الكرة الطائرة .. مونديال الأواسط في الكرة الطائرة .. هزيمة مُخجلة لمنتخبنا أمام كندا    توزر تصدرت قائمة المناطق الاعلى حرارة الاربعاء بتسجيلها 46 درجة    مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية..صدمة إلغاء الدورة 37 واستقالة رئيس الجمعية!    الصيانة تحرم الجمهور من «ليالي متحف سوسة»    علماء من الوطن القبلي ..الإمام المنزلي 000 1248 ه / 1832 م .. محمد بن مَحمد (بالفتح) بن فرج، ويعرف بالإمام المنزلي    تاريخ الخيانات السياسية (60) .. أبو ركوة الأموي    حادثة إطلاق النار في مدرسة بأمريكا وسقوط ضحايا: هذا ما أمر به ترامب..#خبر_عاجل    عاجل/ تهم مرض "الزهايمر": علماء بزفون بشرى سارة..    عاجل: جامعة كرة القدم تندّد بشدة بالاعتداء على الحكم مروان سعد    بلدية تونس تدعو الى تسوية وضعيات    إحالة رجل الأعمال حاتم الشعبوني وإطارات سابقة ببنك عمومي على الدائرة الجنائية في قضية فساد مالي    'ألماد' يتقدم بثبات: وزارة الصناعة تُعلن الانتهاء من أولى مراحل فرز العروض    تُجرى يومي 12 و 13 سبتمبر: أجواء مشحونة في انتخابات عمادة المحامين    مع الشروق : مصر «الجائزة الكبرى»... مصر الصخرة الكبرى!    17 مؤسسة تربوية جديدة    من بينها أنواع متعلقة بالسكري والقلب وضغط الدم والأعصاب: شبكات دولية متورّطة في تهريب أطنان من الدواء    المنظمة التونسية لارشاد المستهلك تدعو الى تحديد الكلفة الحقيقية لانتاج اللحوم الحمراء    تونس ضيف شرف معرض بلغراد الدولي للكتاب 2026    الرياح تؤجج جيوب النيران: حرائق جديدة تندلع بجبل الفروحة وتمتد لبلّوطة والعمارسية    بورصة تونس: "توننداكس" يقفل معاملات الاربعاء مرتفعا بنسبة 5ر0 بالمائة    وزير الاقتصاد "نتوقع نسبة نمو ب2 % لصادرات النسيج في موفى سنة 2025 "    عاجل/ أسطول الصمود: 127 تونسيا يبحرون نحو غزة    عاجل/ موعد انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد داء الكلب    الصخيرة: مشروع اعادة تهيئة ميناء الصيد البحري واصلاحه من شأنه تطوير النشاط الاقتصادي للجهة    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة النجم الساحلي و مستقبل قابس    الكاف: العثور على جثة مدير الحي الجامعي ''سيكافينيريا'' في ظروف غامضة    عائلة تتهم ''شات جي بي تي'' بتشجيع ابنها على الانتحار    بطاقة إيداع بالسجن ضد امرأة انتحلت صفة مرشدة اجتماعية للاحتيال على مواطنين    突尼斯对中国游客吸引力显著 直航航线成可持续发展关键    سليانة: تجميع مليون و577 ألف قنطار من الحبوب    إنتقالات: ثنائي النادي الإفريقي يخوض تجربة إحترافية جديدة    عاجل/ تم توثيق جريمتها بالفيديو: الاطاحة بامرأة تحرق القطط    الجامعة التونسية لكرة السلة تعلن فسخ عقد مدرب منتخب الاكابر مهدي ماري    عاجل/ الكنام: هذه آخر اجال إيداع مطالب تغيير المنظومة العلاجية وطبيب العائلة    جولة سياحية للفنانة أحلام للتعريف بالوجهة التونسية في المنطقة العربية    مشاهد مذهلة لمركبة الفضاء "ستارشيب" تهبط في المحيط الهندي    وكالة الطاقة الذرية تعلن عودة مفتشيها إلى إيران    مقام الولي الصالح سيدي مهذب بالصخيرة ... منارة تاريخية تستحق العناية والصيانة والمحافظة عليها من غياهب النسيان.    مفتي الجمهورية يروي سيرة الاحتفاء بالمولد النبوي بأسلوب عصري    كاتب الدّولة المكلّف بالموارد المائية يدعو الى مزيد التّنسيق لاستكمال التّقريرالوطني للمياه لسنة 2024 خلال الشهر القادم    رابطة أبطال أوروبا: "يويفا" يكشف عن الكرة الرسمية لموسم 2025 – 2026    مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة يندد بتصريحات السيناتور الأمريكي جو ويلسون    قليبية: سقوط إمرأة وطفلين من لعبة طائرة بفضاء ترفيهي    عاجل: نشرة إنذارية خاصة...