرات التي اقترحتها جهات سياسية بعينها و بجانب ثانيا مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل و التّي حظيت مبدئيا بالقبول من لدن رئيس الجمهورية على أساس تبني شروطه و المتمثلة في اشراك الشباب و تقييم تحقيق أهداف الثورة و المضي قدما في انجازها.؟ و يبقى الحوار، رغم أنّ كلّ الحوارات السابقة لم تحقق المطلوب، الوسيلة المثلى لحلحلة الأوضاع أمام استفحال الأزمات المختلفة التي تعصف بالبلاد و العباد بشرط توفر الإرادة السياسية من قبل الجميع و صدق النّوايا في المساهمة الفعالة و الابتعاد عن الابتزاز السياسي الرخيص و المناورات الهامشية التي في النهاية لا تجدي نفعا بل تكشف مدى شعور أصاحبها بعدم المسؤولية حين يكون الوطن مهددا و مثقلا بعديد العلاّت و الأمراض خاصة أمام تنامي مظاهر العنف و الجريمة و الشعبوية العنيفة و النعرات الجهوية و الفئوية و التفكك للنسيج الاجتماعي التونسي و الاهتزاز داخل نخبه في ظل استشراء الفساد و تغوّل اللوبيات و أصحاب النفوذ أمام ضعف الدّولة و تقهقر صورة التونسي أمام المجتمع الدولي و خاصة الانحدار فير المسبوق لأوضاع الشعب التونسي؟ و بالتّالي لابدّ من رأب الصدع في كلّ الحالات و لن يكون هذا إلاّ عبر الحوار و لا غير الحوار و لكن الحوار المجدي لا من أجل الحوار الذي يضيع مزيدا من الوقت و الفرص على البلاد و العباد؟
إن كانت الدعوة للحوار هي اقرار بالفشل فهل من أمل لحلحة الوضع؟
في نظرنا المتواضع لابدّ أن يشمل الحوار كل جوانب الحياة التي مرّت بها البلاد منذ " الثورة "، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و أمنيا و سياديا؟
سياسيا، لابدّ من استكمال كلّ المؤسسات الدستورية و لعلّ على رأسها المحكمة الدستورية و الهيئة العليا للاتصال المرئي و البصري ( الهايكا ) و إعادة النّظر جديّا في النظام السياسي الحالي و قانون الانتخابات باعتبار المطبات التي يمثلها باعتباره نظاما أعرج لا هو برلماني و لا هو شبه برلماني حيث لا يوجد مثيل له في العالم فهو في نظرنا المتواضع نظاما هجينا سلبياته أكثر من ايجابيات و لنسمح لأنفسنا بالقول و كأنّه قدّ على قياس سروال عبد الرحمان حتّى لا نقول شيئا آخر و التجربة بيّنت كثرة مطباته و بالتالي علينا الاسراع في تصحيح هذا المسار حتّى تعتق الأيادي المغلولة نحو البناء و التشييد على طريق الديمقراطية الصحيحة لا المغشوشة و الملغمة؟ و طبعا بدون أن ننسى اعادة ارجاع منسوب الثقة للمواطن في سلطات البلاد و ذلك عبر الابتعاد عن كل مظاهر العنف السائدة حاليا و عبر صدق ما يتلفظون به من وعود و خاصة عبر ابتعادهم عن جوقة الفاسدين؟ و قبل هذا و ذاك لابدّ من تكريس من دعا إليه الدستور من حيث مدنية الدولة بعيدا عن من يحلم بكيانات أخرى لاهوتية لتونسنا؟
اقتصاديا، لابدّ من مصارحة الشعب التونسي و مكاشفته - بعيدا عن أساليب تلميع الأوضاع – عن الوضع الاقتصادي الحقيقي للبلاد و رسم خارطة طريق للإصلاح الشجاع و الجريء عبر اتخاذ قرارات، و ان كانت موجعة، و لكنها ترجع بالفائدة على العباد و البلاد و ضربة بدايتها تكون عبر الضرب على أيادي المتهربين من دفع ما عليهم من الآداءات و ذلك تكريسا للعدالة الاجتماعية و تكريسا للقيام بالواجب قبل المطالبة بالحقوق. و ثانيا عبر اصلاح المؤسسات العمومية التي تستنزف المالية العمومية سواء عبر إعادة تقييم طرق التصرف فيها و محاسبة الفاسدين و كلّ من تسبب في تلك الوضعيات و عبر تطهير المؤسسات الحيوية منها التي تمس المواطن، وذلك بتفعيل الحوكمة في تسييرها و طبعا عبر التفويت فيما لم تنجح فيه الدولة من التصرف في بعض هذه المؤسسات فضلا عن استيعاب الاقتصاد الموازي و الضرب بقوّة على لوبيات التهريب وخاصة الوقوف بقوّة القانون في وجه كلّ من تخوّل له نفسه بإيقاف عجلة الانتاج المختلفة وأخيرا إعادة النّظر في
"مأساة" صندوق التعويض الذي في وضعه الحالي يخدم القروش الكبيرة على حساب المواطن الضعيف.
