رغم أن مسألة مغادرة السيدة العڤربي لتونس.. قد أثارت الكثير من التعاليق بالاعتماد خاصة على تاريخها.. والذي حصل مباشرة قبل ثلاثة أيام من انطلاق الابحاث الرسمية ضدها بتهمة الاستيلاء على أعموال عمومية، وهي التهمة التي أثارها وزير المالية من خلال قضية عدلية قد كان تقدم بها في الغرض ضد المواطنة المذكورة. قلت برغم كل هذا.. فلقد أمكن لنا التعامل مع المسألة.. بعد ذلك.. تعاملا عاديا.. ولم نعمد الى مزيد سكب البترول على النار.. خاصة بعد أن صدرت البلاغات التوضيحية في شأنها.. من طرف الوزارات المعنية.. فأكدت بأن ما حصل قد حصل صدفة.. وبأن المواطنة المذكورة قد غادرت التراب التونسي، عبر المطار وقد تم السماح لها بذلك، لأن الهياكل الأمنية العاملة هناك.. لم تعثر على ما يفيد منعها من السفر.. باعتبار ان الجهة الوحيدة القادرة على فعل ذلك.. والمؤهلة له.. هي الجهة القضائية.. والتي لم تتخذ مثل هذا الإجراء في حق المعنية الى غاية تاريخ سفرها على الاقل.. وأما حكاية.. ملفها القضائي.. والذي تم الشروع في النظر فيه من طرف الهياكل المختصة مباشرة بعد نجاح المذكورة في مغادرة تونس.. فهذه مسألة قد تكون الصدفة لعبت دورها فيها.. ولعلها راجعة الى طول وتعقيد بعض الاجراءات القضائية في ظل ظروفنا الحالية مما قد يكون أسهم في تأخير موعد انطلاق الابحاث العدلية ضد المعنية.. الى ما بعد نجاحها في مغادرة تونس.. هذا ما فهمناه.. وهذا ما تداوله الناس.. وما اقتنع بعضهم بصحته.. بل إن من بينهم من اعتبره.. ممثلا لوجهة النظر الصحيحة والسليمة لما حصل.. وحتى هذه الشكوك التي راودت البعض خاصة حول التقارب الملحوظ بين تاريخ المغادرة.. وتاريخ انطلاق الابحاث العدلية.. والتي قال بعضهم من خلالها.. بأن المسألة لابد أن تكون مدبّرة.. وتصوّروا بأن المعنية قد تكون تصرفت بالتنسيق وبالتعاون مع بعض الماسكين بزمام الأمور.. والذي قد يكونوا تكفلوا.. باطلاعها أو حتى بإعلامها بقرب موعد انطلاق الابحاث ضدها.. ولعلهم قد «دبروا عليها» وأوعزوا لها بالهروب بجلدها.. مستغلة في ذلك خلو ملفها الشخصي من قرارات لمنع السفر.. قد تصدر في حقها لاحقا. قلت وحتى هذه فلعلها لم تلق الكثير من الاذان الصاغية.. باعتبارها لم تخرج من دائرة التأويلات.. والاتهامات غير مؤيدة.. والتي أصبحت تطلق عندنا جزافا وليس من حقنا التعامل معها أو تصديقها.. لأنها تفتقر عادة لما يؤكدها.. ولما يؤيدها. المسألة إذن.. قد كدنا.. نضيفها الى بقية المسائل الاخرى.. والتي سارعنا بغلق ملفها.. وبطيّ صفتها.. في انتظار ما قد تمكننا الايام حولها من حقائق جديدة.. لعلها قد تطلع علينا يوما.. ولعل بعضهم أو أحدهم قد يصدع بها.. فنتأكد من خلالها اما من صحة الرواية الرسمية والتي تم تداولها حولها.. أو نفهم بأن للحكاية أوجها أخرى قد سارعت بعض الاطراف بمحاولة حجبها علينا لغايات لعلنا نجهلها. الا أن ما حصل بعد ذلك.. قد أجبرنا على التراجع في كل هذا وعلى العودة الى ملفها