تحذير من رياح قوية تهب على شمال تونس وخليج الحمامات    عاجل: وزارة الصحة توضّح: ترشيد الأدوية لا يعني حرمان المرضى    الرابطة الأولى: تشكيلة الملعب التونسي في مواجهة نجم المتلوي    السيجومي: الإطاحة بمجرم خطير محل 17 منشور تفتيش    مهرجانات قرطاج والحمامات وأوذنة محور اللقاء الإعلامي الاول لعدد من المديرين العامين بوزارة الشؤون الثقافية ومديري المهرجانات    عاجل/ غزّة: 10 شهداء بسبب المجاعة خلال ال24 ساعة الأخيرة    عاجل/ بالفيديو: رئيس الجمهورية في زيارة فجئية إلى حلق الوادي    الاتحاد الأوروبي يحظر جل الأظافر بعد تحذيرات صحية خطيرة    أمطار رعدية بعد ظهر اليوم بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    تونس الأعماق ... سطح القمر بالصمار (تطاوين) .. وجهة لحياة الصخور والطبيعة الخلابة    أمراض قد تسببها لدغات البعوض    سهرة فلكية بمدينة العلوم لمواكبة الخسوف الكلي للقمر    عاجل/ الوكالة اليابانية للتصنيف تعلن عن مراجعة ترقيم تونس من سلبي إلى مستقر..    أحلام: ''رجّعوني على تونس...توحشتكم''    بعد جراحة دقيقة في ألمانيا... الفنانة أنغام تعود إلى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ملاحظ حرّ : السيدة المنوبية هل هي قدّيسة تونس؟
نشر في الصريح يوم 30 - 05 - 2017

اختارت المندوبية الجهوية بأريانة ضمن سلسلة ندواتها الشهرية « منتدى الفكر التونسي « أن تخصص ندوة شهر أفريل لتسليط الأضواء على شخصية نسائية بارزة وللحديث عن امرأة حققت شهرة فائقة في زمن قل فيه بروز المرأة في المجتمع التونسي وخيرت أن تعيد فتح ملف الولية الصالحة السيدة عائشة المنوبية لتحفر من جديد في حقيقة هذه المرأة التي تحتل مكانة كبيرة في المخيال الشعبي شأنها شأن غيرها من الزهاد والعباد وأصحاب الكرامات الذين عرفتهم بلادنا وتميزت بهم وذلك من خلال تقديم كتب الدكتورة نيللي عامري « قديسة تونس عائشة المنوبية « التي تولت تأثيث هذه الندوة وساعدها في التقديم والتأطير الأستاذ عيسى البكور الذي أبرز في كلمته الافتتاحية أن قيمة هذه المحاضرة تكمن في أن من يؤثثها هي أستاذة التاريخ الوسيط بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة وهي شخصية متخصصة في أدب الزهد وتاريخ التصوف واشتعلت على أدب المناقب والتصوف النسائي وتتبعت تجارب النساء الزاهدات العابدات وتخصصت في تجربة التصوف عند السيدة عائشة المنوبية من خلال تحقيق ومراجعة كتاب مهم يعد مرجعا في التعرف على سيرة هذه الولية الصالحة يحمل عنوان مناقب عائشة المنوبية، تقول عنه الدكتورة ان مؤلفه مجهول ويرجح الأستاذ عيسى البكوش أنه من تأليف إمام جامع منوبة في النصف الأول من القرن الرابع عشر ميلادي.
تعتبر الدكتورة نيللي أن ما نعرفه عن عائشة المنوبية هو أنها ولدت في ضاحية منوبة بالقرب من حاضرة تونس العاصمة في أسرة فقيرة في أواخر القرن الثاني عشر ميلادي أي سنة 1198 أو 1199 ميلادي في زمن حكم السلطان المستنصر بالله الحفصي ابن السلطان أبو زكرياء الحفصي مؤسس الدولة الحفصية وتوفت على الأرجح بمسقط رأسها منوبة سنة 1267 ميلادي والمصادر لا تحدثنا عن مرحلة طفولتها وكل ما نعلمه أنها غادرت ضاحية منوبة في سن العشرين سنة نحو مدينة تونس أي أننا لا نعلم شيئا عن حياتها قبل مغادرتها منوبة..
