ومع ما دار ويدور حول الاسلوب السياسي المنتهج من قبل الحكام الجدد، من ضجيج وضوضاء، وما رافق الاعلان عن التشكيلة الجديدة النهائية للحكومة، من التسريبات والتعطيل والتأجيل.. وفي انتظار ان تتسلم الحكومة الجديدة مهامها، وتشرع في عملها، ويشمر الاعضاء الجدد على ذراع الجدّ، للإثبات للشعب القلق المحتار، انهم في مستوى الانتظارات، وعلى العهد للإيفاء بالالتزامات والوعود لخدمة البلاد بعيدا عن الاجندات الحزبية والتكتيك الايديولوجي للانتخابات القادمة، شئنا العودة الى النبش في الملفات النضالية لقائد هذه الحكومة، والقيادي في حزب النهضة، حمادي الجبالي.. وان كان الكل اليوم، يعرف ان الوزير الاول في الحكومة الانتقالية الجديدة حمادي الجبالي، عانى في العهدين والحكمين الديكتاتوريين لبورقيبة وبن علي، مثله مثل رموز آخرين في «النهضة»، وخلال فترة ما يعرف بالاتجاه الاسلامي، من السياسة القمعية، ومن عصا السلطة في محاربة الاسلاميين، فكان ان دفع ثمنا للمعارضة، سنوات طويلة في السجن، قضّى منها مدة ما يزيد عن السبع سنوات في الزنزانة بالحبس الانفرادي. فإن ما بقي قيد السرية من بعض التفاصيل والحقائق للفترة النضالية لرئيس الحكومة الحالية، وتحديدا لفترة سنوات الحبس الانفرادي، يبدو جديرا بالكشف عنه في هذه الفترة التي تزيّن فيها الحلة النضالية ثوب حكومة حمادي الجبالي وكذلك في فترة اخذ مؤسسة القضاء منعرجا جديدا يتلاءم مع طبيعة الظرف الثوري الانتقالي، ومع التوجهات لإرساء العدالة الانتقالية، والقضاء المستقل.. وبخصوص التفاصيل والحقائق من ملف النضال وسنوات السجن لحمادي الجبالي، كشفت لنا مصادر خاصة، ان في الفترة التي كان يقضي فيها الجبالي عقوبة السجن الانفرادي، تجرّأ احد قضاة تنفيذ العقوبات خلال جولته التفقدية للمؤسسات السجنية، ولظروف اقامة السجناء، وهي من مشمولات عمله وضمن الصلاحيات الموكولة له، على خطوة الإذن بفتح زنزانة السجين بالحبس الانفرادي، ليكتشف ان السجين لم يكن سوى حمادي الجبالي، احد رموز حركة النهضة. وتبعت هذه الخطوة للقاضي الذي رفض ان يكشف عن اسمه، خطوة اخرى ثانية قام خلالها بالاصغاء الى سجين الحبس الانفرادي حمادي، وتمثلت هذه المطالب اولا في تمكينه من رؤية ابنته التي ولدت وهو داخل السجن، ثم من مده ببعض الصحف والكتب، حتى لا يبقى معزولا عن العالم الخارجي.. وحسب المعلومات المؤكدة من مصادرنا الخاصة، فإن القاضي المذكور، قد حرص على الاستجابة لمطالب السجين في الحبس الانفرادي، لكن الادارة وقتها «كافأته» على ما فعل، بالنقلة للمحكمة العقارية، ومثل هذه النوعية من النقل للقضاة تعتبر أحد الأشكال العقابية. وفي حين كان القضاء الجزائي، العصا الغليظة للنظام السابق البائد، وفي ظل قضاء غير مستقل، وُجد ايضا قضاة مستقلون، ومنهم هذا القاضي موضوع الحال الذي نزع نحو إرضاء ضميره، ونحو الحرية في اتخاذ القرار الجريء بفتح زنزانة السجين بالحبس الانفرادي قيادي النهضة حمادي الجبالي، رغم التبعات الادارية لهذه العملية.. وقد تكشف مذكرات او مقالات او اعترافات لرئيس الحكومة حمادي الجبالي، عن خفايا وحقائق وأسرار اخرى من دفاتر وذكريات سنوات الجمر والصبر، وسنوات النضال والسجن والحبس الانفرادي.ومن النضال والمعارضة والسجن، صعود للسلطة، لكن الأهمّ ان تصعد حكومة حمادي الجبالي بالبلاد الى ربوة الأمان، ونحو تحقيق الآمال، ومن هذه الآمال استقلالية القضاء، ومراجعة المنظومة القضائية.