أشغال ترميم الجسرين بين ''قرطاج حنبعل'' و''قرطاج أميلكار'': تحويرات في حركة القطار وحتى السيارات    مختصّ في الشؤون الأمريكية: هكذا ستتضرّر تونس برسوم ترامب الجديدة    باكالوريا 2025: 48.83% نسبة النجاح في دورة المراقبة    عاجل: بداية إعلان نتائج دورة المراقبة بكالوريا 2025 عبر خدمة الSMS    عاجل/ تيارات قوية وأمواج عالية: الحماية المدنيّة تحذّر من السباحة في شواطئ هذه الجهة    بشرى سارّة لمرضى السكّري.. #خبر_عاجل    وزارة التعليم العالي: مركز الخوارزمي تصدّى لمحاولة هجوم إلكتروني استهدفت مركز البيانات الجامعي    إختتام مشروع تعزيز الآلية الوطنية لتأطير الصحة الحيوانية البيطرية بتونس    كان تحب تزور مصر، اعرف القرار هذا قبل ما تمشي!    تراجع العائدات من صادرات الملابس ب3 بالمائة إلى موفى ماي 2025    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    عاجل : لقاء تونسي فرنسي لتعزيز التعاون في الطيران والسلامة الجوية ...تفاصيل    غلطة صغيرة أمّا تتكلّفلك غالية: شنوّة تعمل كان غلطت في البنزين؟    الماء البارد ما يرويش؟ العلم يجاوب على حكمة الأجداد!    عاجل/ استئناف التزود باللحوم الحمراء المبردة والموردة..وهكذا ستكون الأسعار..    قليبية: رئيس الجمهورية يطلع على الوضع الكارثي لوادي الحجر    عاجل/ رئيس الدولة في زيارة غير معلنة الى هذه الولاية..    قبلي : تواصل قبول الأعمال المشاركة في الدورة الرابعة من مسابقة "مسابقة بيوتنا تقاسيم وكلمات"    وزارة التربية تنظّم الحفل الختامي لمسابقة "تحدي القراءة العربي" في دورتها التاسعة    للسنة الرابعة على التوالي: Ooredoo تُجدّد دعمها لمهرجان قرطاج وتربط التونسيين بشغفهم الثقافي    انهيار نفق بداخله 31 عاملا في لوس أنجلوس    الاحتلال يوافق مبدئيا على "تمويل مشروط" لإعمار غزة    الديوان الوطني للأعلاف: شراء 50 ألف طن من مادة الذرة العلفية الموردة    تأجيل محاكمة صخر الماطري في قضية فساد مالي إلى أكتوبر القادم    سبب وفاة سامح عبد العزيز... التفاصيل الكاملة    النادي الصفاقسي يعزز صفوفه بثلاثة انتدابات أجنبية    إتحاد بن قردان: إستقالة الرئيس ونائبه .. وفريق الأكابر يستأنف التحضيرات    "اليويفا" يحدث تعديلات على لوائح العقوبات في مسابقات الموسم المقبل    الرابطة الثانية: مبارك الزطال مدربا جديدا للملعب القابسي    مودريتش يودّع ريال مدريد بعد 13 سنة من المجد...وهذه وجهته القادمة    خبر سار للعرب المقيمين في السعودية!    الحماية المدنية.. 531 تدخلا خلال ال24 ساعة الفارطة    هام/ بداية من الأسبوع المقبل توزيع كميات اضافية من هذه المادة في الأسواق..    فاجعة في بن قردان..وهذه التفاصيل..    حادث مرور قاتل..#خبر_عاجل    طقس الخميس.. الحرارة تتراوح بين 30 و35 درجة    تحذير عاجل: البحر هائج في السواحل الشرقية... خاصة في نابل وبنزرت    تنبيه هام لمن يريد شراء ''كليماتيزور''    كعادته بإحراج ضيوفه.. ترامب يقاطع رئيس موريتانيا ويطالب ضيوفه بذكر أسمائهم وبلدناهم فقط    إنقاذ 84 مهاجرا غير شرعي قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    نجوى كرم لقرطاج: ''مافي شي بيبعدني عنك''    أحمد سعد يشوق جمهوره لألبومه الجديد لصيف 2025    اليوم: قمر الغزال العملاق يُضيء سماء العالم...