أعتقد إعتقادا جازما أن الساحة الرياضية الوطنية فقدت برحيل الصديق والزميل العزيز عمر غويلة رمزا من رموزها الإعلامية والصحفية الكبار.. لقد فارقنا الزميل الودود صباح أمس على حين غرة وعندما سمعنا بالخبر وكنا مجموعة من أصدقائه نجلس في المقهى شعرنا بالمرارة والأسف والفجيعة ثم طلبنا له المغفرة والرحمة وتأكدنا للمرة المليون أن الحياة «حكاية فارغة».. وأن الحمقى وحدهم هم الذين يظنون أنهم يتمتعون بالحصانة والحماية..وبأنهم في منأى عن الأمراض والعجز والمفاجآت من نوع المفاجأة التي فاجأت عمر غويلة.. لقد كان الرجل يستعد صباح أمس لمغادرة المصحّة بعد أن تحسّنت حالته الصحية إثر الأزمة القلبية التي ألمّت به وشعر بأنه «لاباس» وبأنه استعاد لياقته البدنية وإذا بسكتة قلبية تقلب حساباته رأسا على عقب.. وهكذا هي الأقدار.. وان الأعمار بيد الله.. ولكل أجل كتاب.. وعمر غويلة كان من أكبر وأشطر وأمهر الصحفيين الرياضيين.. ولو شئتم أن أعطيكم وصفا موجزا وسريعا ودقيقا له لقلت لكم أنه كان عبارة عن نشرة رياضية مفصّلة تمشي على ساقيها.. وكان باستطاعتك أن تسأله عن أي أمر من أمور الرياضة وخصوصا تلك التي لا تذاع في الاذاعات والتلفزات ولا تكتب عنها الصحف وسوف يقدم لك كل التفاصيل عن ذلك الأمر.. فهو مطلع.. وعارف.. وملمّ بكل أخبار وأسرار وخفايا الشارع الرياضي لأن اتصالاته بكل من يمتون بصلة لهذا الشارع واسعة.. وعريقة.. ومتينة.. وكنت كثيرا ما أقول له على سبيل المزاح إن في اسمك غلطة تتكرر فأرجو أن تعمل على اصلاحها فاسمك الصحيح يجب أن يكون عمر الغول وليس عمر غويلة.. ويضحك.. ضحكة رائعة ثم يقول لي بتواضعه الجميل: «يزي عاد ما تغلطّنيش في روحي».. وكثيرا ما اقترحت عليه أن يكتب ل «الصريح» ذكرياته الرياضية فلقد عاش وعايش الكثير من الأحداث الرياضية الكبرى وعاصر مئات الشخصيات الرياضية ولكنه كان في كل مرة يتهرّب.. ويعد.. ويؤجل.. الى أن توفاه الله.. وأعتقد الآن أننا خسرنا برحيله كفاءة إعلامية لا شكّ فيها.. وخسرنا صديقا عزيزا.. وخسرنا شهادة تاريخية كان يمكن أن تتحول إلى وثيقة هامة.. إن خسارتنا فيه خسارة مضاعفة.. ولكن علينا أن نخضع لمشيئة الله و«إنا لله وإنا إليه راجعون».. رحم الله عمر غويلة فلقد عاش ومات دون أن يفقد احترام الناس له..