كما لا نعلم هل بدأت التصوف مبكرا في صباها، أم أنها تحولت إلى امرأة عابدة وزاهدة بعد أن سكت الحاضرة؟
ولكن المهم في كل هذه الأسئلة هو أن كل المصادر تفيد أن السيدة المنوبية قد خاضت تجربة زهد لما انتقلت الى تونس مركز سلطة الدولة الحفصية وسكنت بمفردها في منطقة باب الفلة حيث عرفت بكثرة تعبدها وخلواتها الليلية وسياحتها في جبل زغوان وبدأت رحلتها في التصوف وتعمقت فيه ممارسة وإتباعا وسلوكا، فروح العصر الذي عاشت فيه هو عصر شاعت فيه بكثرة نزعة التصوف والزهد وهو كذلك عصر عرف بكثرة الزهاد والأولياء الصالحين أصحاب الزوايا وحلقات الذكر حيث يحكى أنها عاصرت الولي الصالح أبا الحسن الشاذلي وأبا سعيد الباجي وغيرهما من أقطاب الصوفية المشهورين وتتلمذت عليهم من غير أن تلتقي بهم، أي أنها تعرفت على طريقتهم من خلال تلامذتهم وما يدور في مجالس ذكر عصرها وفي هذا الإطار فإن الدكتورة نيللي تفند ما أشيع عنها من أنها قد التقت بالولي الصالح سيدي أبي الحسن الشاذلي وتتلمذت على يديه وأخذت عنه العلم الالهي وقد أعجب بها وأراد الزواج منها والحقيقة التاريخية هي أنها عاصرته من دون أن تلتقي به و لكنها تأثرت به من خلال تلاميذه في مجالس ذكر طريقته.
تواصل الدكتورة الحديث عن مناقب هذه المرأة فتذكر أنها كانت تغزل الصوف وتبيع ما تصنعه ثم تقوم بالتصدق بمحصول ما تبيعه على الفقراء والمحتاجين، وقد أشيع عنها أنها كانت تقول إن اليوم الذي يبقى فيه معي بعض مال غزل الصوف فإن الله لن يتقبل مني صلاتي في جوف الليل وتصرفها هذا قد جلب لها محبة الناس وشهرة كبيرة في المجتمع كفاعلة خير وكامرأة تساعد المحتاج وتحن على الفقراء وهنا يطرح السؤال هل أن الشهرة التي وصلت إليها كانت بداعي دورها الاجتماعي أم بسبب زهدها وتعبدها وما رافق ذلك من كرامات وخوارق العادات التي نسبت إليها ؟
وهو سؤال مازال عالقا دون إجابة أي هل أن الصورة التي رسخت عند الناس عنها كانت بسبب فعل الخير وما تقوم به من دور اجتماعي تضامني شأن الجمعيات الخيرية في زماننا أم بسبب زهدها وصلاحها وكونها ملاذا روحيا للحيارى والباحثين عن الطمأنينة الروحية ؟ وهذا سؤال يحيلنا على سؤال آخر وهو كيف ومتى تحولت هذه المرأة العابدة الغازلة للصوف إلى ولية صالحة ؟
ما ذكرته الدكتورة نيللي أن عائشة المنوبية قد بلغت في تجربة تصوفها بالعاصمة مرتبة أصحاب الجذب وهي الحالة التي جلبت لها تهمة الناس لها بالدروشة ونعتها بفقدان العقل والهبل. والجذب عند الصوفيين مرتبة يصل إليها السالك إلى طريق الله تجعله يعيش حالة خارج الواقع وتمكنه من أن يتصل بالعوالم العلوية ويغيب فيها قلبه عن علم ما يجري من أحوال الدنيا وتجعله ينجذب إلى عوالم أخرى غير عالمنا الأرضي ويميل ابن خلدون إلى أن المجذوب هو فاقد العقل والتكليف الذي يلحقه بالحمقى والمجانين الذين تسقط عنهم التكاليف الشرعية. ففي هذه المرحلة التصقت بها الكثير من الخرافات عن كراماتها وعن خوارق العادات وعن أمور تأتيها تجعلها فوق البشر وتقربها من الأنبياء والمشكل هنا هو أن المعروف عن عائشة المنوبية أنها لما كبرت وهزلت وخارت قواها رجعت إلى مسقط رأسها واعتزلت الناس وتفرغت للعبادة والذكر والدعاء والإكثار من الصلوات من دون ان تدعي أنها ولية صالحة.. ولكن بعد موتها نسج العامة حولها الكثير الأساطير والحكايات عن كراماتها وجعلوا منها ولية صالحة واتخذوا من مقامها مزارا للتبرك والتقرب إلى الله ما قربها من الأسطورة والحال أن الحقيقة هي أن عائشة المنوبية هي امرأة عابدة زاهدة تأثرت بروح عصرها ولعبت دورا اجتماعيا واضحا في زمانها في مد يد العون للفقراء والمحتاجين وانتهت إلى العزلة وتفرغت الى العبادة قبل موتها وأن العامة قد جعلوا منها ولية صالحة بعد وفاتها في سن تناهز السبعين عاما...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.