ماهي هذه الظاهرة؟    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    استشهاد 17 فلسطينيا وجرح العشرات بغارة صهيونية وسط قطاع غزة    أسبوع الباب المفتوح لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج بمقر وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية    باريس سان جيرمان يتأهل إلى نهائي كأس العالم للأندية بفوزه على ريال مدريد برباعية نظيفة    هذه العلامات الغريبة في جسمك قد تنذر بنوبة قلبية... هل تعرفها؟    هيئة الصيادلة: أسعار الأدوية في تونس معقولة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    قيس سعيّد: آن الأوان لتعويض الوجوه القديمة بكفاءات شابّة لخدمة كل الجهات    تاريخ الخيانات السياسية .. دسائس في القصر الأموي (2)    الحماية المدنية تحذر من السباحة اليوم بسبب هبوب رياح قوية    دورة الصداقة الافريقية لكرة الطائرة تحت 19 عاما: نتائج مباريات المنتخب التونسي    عاجل/ مهرجان قرطاج: إلغاء حفل هذه الفنانة والإدارة تكشف السبب    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ملاحظ حرّ : السيدة المنوبية هل هي قدّيسة تونس؟
نشر في الصريح يوم 30 - 05 - 2017

اختارت المندوبية الجهوية بأريانة ضمن سلسلة ندواتها الشهرية « منتدى الفكر التونسي « أن تخصص ندوة شهر أفريل لتسليط الأضواء على شخصية نسائية بارزة وللحديث عن امرأة حققت شهرة فائقة في زمن قل فيه بروز المرأة في المجتمع التونسي وخيرت أن تعيد فتح ملف الولية الصالحة السيدة عائشة المنوبية لتحفر من جديد في حقيقة هذه المرأة التي تحتل مكانة كبيرة في المخيال الشعبي شأنها شأن غيرها من الزهاد والعباد وأصحاب الكرامات الذين عرفتهم بلادنا وتميزت بهم وذلك من خلال تقديم كتب الدكتورة نيللي عامري « قديسة تونس عائشة المنوبية « التي تولت تأثيث هذه الندوة وساعدها في التقديم والتأطير الأستاذ عيسى البكور الذي أبرز في كلمته الافتتاحية أن قيمة هذه المحاضرة تكمن في أن من يؤثثها هي أستاذة التاريخ الوسيط بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة وهي شخصية متخصصة في أدب الزهد وتاريخ التصوف واشتعلت على أدب المناقب والتصوف النسائي وتتبعت تجارب النساء الزاهدات العابدات وتخصصت في تجربة التصوف عند السيدة عائشة المنوبية من خلال تحقيق ومراجعة كتاب مهم يعد مرجعا في التعرف على سيرة هذه الولية الصالحة يحمل عنوان مناقب عائشة المنوبية، تقول عنه الدكتورة ان مؤلفه مجهول ويرجح الأستاذ عيسى البكوش أنه من تأليف إمام جامع منوبة في النصف الأول من القرن الرابع عشر ميلادي.
تعتبر الدكتورة نيللي أن ما نعرفه عن عائشة المنوبية هو أنها ولدت في ضاحية منوبة بالقرب من حاضرة تونس العاصمة في أسرة فقيرة في أواخر القرن الثاني عشر ميلادي أي سنة 1198 أو 1199 ميلادي في زمن حكم السلطان المستنصر بالله الحفصي ابن السلطان أبو زكرياء الحفصي مؤسس الدولة الحفصية وتوفت على الأرجح بمسقط رأسها منوبة سنة 1267 ميلادي والمصادر لا تحدثنا عن مرحلة طفولتها وكل ما نعلمه أنها غادرت ضاحية منوبة في سن العشرين سنة نحو مدينة تونس أي أننا لا نعلم شيئا عن حياتها قبل مغادرتها منوبة..
