الكشف عن سبب حادث الوفد القطري في شرم الشيخ    رحيل نجمة هوليوود وبطلة فيلم "العراب" عن عمر ناهز 79 عاما    عاجل: النساء التونسيات يتمتّعن بتغطية صحية أفضل من الرجال...علاش؟    جندوبة .. تكريم مسنة تبلغ من العمر 107 سنوات    فيينا.. الآلاف من أنصار فلسطين يطالبون بمعاقبة إسرائيل    مصرع 37 شخصا في المكسيك جراء فيضانات و انهيارات أرضية    البطولة الوطنية لكرة السلة – الجولة الخامسة: الإفريقي يواصل التألق والاتحاد المنستيري يحافظ على الصدارة    رئيس الجمهورية يتابع الوضع البيئي في قابس ويأمر بإصلاحات عاجلة    جندوبة.. قافلة صحية تؤمن 740 عيادة طبية مجانية    حم.اس توضح بشأن مشاركتها في توقيع اتفاق وقف الحرب    المهرجان الدولي للارتجال بالمهدية في نسخته السابعة : عروض إبداعية مفتوحة، ورشات حيّة.. وفنّانون في الموعد    تصفيات أوروبا للمونديال.. ابرز نتائج مواجهات اليوم    غدا الاثنين.. ...إطلاق آلية تمويل الاقتصاد الأخضر في تونس    مع التخفيض في العقوبة السجنية : إقرار إدانة رجل الأعمال الحبيب حواص    إيناس الدغيدي تحتفل بزواجها وسط العائلة والفنانين!    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الأهالي يُطالبون بتفكيكه: ما هو المجمّع الكيميائي في قابس الذي يثير كل هذا الجدل؟    طبّ الشيخوخة في تونس بداية من ديسمبر: فماهو هذا الإختصاص؟    النفطي: نحو تعزيز التعاون التونسي الإسباني والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية    مرصد المياه: تراجع نسبة امتلاء السدود إلى حوالي 27،4 بالمائة    مباراة ودية (اقل من 23 سنة): المنتخب التونسي يفوز على نظيره العراقي    المهدية : انطلاق مشروع طموح لتطوير القصر الروماني بالجم    سوسة: عروض تونسية وإيطالية تُثري ليالي مهرجان أكتوبر الموسيقي    وزير التجارة يدعو الى استكشاف وجهات جديدة للترويج لزيت الزيتون والتمور    حافظ القيتوني مدربا جديدا للألمبي الباجي    ما تنساش: مقابلة المنتخب الوطني يوم الإثنين على الساعة 14:00!    احذر: المياه البلاستيكية تنجم تولي سامة بعد هذا الموعد!    250 مؤسسة من 19 دولة في الصالون الدولي للنسيج بسوسة    عاجل: الأمطار ترجع لتونس هذا الأسبوع وتحذيرات للشمال والساحل    دعتهم للحضور يوم 14 أكتوبر: استدعاء رسمي للمعلّمين المقبولين في التربية البدنية!    هذا عدد شاحنات المساعدات التي تنتظر الدخول الى غزة..#خبر_عاجل    3 حاجات رد بالك تشاركهم مع الآخرين    أبرز الأحداث السياسية في تونس خلال الأسبوع المنقضي (من 4 إلى 10 أكتوبر 2025 )    كميات البذور الممتازة المجمعة موسم 2025-2026 تسجل ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالموسم الفارط –المرصد الوطني للفلاحة-    استعدادا لكأس العالم 2026 - فوز الأرجنتين على فنزويلا وتعادل أمريكا مع الإكواتور وديا    عاجل: ترامب يصدم الفائزة بجائزة نوبل بعد أن أهدتها له    المهدية:أول إقامة ريفية ووجهة للسياحة البديلة و الثقافية في طور الانجاز    عاجل/ قضية ذبح خرفان مريضة بمسلخ بلدي: هذا ما قرره القضاء في حق الموقوفين..    من دون دواء..علاج سحري لآلام المفاصل..    عاجل : الفرجة بلاش ... منتخب تونس لأقل من 23 سنة يواجه العراق اليوم    صفاقس تستقبل 7 حافلات جديدة : تفاصيل    عاجل : إيقاف لاعب تنس مشهور أربع سنوات و السبب غريب    الطقس اليوم: سحب وأمطار خفيفة بالشمال والوسط ورياح قوية في الجنوب    الدورة الثالثة لمعرض " لمة الصنايعية " من 16 الى 18 أكتوبر الجاري بتونس المدينة    منظمة الصحة العالمية تؤكد ضرورة استئناف عمليات الإجلاء الطبي العاجلة من غزة..    عاجل/ الإعلان عن انطلاق مشروع جديد لدعم تشغيل الشباب في هذا القطاع..    وزارة الفلاحة:اجتماع لعرض محتوى التّقرير الوطني لقطاع المياه لسنة 2024 في نسخته النهائية    دوز تحتفي بالشعر الغنائي    اقتحام معهد في سليانة وسرقة هواتف تلاميذ: الاحتفاظ بمشتبه بهم    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    عاجل/ ضربة موجعة لمروجي المخدرات..    الاطاحة بعصابة لسرقة المنازل بهذه الجهة..    غرفة التجارة والصناعة لتونس تفتح مناظرة خارجية    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    الميناء البوني بالمهدية... ذاكرة البحر التي تستغيث    الجمعة: أمطار رعدية بهذه الجهات    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ملاحظ حر : ماذا يفعل سامي الفهري؟!
