الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    147 مصابا إسرائيليا في أكبر هجوم إيراني خلال 48 ساعة    جندوبة: النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية تاذن بفتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة فى انتظار نتائج تقرير الطب الشرعي    كرة اليد : ياسين عبيد مدربا جديدا لنادي ساقية الزيت    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    عاجل : الخطوط الجوية السورية تعلن عن إجراءات مهمة    مأساة على شاطئ المهدية: شاهد عيان يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة    انقطاع مياه الشرب عن نفزة المدينة ونفزة الغربية ونفزة الشرقية واستئناف تزويدها ليل الخميس بدءا من س 23    المتحف العسكري بمنوبة يتحصّل على علامة الجودة "مرحبا "    نُقل إلى المستشفى.. ريال مدريد يعلن تطورات حالة مبابي    المنستير: المطالبة بايجاد حل للوضعية البيئية لشاطئ قصيبة المديوني    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    بطولة برلين للتنس (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور نصف النهائي    المنافسات الافريقية للأندية : الكاف تضبط تواريخ مباريات موسم 2025-2026    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    وزارة التجارة: شركات إلكترونية في تونس تخرق القانون.. والمستهلك هو الضحية    نائب بالبرلمان تطالب بحل حزبي "النهضة" و"التحرير".. ورئاسة الحكومة توضّح    تحذير للسائقين.. مفاتيح سيارتك أخطر مما تعتقد: بؤرة خفية للجراثيم!    الفيفا يوقف لاعبين من بوكا جونيورز الارجنتيني لأربع مباريات في كأس العالم للأندية    فضيحة مدويّة: شبكة تستهدف القُصّر عبر ''تيك توك'' تُفكَّك في قلب العاصمة!    أزمة لقاحات السل في تونس: معهد باستور يكشف الأسباب ويُحذّر    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    تونس: مواطنونا في إيران بخير والسفارة تتابع الوضع عن قرب    بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    هكذا علّق بوتين على "احتمال" اغتيال خامنئي.. #خبر_عاجل    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    كأس العالم للأندية: طاقم تحكيم نرويجي يدير مواجهة الترجي الرياضي ولوس أنجلوس    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    ‌وزير الدفاع الإسرائيلي: خامنئي سيدفع الثمن    عاجل: الإعلان الرسمي عن قائمة المترشحين لهيئة النادي الإفريقي    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بهذه المناطق    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات ملاحظ حر : ماذا يفعل سامي الفهري؟!
نشر في الصريح يوم 12 - 06 - 2017

لم أكن لأكتب عن الدراما التونسية في رمضان هذا العام بعد أن سبق وتناولت هذا الموضوع في مناسبات سابقة لقناعة حصلت لدي وهي أن هذا الموضوع هو موضوع صعب ويحتاج إلى الكثير من الجهد ويحتاج قبل ذلك إلى مؤسسات إعلامية جديدة تحقق التوازن المطلوب في المشهد السمعي البصري بعد أن سيطر عليه لوبي إعلامي رأسمالي يدير في صناعة درامية لصالح رأس المال ومنظومة قيم مادية ويحتاج لمجابهته رؤية درامية مختلفة بقيم أخلاقية مغايرة تعكس فعلا حقيقة مجتمعنا التونسي وتعالج قضاياه الحقيقية وهي مسألة مفقودة اليوم لغياب الموارد المالية اللازمة لذلك و لقناعة حصلت لدي منذ أن غزت القنوات والتلفازات والإذاعات الخاصة بيوتنا وتمكنت من عقول العامة من شباب مراهق وكهول غابت عنهم ملكة إدراك المعنى وملكة التحليل والنقد وهي فئات في معظمها متقبلة لكل شيء ويسهل انقيادها والتأثير فيها والتلاعب بها وهي شرائح من الشعب غير قادرة على ادراك لعبة التلاعب بالعقول والتحكم فيها وهي لعبة تمارسها اليوم الكثير من وسائل الاعلام السمعية والبصرية من خلال استراتيجية خطيرة تقوم على صراع القيم والأفكار وإستراتيجية تغيير نمط عيش الناس وطريقة تفكيرهم التي تربوا عليها وطبعت شخصيتهم وميزتهم عن غيرهم من الشعوب باستعمال الفن والإبداع هذه الاستراتيجية الاعلامية وراءها لوبي ماسك بالإنتاج الإعلامي همه الوحيد هو ربح المال وتضخيم الثروة ولا يخضع لأي معايير ولا يحتكم لأي قيم ومرجعيته الوحيدة هي أنه لا مرجعية له غير تغيير قيم المجتمع العربي المسلم وسلوك أفراده بقيم أخرى يتم الترويج لها بداعي الانفتاح على الثقافات الأخرى والانخراط في العولمة الفنية والقيم الكونية الجامعة ومن بوابة تقنية فن الواقع وسينما وتلفزيون الواقع الذي يوهم الناس بأن ما يقومون به هو تعرية الحقيقة ونقل الواقع كما هو وإظهار الحياة المخفية للناس واللعب على أفكار معينة من إبراز العنف الأسري والمجتمعي المبالغ فيه والتأكيد على موضوع تعاطي المخدرات وتعويد الشعب على التعايش معها وقبولها على أنها ظاهرة تعم كل الأسر وتضخيم الكبت الجنسي والعلاقات المشبوهة والخيانات والدعارة وتصوير المجتمع على أنه غارق في الجنس والفساد وتقديم المرأة في صور مهينة ومشينة وتقديمها في مثال سيء لا يليق بالكثير من التونسيات.
