مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    الرابطة الأولى: الغموض والتشويق يكتنفان مواجهات مرحلة تفادي النزول    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    جربة: حجز أكثر من 500 كغ من الفضّة والبلاكيور المهرّب    4 جوائز لمسرحية تونسية بمهرجان مفاحم الدولي لمسرح الطفل بالمغرب    مائة ألف عمود إنارة عمومي يعمل فقط من بين 660 ألف مالقصة ؟    سفير السعودية: بناء المستشفى والمدينة الصحية "الأغالبة" خلال هذه الفترة    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    بطولة الكرة الطائرة: نتائج منافسات الجولة الرابعة لمرحلة "السوبر بلاي أوف" .. والترتيب    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    البنك الدولي: تعزيز الإطار التنظيمي يسرع برنامج تونس الطموح لتطوير الطاقة المتجددة    نقطة بيع من المنتج الى المستهلك: هكذا ستكون الأسعار    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    بطاقة إيداع بالسجن ضد عون بمجمع الصحة الأساسية ببنزرت في قضية مخدرات..    قفصة: القبض على شخص بصدد بيع تجهيزات تستعمل للغشّ في الامتحانات    بوتين يحذر الغرب: قواتنا النووية في تأهب دائم    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    هل انتهى القول في قضية تأصيل الأدب ؟    «راشد الغنوشي حرباء السياسة التونسية» للكاتب ياسين بوزلفة    كلمة أثارت'' الحيرة'' لدى التونسيين : ما معنى توطين و مالفرق بينها و بين اللجوء ؟    وزيرة التجهيز تدعم البلديات في ملف البنايات الآيلة للسقوط    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    تأجيل إضراب أعوان شركة ''تاف تونس'' بمطار النفيضة    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    "ألقته في نهر التماسيح".. أم تتخلص من طفلها بطريقة صادمة    خوسيلو يسجل هدفين ليقود ريال مدريد لنهائي رابطة الابطال    عاجل/ حشانة يفجرها ويكشف عن اتفاق أوروبي خطير يتعلّق بالمهاجرين غير النظاميين..    السعودية: عقوبة ضد كل من يضبط دون تصريح للحج    ! منديل ميسي للبيع ...ما قصته    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تنبه من خطر قائم    بنزرت:معتمدية تينجة تتخذ عددا من الإجراءات العملية لتعزيز المخطط المحلي للسلامة المرورية    نبيل الهواشي يؤكد عودة المفاوضات مع وزارة التربية    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    رئيس كوريا الجنوبية يدعو لإنشاء وزارة لتشجيع زيادة المواليد    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة 7 ''بلاي أوف''    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    البنك الدولي: بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي هام بداية من 2030    أول تعليق من عميد المحامين على "أزمة المهاجرين"    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    السباح التونسي احمد ايوب الحفناوي يغيب عن اولمبياد باريس    عاجل/يصعب إيقافها: سلالة جديدة من كورونا تثير القلق..    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ملاحظ حرّ : السيدة المنوبية هل هي قدّيسة تونس؟
نشر في الصريح يوم 30 - 05 - 2017

اختارت المندوبية الجهوية بأريانة ضمن سلسلة ندواتها الشهرية « منتدى الفكر التونسي « أن تخصص ندوة شهر أفريل لتسليط الأضواء على شخصية نسائية بارزة وللحديث عن امرأة حققت شهرة فائقة في زمن قل فيه بروز المرأة في المجتمع التونسي وخيرت أن تعيد فتح ملف الولية الصالحة السيدة عائشة المنوبية لتحفر من جديد في حقيقة هذه المرأة التي تحتل مكانة كبيرة في المخيال الشعبي شأنها شأن غيرها من الزهاد والعباد وأصحاب الكرامات الذين عرفتهم بلادنا وتميزت بهم وذلك من خلال تقديم كتب الدكتورة نيللي عامري « قديسة تونس عائشة المنوبية « التي تولت تأثيث هذه الندوة وساعدها في التقديم والتأطير الأستاذ عيسى البكور الذي أبرز في كلمته الافتتاحية أن قيمة هذه المحاضرة تكمن في أن من يؤثثها هي أستاذة التاريخ الوسيط بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة وهي شخصية متخصصة في أدب الزهد وتاريخ التصوف واشتعلت على أدب المناقب والتصوف النسائي وتتبعت تجارب النساء الزاهدات العابدات وتخصصت في تجربة التصوف عند السيدة عائشة المنوبية من خلال تحقيق ومراجعة كتاب مهم يعد مرجعا في التعرف على سيرة هذه الولية الصالحة يحمل عنوان مناقب عائشة المنوبية، تقول عنه الدكتورة ان مؤلفه مجهول ويرجح الأستاذ عيسى البكوش أنه من تأليف إمام جامع منوبة في النصف الأول من القرن الرابع عشر ميلادي.
تعتبر الدكتورة نيللي أن ما نعرفه عن عائشة المنوبية هو أنها ولدت في ضاحية منوبة بالقرب من حاضرة تونس العاصمة في أسرة فقيرة في أواخر القرن الثاني عشر ميلادي أي سنة 1198 أو 1199 ميلادي في زمن حكم السلطان المستنصر بالله الحفصي ابن السلطان أبو زكرياء الحفصي مؤسس الدولة الحفصية وتوفت على الأرجح بمسقط رأسها منوبة سنة 1267 ميلادي والمصادر لا تحدثنا عن مرحلة طفولتها وكل ما نعلمه أنها غادرت ضاحية منوبة في سن العشرين سنة نحو مدينة تونس أي أننا لا نعلم شيئا عن حياتها قبل مغادرتها منوبة..