نشر في الصريح يوم 12 - 06 - 2017

لم أكن لأكتب عن الدراما التونسية في رمضان هذا العام بعد أن سبق وتناولت هذا الموضوع في مناسبات سابقة لقناعة حصلت لدي وهي أن هذا الموضوع هو موضوع صعب ويحتاج إلى الكثير من الجهد ويحتاج قبل ذلك إلى مؤسسات إعلامية جديدة تحقق التوازن المطلوب في المشهد السمعي البصري بعد أن سيطر عليه لوبي إعلامي رأسمالي يدير في صناعة درامية لصالح رأس المال ومنظومة قيم مادية ويحتاج لمجابهته رؤية درامية مختلفة بقيم أخلاقية مغايرة تعكس فعلا حقيقة مجتمعنا التونسي وتعالج قضاياه الحقيقية وهي مسألة مفقودة اليوم لغياب الموارد المالية اللازمة لذلك و لقناعة حصلت لدي منذ أن غزت القنوات والتلفازات والإذاعات الخاصة بيوتنا وتمكنت من عقول العامة من شباب مراهق وكهول غابت عنهم ملكة إدراك المعنى وملكة التحليل والنقد وهي فئات في معظمها متقبلة لكل شيء ويسهل انقيادها والتأثير فيها والتلاعب بها وهي شرائح من الشعب غير قادرة على ادراك لعبة التلاعب بالعقول والتحكم فيها وهي لعبة تمارسها اليوم الكثير من وسائل الاعلام السمعية والبصرية من خلال استراتيجية خطيرة تقوم على صراع القيم والأفكار وإستراتيجية تغيير نمط عيش الناس وطريقة تفكيرهم التي تربوا عليها وطبعت شخصيتهم وميزتهم عن غيرهم من الشعوب باستعمال الفن والإبداع هذه الاستراتيجية الاعلامية وراءها لوبي ماسك بالإنتاج الإعلامي همه الوحيد هو ربح المال وتضخيم الثروة ولا يخضع لأي معايير ولا يحتكم لأي قيم ومرجعيته الوحيدة هي أنه لا مرجعية له غير تغيير قيم المجتمع العربي المسلم وسلوك أفراده بقيم أخرى يتم الترويج لها بداعي الانفتاح على الثقافات الأخرى والانخراط في العولمة الفنية والقيم الكونية الجامعة ومن بوابة تقنية فن الواقع وسينما وتلفزيون الواقع الذي يوهم الناس بأن ما يقومون به هو تعرية الحقيقة ونقل الواقع كما هو وإظهار الحياة المخفية للناس واللعب على أفكار معينة من إبراز العنف الأسري والمجتمعي المبالغ فيه والتأكيد على موضوع تعاطي المخدرات وتعويد الشعب على التعايش معها وقبولها على أنها ظاهرة تعم كل الأسر وتضخيم الكبت الجنسي والعلاقات المشبوهة والخيانات والدعارة وتصوير المجتمع على أنه غارق في الجنس والفساد وتقديم المرأة في صور مهينة ومشينة وتقديمها في مثال سيء لا يليق بالكثير من التونسيات.
