يظل الفن تلك الفسحة الآسرة من الوجد والحنين والآه.. انها المتاهة المحفوفة بالجمال .. ثمة كلمات تلج العوالم بكثير من الشجن.. وثمة موسيقى عالية لا تلوي على غير التحليق بعيدا.. مثل طيور في السماء البعيدة..من هنا نمضي مع فكرة الغناء الآسرة التي تخيرها الفنان الطفل.. الطفل الكبير في تونس وخارجها.. هو لطفي بوشناق المطرب والمغني في مساحات آسرة للذات الانسانية في زمن عمّ فيه الفن السريع والساذج والخاوي .. وبلا روح ولا جواهر.. والفن الحقيقي هو من جواهر الحياة والوجود....في كل حفلة وسهرة ومجال غنائي له يشير مرة أخرى مفصحا عن علاقته الحقيقية بالغناء وبالفن....كون من الموسيقى والغناء المخاطب للناس والعناصر والتفاصيل والعالم والأشياء.. بكثير من الصفاء النادر وبتراكم من الاشتغال والابداع.. والمحصلة فسحة باذخة من الامتاع والمؤانسة. أبدع لطفي وأمتع في كل مرة انتظره الجمهور فيها حيث كانت سهرات وعروض لطفي مطلوبة دائما من قبل جمهوره العريض التونسي والمغاربي والعربي... صوت فني كبير وتجربة تمضي بثبات ويعرف صاحبها ماذا يفعل حيث القطع مع الارتجال ومشتقات الفشل.. تجول لطفي بجمهوره مرات ولسنوات بين الموشح والدور والأغاني التونسية الجميلة على غرار: "كي يضيق بيك الدهر يا مزيانة " ... وعلى سبيل الاستذكار تجاه قامة فنية تونسية كبيرة . الصادق ثريا تحديدا، غنى بوشناق في تلك الليلة القرطاجنية ومن سنوات أغانيه المعروفة والمحبوبة التي طلبها الجمهور منها "ريتك ما نعرف وين" و"العين اللي ما تشوفكشي".. وغيرها وانتشى كما الدراويش من الأخذ والأسر.. نعم الفن أسر وأخذ وانجذاب..كان الجمهور وككل مرة متفاعلا كثيرا مع قامة من قامات الطرب التونسي حيث يلبّي له ضيفه الفنان شيئا من دفتر الرغبات لتتعدد استجابات أبو اللطف بوشناق بآدائه للأغاني المقترحة من الجمهور.... نعم الفنان لطفي بوشناق من القلائل الذين نجحوا في ايجاد جمهور عريض يخصهم .. باقة أخرى من الفن الجميل والسهر الممتع والفن العالي تمنحها الحالة الثقافية المميزة لبوشناق لأجل السهر ضمن ألوان من الامتاع والمؤانسة والابداع... المجد للغناء العالي.