كما لا نعلم هل بدأت التصوف مبكرا في صباها، أم أنها تحولت إلى امرأة عابدة وزاهدة بعد أن سكت الحاضرة؟
ولكن المهم في كل هذه الأسئلة هو أن كل المصادر تفيد أن السيدة المنوبية قد خاضت تجربة زهد لما انتقلت الى تونس مركز سلطة الدولة الحفصية وسكنت بمفردها في منطقة باب الفلة حيث عرفت بكثرة تعبدها وخلواتها الليلية وسياحتها في جبل زغوان وبدأت رحلتها في التصوف وتعمقت فيه ممارسة وإتباعا وسلوكا، فروح العصر الذي عاشت فيه هو عصر شاعت فيه بكثرة نزعة التصوف والزهد وهو كذلك عصر عرف بكثرة الزهاد والأولياء الصالحين أصحاب الزوايا وحلقات الذكر حيث يحكى أنها عاصرت الولي الصالح أبا الحسن الشاذلي وأبا سعيد الباجي وغيرهما من أقطاب الصوفية المشهورين وتتلمذت عليهم من غير أن تلتقي بهم، أي أنها تعرفت على طريقتهم من خلال تلامذتهم وما يدور في مجالس ذكر عصرها وفي هذا الإطار فإن الدكتورة نيللي تفند ما أشيع عنها من أنها قد التقت بالولي الصالح سيدي أبي الحسن الشاذلي وتتلمذت على يديه وأخذت عنه العلم الالهي وقد أعجب بها وأراد الزواج منها والحقيقة التاريخية هي أنها عاصرته من دون أن تلتقي به و لكنها تأثرت به من خلال تلاميذه في مجالس ذكر طريقته.
تواصل الدكتورة الحديث عن مناقب هذه المرأة فتذكر أنها كانت تغزل الصوف وتبيع ما تصنعه ثم تقوم بالتصدق بمحصول ما تبيعه على الفقراء والمحتاجين، وقد أشيع عنها أنها كانت تقول إن اليوم الذي يبقى فيه معي بعض مال غزل الصوف فإن الله لن يتقبل مني صلاتي في جوف الليل وتصرفها هذا قد جلب لها محبة الناس وشهرة كبيرة في المجتمع كفاعلة خير وكامرأة تساعد المحتاج وتحن على الفقراء وهنا يطرح السؤال هل أن الشهرة التي وصلت إليها كانت بداعي دورها الاجتماعي أم بسبب زهدها وتعبدها وما رافق ذلك من كرامات وخوارق العادات التي نسبت إليها ؟
وهو سؤال مازال عالقا دون إجابة أي هل أن الصورة التي رسخت عند الناس عنها كانت بسبب فعل الخير وما تقوم به من دور اجتماعي تضامني شأن الجمعيات الخيرية في زماننا أم بسبب زهدها وصلاحها وكونها ملاذا روحيا للحيارى والباحثين عن الطمأنينة الروحية ؟ وهذا سؤال يحيلنا على سؤال آخر وهو كيف ومتى تحولت هذه المرأة العابدة الغازلة للصوف إلى ولية صالحة ؟
ما ذكرته الدكتورة نيللي أن عائشة المنوبية قد بلغت في تجربة تصوفها بالعاصمة مرتبة أصحاب الجذب وهي الحالة التي جلبت لها تهمة الناس لها بالدروشة ونعتها بفقدان العقل والهبل. والجذب عند الصوفيين مرتبة يصل إليها السالك إلى طريق الله تجعله يعيش حالة خارج الواقع وتمكنه من أن يتصل بالعوالم العلوية ويغيب فيها قلبه عن علم ما يجري من أحوال الدنيا وتجعله ينجذب إلى عوالم أخرى غير عالمنا الأرضي ويميل ابن خلدون إلى أن المجذوب هو فاقد العقل والتكليف الذي يلحقه بالحمقى والمجانين الذين تسقط عنهم التكاليف الشرعية. ففي هذه المرحلة التصقت بها الكثير من الخرافات عن كراماتها وعن خوارق العادات وعن أمور تأتيها تجعلها فوق البشر وتقربها من الأنبياء والمشكل هنا هو أن المعروف عن عائشة المنوبية أنها لما كبرت وهزلت وخارت قواها رجعت إلى مسقط رأسها واعتزلت الناس وتفرغت للعبادة والذكر والدعاء والإكثار من الصلوات من دون ان تدعي أنها ولية صالحة.. ولكن بعد موتها نسج العامة حولها الكثير الأساطير والحكايات عن كراماتها وجعلوا منها ولية صالحة واتخذوا من مقامها مزارا للتبرك والتقرب إلى الله ما قربها من الأسطورة والحال أن الحقيقة هي أن عائشة المنوبية هي امرأة عابدة زاهدة تأثرت بروح عصرها ولعبت دورا اجتماعيا واضحا في زمانها في مد يد العون للفقراء والمحتاجين وانتهت إلى العزلة وتفرغت الى العبادة قبل موتها وأن العامة قد جعلوا منها ولية صالحة بعد وفاتها في سن تناهز السبعين عاما...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.