كما لا نعلم هل بدأت التصوف مبكرا في صباها، أم أنها تحولت إلى امرأة عابدة وزاهدة بعد أن سكت الحاضرة؟
ولكن المهم في كل هذه الأسئلة هو أن كل المصادر تفيد أن السيدة المنوبية قد خاضت تجربة زهد لما انتقلت الى تونس مركز سلطة الدولة الحفصية وسكنت بمفردها في منطقة باب الفلة حيث عرفت بكثرة تعبدها وخلواتها الليلية وسياحتها في جبل زغوان وبدأت رحلتها في التصوف وتعمقت فيه ممارسة وإتباعا وسلوكا، فروح العصر الذي عاشت فيه هو عصر شاعت فيه بكثرة نزعة التصوف والزهد وهو كذلك عصر عرف بكثرة الزهاد والأولياء الصالحين أصحاب الزوايا وحلقات الذكر حيث يحكى أنها عاصرت الولي الصالح أبا الحسن الشاذلي وأبا سعيد الباجي وغيرهما من أقطاب الصوفية المشهورين وتتلمذت عليهم من غير أن تلتقي بهم، أي أنها تعرفت على طريقتهم من خلال تلامذتهم وما يدور في مجالس ذكر عصرها وفي هذا الإطار فإن الدكتورة نيللي تفند ما أشيع عنها من أنها قد التقت بالولي الصالح سيدي أبي الحسن الشاذلي وتتلمذت على يديه وأخذت عنه العلم الالهي وقد أعجب بها وأراد الزواج منها والحقيقة التاريخية هي أنها عاصرته من دون أن تلتقي به و لكنها تأثرت به من خلال تلاميذه في مجالس ذكر طريقته.
تواصل الدكتورة الحديث عن مناقب هذه المرأة فتذكر أنها كانت تغزل الصوف وتبيع ما تصنعه ثم تقوم بالتصدق بمحصول ما تبيعه على الفقراء والمحتاجين، وقد أشيع عنها أنها كانت تقول إن اليوم الذي يبقى فيه معي بعض مال غزل الصوف فإن الله لن يتقبل مني صلاتي في جوف الليل وتصرفها هذا قد جلب لها محبة الناس وشهرة كبيرة في المجتمع كفاعلة خير وكامرأة تساعد المحتاج وتحن على الفقراء وهنا يطرح السؤال هل أن الشهرة التي وصلت إليها كانت بداعي دورها الاجتماعي أم بسبب زهدها وتعبدها وما رافق ذلك من كرامات وخوارق العادات التي نسبت إليها ؟
وهو سؤال مازال عالقا دون إجابة أي هل أن الصورة التي رسخت عند الناس عنها كانت بسبب فعل الخير وما تقوم به من دور اجتماعي تضامني شأن الجمعيات الخيرية في زماننا أم بسبب زهدها وصلاحها وكونها ملاذا روحيا للحيارى والباحثين عن الطمأنينة الروحية ؟ وهذا سؤال يحيلنا على سؤال آخر وهو كيف ومتى تحولت هذه المرأة العابدة الغازلة للصوف إلى ولية صالحة ؟
ما ذكرته الدكتورة نيللي أن عائشة المنوبية قد بلغت في تجربة تصوفها بالعاصمة مرتبة أصحاب الجذب وهي الحالة التي جلبت لها تهمة الناس لها بالدروشة ونعتها بفقدان العقل والهبل. والجذب عند الصوفيين مرتبة يصل إليها السالك إلى طريق الله تجعله يعيش حالة خارج الواقع وتمكنه من أن يتصل بالعوالم العلوية ويغيب فيها قلبه عن علم ما يجري من أحوال الدنيا وتجعله ينجذب إلى عوالم أخرى غير عالمنا الأرضي ويميل ابن خلدون إلى أن المجذوب هو فاقد العقل والتكليف الذي يلحقه بالحمقى والمجانين الذين تسقط عنهم التكاليف الشرعية. ففي هذه المرحلة التصقت بها الكثير من الخرافات عن كراماتها وعن خوارق العادات وعن أمور تأتيها تجعلها فوق البشر وتقربها من الأنبياء والمشكل هنا هو أن المعروف عن عائشة المنوبية أنها لما كبرت وهزلت وخارت قواها رجعت إلى مسقط رأسها واعتزلت الناس وتفرغت للعبادة والذكر والدعاء والإكثار من الصلوات من دون ان تدعي أنها ولية صالحة.. ولكن بعد موتها نسج العامة حولها الكثير الأساطير والحكايات عن كراماتها وجعلوا منها ولية صالحة واتخذوا من مقامها مزارا للتبرك والتقرب إلى الله ما قربها من الأسطورة والحال أن الحقيقة هي أن عائشة المنوبية هي امرأة عابدة زاهدة تأثرت بروح عصرها ولعبت دورا اجتماعيا واضحا في زمانها في مد يد العون للفقراء والمحتاجين وانتهت إلى العزلة وتفرغت الى العبادة قبل موتها وأن العامة قد جعلوا منها ولية صالحة بعد وفاتها في سن تناهز السبعين عاما...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.