خلال الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسة الإسلام والديمقراطية حول التطرف العنيف ومرتكزاته يوم الخميس 8 جوان الجاري قال المفكر والكاتب صلاح الدين الجورشي إن المسلمين اليوم يعيشون في ورطة فكرية ودينية كبرى لها انعكاساتها المباشرة على المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي وملامح. هذه الورطة هي الصورة التي روجناها عن أنفسنا عند الآخرين وهي صورة سيئة جدا صورة،عنيفة تقوم على العنف والقتل وسفك الدماء والاعتداء على الأبرياء بإسم الدين ونفي الآخر ورفض الاختلاف ورفض التعايش مع المختلف وهي صورة صدامية متطرفة تدعي إمتلاك الحقيقة وتفرض تبني الأفكار بالقوة .. هذه هي صورتنا اليوم في العالم بعد ظهور تنظيم الدولة وتشكل الجماعات السلفية الجهادية. هذه الورطة لم يخطط لها من خارج العالم الإسلامي وإنما هي ورطة ذاتية داخلية بدرجة أساسية لها موروث ثقافي أي التاريخ والتجربة الثقافية الإسلامية وهذا أمر أساسي في فهمها وتغذيتها وإضفاء الشرعية عليها ولها عوامل سياسية في منطقتنا لإنعاشها وإشعالها. ومع هذا العامل الذاتي هناك عامل خارجي يتدخل عندما تتوفر العوامل الداخلية يوظفها ويستعملها لتحقيق أهداف استراتيجية.. ورطة يعيشها المسلمون فيها بعد داخلي وبعد خارجي ولكن حينما نضخم من البعد الخارجي عندها نكون قد اخطأنا الفهم والتحليل . إلى جانب ذلك فإن المشكل الذي يعترضنا في فهم التطرف العنيف هو في تحديد مصطلح التطرف الذي ليس له آليات واضحة وليس لدينا آليات محددة يمكن أن نتفق عليها في تعريفه فهل هو جزء من فهمما للدين ؟ وهل هو صورة من صور التدين ؟ أم هل هو تمثل معين للدين ؟ اليوم علينا أن نتفق على حد أدنى من التحديد لتوضيح معنى التطرف العنيف ووضع الحد الفاصل بينه وبين مختلف الصور والممارسات الدينية الأخرى .. ما الفرق بين التطرف الديني والإرهاب؟ ما الفر ق بين التطرف والتزمت ؟ الملاحظة الثالثة والأخيرة هي أن هناك من يقول في فهم هذه الورطة أن التطرف الديني هو منتوج طبيعي لحالة الاستبداد السياسي والسؤال إلى أي مدى يمكن ربط ظاهرة التطرف العنيف بحالة الانغلاق والاستبداد السياسي الضارب بقوة في المنطقة ؟ هل فهلا الإنغلاق السياسي يؤدي مباشرة إلى أن يصبح الأفراد متطرفين عنيفين أم أن للمسألة تفسير آخر ؟ ما هي الأسباب التي تجعل الأشخاص يخرجون عن خيط سيرهم الطبيعي وتحدث لهم نقلة وتحول إلى جماعات قتل وإلى قتلة بامتياز .. ما هي العوامل المحددة في ذلك ؟ نحتاج اليوم أن نفكر كيف نخرج من هذه الورطة الدينية والفكرية التي تسببت فيها عوامل ذاتية تخصنا أنتجت هذه الجماعات العنيفة التي قدمت صورة سيئة جدا عنا وأخرى لا تخصنا استثمرت واقعنا وحالنا وزادت في تعميق الظاهرة.