اجتماعيا، تمثّل البطالة خاصة في صفوف الشباب والحاملين على الأخص للشهادات العليا أولوية الأولويات من أجل تشغيلهم سواء في القطاع العام أو الخاص غبر تشجيع الاستثمارات أو مساعدتهم عبر الطرق المتاحة لبعث مشاريعهم الخاصة . كما تمثّل ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة - حيث تصل حسب الاحصائيات إلى 100 ألف منقطع سنويا – قنابل موقوته قد تنفجر في أيّة لحظة و ما ظاهرة " الحرقة " عبر البحر إلاّ أحد تجلياتها و بالتالي لابدّ من ايلاء هذه الظاهرة ما تستحقه من العناية و ذلك عبر انقاذ المنقطعين حاليا بإعادة الرسكلة و التكوين المهني. و ثالثا عبر رفع الأعباء ما يتكبده المواطن من أعباء معيشية من غلاء الأسعار أو ارتفاع تكاليف الخدمات الأخرى و لعلّ على رأسها تكاليف الصحة و دراسة الأبناء و الحصول على مسكن. و أخيرا الضرب على أيادي المحتكرين المتاجرين بحياة الفقراء.
أمنيا، رغم اقرارنا المبدئي باستقرار نوعي تشهده البلاد و هذا منجز هام و أساسي على الحياة العامة و لكن دعنا نقولها صراحة و أنّ ظاهرة الارهاب مازالت قائمة الذات و مازالت متربصة بوطننا العزيز و ليس المجال هنا لتبيان ذلك رغم كلّ النجاحات التي حققتها قواتنا العسكرية و الأمنية و لكن تبقى اللحمة الداخلية بين أبناء الوطن الواحد مسألة ضرورية للتصدي لهذه الظاهرة العالمية. أيضا ظاهرة تفشي الجريمة داخليا و بشتى أنواعها في بلادنا خاصة بعد " الثورة " تمثل عبئا ثقيلا على المواطن و الدولة على حدّ سواء و بالتالي و بالرغم أيضا من النجاحات الكبيرة التي حققتها طواقمنا الأمنية للتصدي لهذه الظاهرة فلا بدّ من ابتكار أساليب جديدة و مجدية لإيقاف هذا المدّ الاجرامي التي لم تعهده بلادنا من قبل خاصة في ظل تنامي استهلاك المخدرات في أوساط الشباب وصل إلى حدّ حرمة المدارس و المعاهد و الكليات..
سياديا، المطلوب أن ترجع صورة تونس في الأوساط الدولية ناصعة أكثر بحكم انبهار العالم بثورة تونس و لكن يبدو و أنّنا لم نحسن استثمار هذا النجاح بل كشفت بعض التصرفات لدى البعض غياب هذا الهدف عند أولى الأمر فينا و وصلت إلى حدّ الولاءات لغير تونس و بالتالي لابدّ من فرض توجه يخدم الوطن دوليا عبر تحديد المسؤوليات و أيضا عبر معاقبة من يعبث بصورة تونس خارجيا و يعمل على المس من حرمتها و سيادتها كائنا من يكون فالوطن أعلى من كلّ الأشخاص و الأفراد واستغلال النفوذ السياسي للمس من سيادة البلاد ارقى في نظرنا إلى مرتبة الجريمة و الخيانة العظمى.
لنختم هذه الورقة باعتبار كلّ ما أتى فيها هي عبارة عن خطوط عريضة للحوار المرتقب من أجل أن نرتقي أوّلا ببلادنا نحو الأمل المنشود من تجاوز كلّ ما تردّت فيه بلادنا من أزمات ومعوّقات و مشاكل و بالتالي نبني في كنفه الحلول الكفيلة لتجاوزها، وثانيا نخشى ما نخشاها أيضا أن يكون هذا الحوار كسابقيه وهو فقط من أجل انقاذ و خدمة بعض الجهات السياسية و تمكينها من مواصلة المشوار في دفة الحكم لمدّة أخرى على حساب مصلحة الوطن و مصلحة المواطن المثقل بهموم ما يعانيه من أوضاع مترديّة على كلّ الصعد. و رغم كلّ ذلك نأمل خيرا للعبور ببلادنا عبر هذا الحوار – الذي نعتبره الفاصل و الأخير – إلى شاطئ السلامة لأنّ في صورة فشله سينتظر الجميع ربّما أياما صعبة وقاسية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.