لكل ذلك خيرت أن لا أتناول هذه السنة الدراما التونسية في شهر رمضان إلى أن حضرت نقاشا دار بين بعض الأصدقاء حول واقع القنوات الفضائية في شهر رمضان والمادة الاعلامية التي تقدمها وقد لفت انتباهي تعليق على برامج قناة الحوار التونسي يقول فيه صاحبه وهو غاضب من صاحب القناة : ما ذا يفعل سامي الفهري ؟ هل ينتقم من المجتمع ؟ .. يبدو أن العمل الايجابي الوحيد والذي يحسب لحكومة الترويكا هو أنها حاكمته وأودعته السجن وأراحتنا من عقده ونفسيته المريضة ليعود إلينا اليوم من جديد بهذا التوجه الفني غير المفهوم "
فهل صحيح أن سامي الفهري صاحب عقد نفسية يريد الافراج عنها في ما ينتجه من أعمال درامية ؟ وهل فعلا يعاني هذا الرجل من حقد كبير على المجتمع لا نعلم أسبابه جعله يغرقه بكل ما هو سلوكيات سلبية بعد أن نشر على مدار سنوات كثيرة القيم المنهارة والأفكار المنهزمة ؟ ولماذا يركز بكثافة على مواضيع بعينها يعيد طرحها في كل مرة بما يوحي أن هناك أجندة معينة وعقلا مفكرا وراء الدراما التي ينتجها ؟
في الحقيقة لا يمكن الإجابة على كل هذه الأسئلة ولكن ما يمكن قوله بخصوص الدور الذي يقوم به صاحب قناة الحوار التونسي هو أن المشكل فيما يقدمه الفهري من منتوج فني يلقى اليوم نسبا من المشاهدة عالية ويقبل عليها الناس يكمن في طريقة المعالجة للقضايا التي يطرحها وللأسلوب الفني الذي يتبعه والمقاربة غير الصائبة التي تركز على الكاميرا المغشوشة التي تضخم الحدث وتلعب على وتر الإثارة وتجييش الغرائز وإبراز المشكل من دون الحل والتركيز على الصورة السلبية والعلاقات الفاشلة في المجتمع في حين أن المجتمع يحتاج إلى معالجة فنية تعلي من القيم الايجابية وتقدم صورا مجتمعية ناجحة وهذه المقاربة الأخيرة نحتاجها لإصلاح المجتمع وتسوية ما به من اخلالات فإبراز مناطق الوهن والضعف مهم ولكن الأهم منه هو طريقة المعالجة والمرمى من هذه المعالجة الدرامية .
فلا خلاف أن مسلسل أولاد مُفيدة يعكس واقع جزء من شبابنا الذي يعيش التهميش والإحباط وفقدان المعنى في كل شيء ما يجعله يختار حلولا فردية خارج إطار الدولة والمجتمع ودون اللجوء إلى الحلول التي توفرها عادة المجموعة التي ينتمي إليها فيتجه نحو المخدرات والجنس والعنف والفساد وحتى الانتحار ... كما لا خلاف أيضا في كون هذا المسلسل يثير قضايا تتعلّق بالفساد المالي والأخلاقي لبعض رجال المال والأعمال وهيمنة نمط عيش في ظاهره "حديث" وفي باطنه "بدائي" يكرس عقلية وثقافة مجتمع ذكوري تسوده قيم يفرضها المهيمنون اقتصاديا ويتم تشكيله وفق قيم الفاسدين والأكيد أن سامي الفهري لم يكن مقصده ولا هدفه كشف هذا الواقع وتعرية الوجوه المتخفية خلف نفاق ارستقراطية مزيفة والأكيد كذلك أن كل من شاهد هذا المسلسل لم يتفطن أن يتجه نحو هذا الفهم والأكيد الآخر هو أن هذا المسلسل وغيره من الانتاج الدرامي الذي ينتجه سامي الفهري يمثل اليوم ماكينة اعلامية تعمل برهانات واضحة وهي الاشتغال على القيم والمعايير وبأهداف مدروسة وهي التطبيع مع قيم الربح السريع وقلة الرجولية وانعدام المروءة والتساهل مع الممنوعات والعيش وفق حياة ألا معنى وألا معيار.
لكن مع كل هذه التأكيدات فإن المشكل ليس فيما يقدمه سامي الفهري من ثقافة ونمط تفكير وطريقة عيش وسلوك يريد أن يقنع بها الناس على أنها هي حقيقة المجتمع التونسي ويدافع عنها وفق رؤية فنية صادمة وفي الكثير من الأحيان مضخمة تشد المشاهد وإنما المشكل يكمن في العجز الذي نراه في انتاج أعمال فنية تصور حقيقة الواقع برؤية مختلفة عما يقدمه الفهري و تقدم نماذج مجتمعية تنتصر للقيم الايجابية وتراهن على الاصلاح والبناء بدل الهدم والسقوط أعمال بديلة تقدم للناس رؤية فنية تصور واقعنا من دون ابتذال ولا تهور ولا قيم سلبية .. المشكلة في كوننا تركنا هذا الرجل يلعب بمفرده في ملعب لا منافس فيه وسمحنا له أن يفعل ما يريد في غياب الأعمال الفنية التي توازن وتعدل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.