قبل أن أكتب أي سطر في محاولة تفسير سكوت اتحاد الشغل المحير عن الهجمات الكلامية والخطابية التي وجهتها وصوبتها وسددتها نحوه عبير موسي فانني اريد ان اتوجه بالتحية الخالصة القلبية والشكر الجزيل باللسان الفصيح الى صديقنا وشيخنا الفاضل محمد الحبيب السلامي الذي سأل عن سبب غيابي غير المعتاد وتركي لعادة تحبير ما تيسر من السطور في صالون الصريح المتميز المتألق المشهور...وانني اجيبه واطمئنه انني بخير والحمد لله وكل ما في الأمر انني منشغل هذه الأيام بمشاغل ضرورية شخصية قد اخذت مني مأخذها بكرة وعشيا واستحوذت على اغلب اوقاتي اليومية وشغلتني بصفة لصيقة جدية عن عادتي ونشوة كتابتي وها انني رغم هذه الأشغال اكتب من حين الى آخر فما لا يدرك كله لا يترك كله كما يقول حكماء الرجال... وامر بعد هذه التحية الأخوية الى محاولة تفسيري لما ذكرته في مقدمة هذا المقال لاقول اني ارى ان اتحاد الشغالين قد راى وقد سمع مع السامعين ولاحظ مع الملاحظين حدة خطابات وقوة هجومات وغرابة تصرفات عبير موسي مع خصومها السياسيين وخاصة منهم النهضويين الذين احتاروا وربما عجزوا رغم عددهم ورغم عتادهم الكثير الكبير في مواجة وفي مجابهة وفي مقارعة وفي مصارعة عبير ولا شك انهم قد ضاقت بهم السبل ولم يجدوا في صدها وفي ردها ما يناسب من الحل ومن العمل، ولا شك انهم قد قالوا في خضم هذا الخطب وهذا الضيق وهذه المحنة (الله لا يعطينا ما يغلبنا) فاذا كان هذا هو شأن وهذا هو حال النهضويين في مواجهة عبير وهم يمسكون بخيوط حكم هذه البلاد ودواليب التسيير بعد ان انتصروا سياسيا على كل خصومهم السياسيين واختاروا ملاينتها وملاطفتها ومسايستها وعدم مواجهتها بحدة تضاهي وتناسب شدتها وحدتها منتظرين ماذا ستفعل بها الأيام... فكيف يختار اتحاد الشغالين وهو لا يمسك بصفة مباشرة خيوط السلطة في هذه البلاد سبيلا غير سبيل النهضويين ويدخل في صراع مجاني غير مطلوب بالنسبة اليه في هذه المرحلة مع عبير ومع حزب عبير ينهك قواه وقد يكلفه ما لم يكن ينتظره.. وما لم يكن يتمناه ولكن الأمر سيتغير حتما... وطبعا اذا وصلت عبير يوما الى حكم التونسيين ولا شك انها سترى وجها آخر شديدا واسلوبا اخرجديدا من ردود ومن مواقف اتحاد الشغالين وهذه لعمري خطة ذكية من الاتحاد فالدخول اليوم في صراع وعراك خطابي مع عبير موسي لا ينفعه ولا يجديه بل هو إضاعة لوقته وقوته التي عودنا انه دائما وابدا يدخرها ويختزنها لمواجهة خصومه الاساسيين وهم أصحاب السلطة وأصحاب القرار في هذه البلاد فهذا مجال صراعه الكبير الذي لا يتخلى عنه.. وهذا ميدانه الذي لا يفارقه ولا يبتعد عنه، وهذا امر وهذه حقيقة لا يجهلها إلا كل سياسي غر صغير مازال يتعلم دروس و فنون السياسة من أهل الذكر ومن أهل الدهاء ومن ذوي الموهبة في عمق التفكير وحسن التدبير...