والى معاودة التوقف على بعض أطوارها وعلى طرح التساؤلات اللازمة حولها. أما أسباب كل ذلك.. فلقد انطلقت هذه المرّة بالذات من داخل بناية وزارة العدل نفسها.. والتي تكفلت باصدار بلاغ جديد.. حول ما حصل.. يبدو أنه قد زاد الطين بلّة.. ويبدو أنه قد أسهم في إعادة خلط أوراق حكاية مغادرة السيدة العڤربي لتونس.. ويبدو كذلك وهذا الأهم أنه قد أجبر الشعب الكريم على طرح تصورات وتخمينات واتهامات جديدة في المسألة وضد أطراف بعينها لعلها بريئة منها. البلاغ المقصود والذي أصدرته وزارة العدل مؤخرا.. قد جاء فيه بأنه وعلى إثر الابحاث التي أذن بها وزير العدل حول ما راج من احاديث فيما يتعلق بسفر المرأة السيدة العڤربي خارج حدود الوطن تقرر تسمية السيد النوري الغربي وكيل الجمهورية بالڤصرين وكيلا جديدا للجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس تعويضا للسيد نجيب المعاوي الذي ألحق بمحكمة التعقيب. ماذا يعني هذا.. وما هو المقصود من قوله.. وفي هذه الفترة بالذات.. وألا يمكنه أن يطرح بعض التساؤلات.. حول مسؤولية السيد نجيب المعاوي في الحكاية.. وألا يعطي الحق لبعض أولاد الحلال.. في الادعاء بأن أبحاث الوزارة قد أكدت تورط الرجل فيما حصل.. ما أجبرها على ابعاده من المسؤولية وعلى تعويضه بغيره.. وهل كانت الوزارة مجبرة فعلا على تبرير قرارها بتغيير واحد من مسؤوليها.. وهي التي تفعل هذا.. بصفة دورية وتأذن بتغيير المسؤولين بها.. ولم نطالبها يوما.. بتقديم التبريرات اللازمة حوله.. باعتباره شأنا يخصها ويعنيها.. ولا دخل لنا فيه وباعتبارها غير ملزمة بتقديم أسبابه الى الرأي العام.. والذي يدرك جيّدا.. بأن الوزارات.. كل الوزارات.. واذ غيرت واحدا من إطاراتها ومسؤوليها.. فإنها تكتفي عادة بإصدار بلاغات اعلامية في ذلك.. ولا تفعل غير هذا.. لماذا اختارت الوزارة هذه المرة بالذات.. تبرير موقفها وتعليل الاسباب التي دفعت بها لتغيير وكيل للجمهورية.. ولماذا ربطتها بمسألة مغادرة السيدة العڤربي لتراب تونس وهل صحيح أن هذا التغيير مرتبط فعلا بهذه المسألة.. وإذا كان ذلك ذلك.. فلماذا لم تطلعنا الوزارة على كل تفاصيل الحكاية حتى نعرف الحقيقة.. وحتى نقطع مع كل التأويلات والتخمينات والاشاعات.. وإذا لم يكن كذلك.. فألا يعتبر ما جاء في بلاغها الاخير.. اساءة لواحد من أمهر وأكفإ اطاراتها وألا يعتبر إسهاما منها في مزيد اغراقنا في الغموض وفي الضبابية.. الأكيد ان الوزارة قد كانت مطالبة في هذا الشأن بالاعلان عن خبر تغيير السيد وكيل الجمهورية دون الخوض في التفاصيل والتبريرات أما اذا كانت متأكدة من أن هذا التغيير قد نجم عن تورط بعض الاطراف فيما حصل.. فلعلها قد كانت مجبرة على عدم التوقف عند ويل للمصلين.. وذلك بالتزامها بمدنا بكل الحقيقة وليس بنصفها.. حتى لا تزيد الطين بلّة.. وحتى تقطع فعلا مع دابر الاشاعات.. والتي يبدو أنها قد ساعدت هذه المرة بواسطة هذا البلاغ في إعطاء الاذن بمزيد نشرها وتوسيع دائرتها.