في حركة مفاجأة عند البعض ومنتظرة عند البعض الآخر قام يوسف الشاهد رئيس الحكومة بإقالة وزيره للتربية ناجي جلول وهي تنحية جاءت لتخلف عدة أسئلة حول توقيتها حيث أعلن عنها مساء يوم الأحد بما يحيل إلى أسباب عجلت بقرار رحيله وأسئلة أخرى حول دواعي هذا القرار وخلفياته خاصة وأنه تزامن مع حضور ناجي جلول في حصة لمن يجرؤ فقط وهي حصة مسجلة وتبث يوم الأحد وقد قال فيها جلول كلاما خطيرا، فهل كانت لهذه الحصة علاقة بإقالة الوزير ؟ أم أن قرار الإقالة قد اتخذ منذ فترة في عملية ترضية وتوافق مع اتحاد الشغل الذي ما فتئت نقابته للتعليم تطالب بإقالته وبقي اختيار التوقيت المناسب للإعلان عنها هو المؤجل ؟ وهل كان سمير الوافي أحد عناصر هذا التدبير لإقالة ناجي جلول ؟ ما يهم الآن هو أن الإقالة قد حصلت وانتصرت نقابة التعليم في معركتها مع وزير التربية حينما وعدت بتنحيته وما يهم أيضا هو أن نفهم سبب هذه الاقالة خاصة أن يوسف الشاهد قد صرح في السابق بأنه يرفض دعوات إقالة الوزراء وبأنه هو الوحيد المخول له تقييم أداء وزرائه ويتخذ في شأنهم القرار المناسب فهل التزم الشاهد بهذا المبدأ ؟ وهل حصل فعلا تقييم لأداء ناجي جلول حتى تتم إقالته بهذه الصورة المفاجأة بسبب أخطاء ارتكبها استوجبت التعجيل بتنحيته ؟ وهل تكون الحكومة قد ضحت بوزير التربية من أجل شراء الهدوء الاجتماعي وضمان سكوت الاتحاد في ملفات أخرى حارقة تحتاج فيها الحكومة أن يكون الاتحاد إلى جانبها ومتضامنا معها بما يعني أن قرار الاقالة كان ترضية للاتحاد لا أكثر ولا اقل؟ ما يحير في هذه الإقالة أنها طالت وزيرا يحظى بشعبية كببيرة وفي كل سبر الآراء يأتي الشخصية إما الأولى وإما الثانية بما يفيد بأن هناك رضا بخصوص أدائه وما يقوم به للمدرسة والسؤال هو كيف يمكن لحكومة أن تعزل وزيرا هذه حاله ؟ والقلق الآخر هو كيف يمكن لحكومة أن تقيل وزيرا الجميع يشهد أنه غير الكثير في المدرسة وهو جهد يحتاج إلى تقويم وتصويب ليتواصل الاصلاح الذي شرع فيه. لم يعد خافيا على أحد أن الخلاف بين نقابة التعليم و وزير التربية قد تحول إلى خلاف شخصي وأصبح معركة وجود ومسألة حياة أو موت بين لسعد اليعقوبي وناجي جلول بعد أن اتخذ الوزير قرارات لا تخدم مصالح نقابة التعليم وأفقدت المدرسين الكثير من الامتيازات المالية التي كانوا يتمتعون بها خاصة في مسألتين على الأقل الأولى الدروس الخصوصية والثانية الغيابات المتكررة، والخوف اليوم في أن يكون الشاهد قد أقال وزيره بسبب اصراره على الاصلاح وبسبب أنه وقف في وجه الفساد الذي يعرفه القطاع ويتأكد هذا الأمر فيما قاله ناجي جلول في آخر ظهور إعلامي له في برنامج لمن يجرؤ بأن 50 % من المدرسين الذين التحقوا بالمدرسة بين سنة 2000 وسنة 2014 تم انتدابهم من دون مناظرات وبأنه يواجه لوبيات في التعليم الخاص الذين يرفضون الإصلاح ولوبيات فساد آخرى داخل الوزارة تعرقل في عملية الإصلاح الذي لم يرق لهم في علاقة بالإجراءات التي اتخذها ومن أهمها إصلاح الزمن المدرسي الذي أثبتت الدراسة التي أجريت حوله أنه قلل من العنف داخل المدرسة وقلص كثيرا من غياب الأساتذة وكذلك إجراء العودة إلى نظام الفروض المستمرة والتعديل في الأسبوع المغلق الذي فرض على الأستاذ حضورا دائما ومسألة الدروس الخصوصية التي شن عليها حربا وقننها وسلط عقوبة على المخالفين وقضية توحيد الضارب في المواد الدراسية لإعطاء أكثر حظوظ للتلميذ داخل الجهات ومسألة التفاضل بين المواد خاصة في مادة الرياضيات التي تحظى بضارب مرتفع عن ضارب المواد الأخرى والتي تجبر التلاميذ اللجوء إلى الدروس الخصوصية وعملية توحيد ضاربها مع ضارب المواد الأخرى لا يرضي الكثيرين من الذين سيفقدون امتيازاتهم المالية من وراء فقدان الدروس الخصوصية في مادة الرياضات . كل هذه الإجراءات وغيرها كثير والتي تدخل ضمن منظومة الاصلاح التربوي و شرع فيها ناجي جلول قد أقلقت النقابة ومن روائها جانب من الأساتذة وليس كلهم هي في رأينا قد عجلت برحيله في عملية ترضية وصفقة مع إتحاد الشغل وهي صورة تبين لنا أن الشأن العام يدار بطريقة خاطئة وأن تسيير الحكم يخضع لموازين القوى ..وأن الحكومة قد اخطأت حينما أقالت وزير التربية من دون تقييم علمي وموضوعي لأدائه والحال أنه يحظى بنسبة رضاء عالية على ما يقوم به في كل نتائج سبر الاراء.