اقترع يوم الإثنين 1 مارس 442 نائبا في البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ ينتمون الى 20 دولة أوروبية على بيان تشريعي نشرته وكالة (فرانس بريس) وتم ارساله الى كل وزارات الخارجية للدول العضوة في الإتحاد يدعو حكوماتها الى اعلان تنديدها بالاستيطان الإسرائيلي و يحثها على دعوة إسرائيل إلى الجلاء عن الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ الخامس منذ يونيه 1967 و وقف عمليات الاستيطان التي أدانها بحوالي 27 قرار مجلس الأمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة كما ندد بها البرلمان الأوروبي بسبب تجاوزها للقانون الدولي و خرقها للمبادئ التي ضمنها البرلمان الأوروبي في ميثاقه التأسيسي و أيضا بسبب تهديدها المستمر للأمن و السلام الدوليين في منطقة الشرق الأوسط و في العالم. ونشرت مجلة (لونوفيل أوبسرفاتور) الباريسية نص البيان وجاء فيه بالخصوص أنه بالرغم من جائحة الكورونا فإن عام 2020 شهد تفاقما كبيرا لعمليات هدم منازل الفلسطينيين ومرافقهم الحيوية وحتى بعض قراهم مع قتل المدنيين وهو ما يخالف جميع المواثيق الدولية والأخلاق الإنسانية ويعرض حياة المواطنين الفلسطينيين للخطر بوباء الكورونا ويشرد المزيد من اللاجئين تحت خيام جديدة لم تعد وكالة الغوث الأممية قادرة بسبب تقليص موازينها على تلبية هذه الحاجيات. وجاء في هذا البيان الأكثر جرأة منذ تأسيس لبرلمان الأوروبي أن الضفة الغربية تضم اليوم 3 ملايين و100 ألف مواطنا فلسطينيا و675 ألف مستوطنا إسرائيليا عوضت مستوطناتهم قرى لم تكن على ملكهم بل كان يسكنها أبناء الشعب الفلسطيني وتباغتهم قرارات هدم من السلطات الإسرائيلية بدعوى أنها بناءات فوضوية و غير مرخص لها! الجديد في لغة البيان هو أن المشرعين الأوروبيين ال 442 أكدوا على حكوماتهم ضرورة و حتمية اغتنام الفرصة التاريخية المتمثلة في فوز الرئيس جو بايدن بالبيت الأبيض بعد ما سموه مرحلة عصيبة تميزت بالشعبوية و الانحياز الأعمى لأطروحات إسرائيل أثناء حكم ترامب حيث قال أعضاء البرلمان بأن اللحظة التاريخية مناسبة اليوم للتنسيق بين جناحي الغرب (أمريكا و أوروبا) حتى يجنب الغرب العالم و أمن العالم مخاطر حرب مدمرة بسبب تعنت اليمين الإسرائيلي و إصراره على تحدي المجتمع الدولي و لفتوا أنظار حكوماتهم إلى التلاعب بمصطلح "الإرهاب" و استخدامه من قبل حكومة ناتنياهو لتبرير العدوان المتواصل على حقوق الشعب الفلسطيني و ذكروا بأن هذا المصطلح تم تمييعه و إعادة تدويره منذ الحادي عشر من سبتمبر الرهيب في دبلوماسية الرئيس بوش الإبن حين دشن عهد إرهاب الدولة العظمى بدعوى الحرب ضد الإرهاب و بكارثية التداعيات التي نعرفها لأن منظري المحافظين الجدد وفي غضون ستة أسابيع فقط بعد 11 سبتمبر دفعوا الكونغرس الى سن القانون الذي نعرفه باسم «باتريوت أكت" Patriot Act)) وهو القانون الذي عرّف الإرهاب بشكل فضفاض وأطلق أيدي السلط التنفيذية بلا محاسبة وانتهك الدستور الأمريكي ولم يخضع لمراجعة من الكونغرس لكن هو الذي اعتمدته إسرائيل لتجاوز القانون الدولي الى اليوم. أما المأزق الدولي الثاني لإسرائيل فهو كما تعلمون القرار التاريخي الذي اتخذه قضاة محكمة العدل الدولية بقبولها النظر في القضايا التي تقدمت بها إليها دولة فلسطين حتى تنظر العدالة الدولية في جرائم إسرائيل حكومة وجيشا ومستوطنين ضد الأبرياء العزل من أبناء الشعب الفلسطيني بهدم منازلهم واغتيال قادتهم وقتل مواطنيهم خارج إطار القانون وسجن 18000 فلسطيني لسنوات دون محاكمة أو محاكمات صورية بلا حجج وانتزاع أراضي الفلسطينيين وحرق محاصيلهم. وهذا القرار الجريء من المحكمة يمهد لصدور أحكام جنائية ضد الدولة العبرية لأنها هي التي تأذن بارتكاب الجرائم أو التستر عليها أو إصدار قوانين جائرة تبررها وتحرض عليها وهو في الأخير ما يسمح بتصنيف إسرائيل دولة عنصرية سنت التمييز العرقي والديني قاعدة لممارساتها وقالت وزارة خارجية فلسطين: إن "الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال الإسرائيلي (...) هي جرائم مستمرة وممنهجة وواسعة النطاق وهذا ما يجعل الإنجاز السريع لتحقيق المحكمة ضرورة ملحة وواجبة". ودعا البيان إلى "عدم تسييس مجريات هذا التحقيق المستقل. أما المأزق الثالث فهو إسراع الشعب الفلسطيني الى انتخاباته القادمة للم شمله وتضميد جراحه وربما ترشيح مروان البرغوثي لرئاسة دولته وهو في سجنه وهو المناضل المستقل عن أي انتماء و سبق أن شكلت شخصيا لنصرته و إطلاق سراحه لجنة دولية نشيطة أيام سجنه الأولى تركبت من شخصيات عربية و فرنسية و أمريكية في أعلى مستوى لأن مروان كان مسالما و واقعيا. ويبدو أن المأزق الأخطر هو مفاجأة فوز الرئيس بايدن وعزمه على التعامل مع ملفات الشرق الأوسط بالحكمة والقيم وهو الذي لم يرد على مكالمات ناتنياهو إلا بعد ستة أسابيع من يوم تتويجه ويأتي المأزق الأخير وهو إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة تنسيق جهودها حول سوريا مع ...حليفتها تركيا عوض الانحياز الى مخططات إسرائيل كما فعل ترامب. كل هذه الخيبات في انتظار عناية أكبر بمفاعل ديمونة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأن الوكالة أصبحت محرجة أمام رأي عام دولي لم يعد يفهم التمييز والكيل بمكيالين في هذا المجال الحساس وهو ما أشارت إليه وكالة (وورلد نيوز) وهي أمريكية بما يشبه الغمزة الإعلامية الذكية.