لكل ذلك خيرت أن لا أتناول هذه السنة الدراما التونسية في شهر رمضان إلى أن حضرت نقاشا دار بين بعض الأصدقاء حول واقع القنوات الفضائية في شهر رمضان والمادة الاعلامية التي تقدمها وقد لفت انتباهي تعليق على برامج قناة الحوار التونسي يقول فيه صاحبه وهو غاضب من صاحب القناة : ما ذا يفعل سامي الفهري ؟ هل ينتقم من المجتمع ؟ .. يبدو أن العمل الايجابي الوحيد والذي يحسب لحكومة الترويكا هو أنها حاكمته وأودعته السجن وأراحتنا من عقده ونفسيته المريضة ليعود إلينا اليوم من جديد بهذا التوجه الفني غير المفهوم "
فهل صحيح أن سامي الفهري صاحب عقد نفسية يريد الافراج عنها في ما ينتجه من أعمال درامية ؟ وهل فعلا يعاني هذا الرجل من حقد كبير على المجتمع لا نعلم أسبابه جعله يغرقه بكل ما هو سلوكيات سلبية بعد أن نشر على مدار سنوات كثيرة القيم المنهارة والأفكار المنهزمة ؟ ولماذا يركز بكثافة على مواضيع بعينها يعيد طرحها في كل مرة بما يوحي أن هناك أجندة معينة وعقلا مفكرا وراء الدراما التي ينتجها ؟
في الحقيقة لا يمكن الإجابة على كل هذه الأسئلة ولكن ما يمكن قوله بخصوص الدور الذي يقوم به صاحب قناة الحوار التونسي هو أن المشكل فيما يقدمه الفهري من منتوج فني يلقى اليوم نسبا من المشاهدة عالية ويقبل عليها الناس يكمن في طريقة المعالجة للقضايا التي يطرحها وللأسلوب الفني الذي يتبعه والمقاربة غير الصائبة التي تركز على الكاميرا المغشوشة التي تضخم الحدث وتلعب على وتر الإثارة وتجييش الغرائز وإبراز المشكل من دون الحل والتركيز على الصورة السلبية والعلاقات الفاشلة في المجتمع في حين أن المجتمع يحتاج إلى معالجة فنية تعلي من القيم الايجابية وتقدم صورا مجتمعية ناجحة وهذه المقاربة الأخيرة نحتاجها لإصلاح المجتمع وتسوية ما به من اخلالات فإبراز مناطق الوهن والضعف مهم ولكن الأهم منه هو طريقة المعالجة والمرمى من هذه المعالجة الدرامية .
فلا خلاف أن مسلسل أولاد مُفيدة يعكس واقع جزء من شبابنا الذي يعيش التهميش والإحباط وفقدان المعنى في كل شيء ما يجعله يختار حلولا فردية خارج إطار الدولة والمجتمع ودون اللجوء إلى الحلول التي توفرها عادة المجموعة التي ينتمي إليها فيتجه نحو المخدرات والجنس والعنف والفساد وحتى الانتحار ... كما لا خلاف أيضا في كون هذا المسلسل يثير قضايا تتعلّق بالفساد المالي والأخلاقي لبعض رجال المال والأعمال وهيمنة نمط عيش في ظاهره "حديث" وفي باطنه "بدائي" يكرس عقلية وثقافة مجتمع ذكوري تسوده قيم يفرضها المهيمنون اقتصاديا ويتم تشكيله وفق قيم الفاسدين والأكيد أن سامي الفهري لم يكن مقصده ولا هدفه كشف هذا الواقع وتعرية الوجوه المتخفية خلف نفاق ارستقراطية مزيفة والأكيد كذلك أن كل من شاهد هذا المسلسل لم يتفطن أن يتجه نحو هذا الفهم والأكيد الآخر هو أن هذا المسلسل وغيره من الانتاج الدرامي الذي ينتجه سامي الفهري يمثل اليوم ماكينة اعلامية تعمل برهانات واضحة وهي الاشتغال على القيم والمعايير وبأهداف مدروسة وهي التطبيع مع قيم الربح السريع وقلة الرجولية وانعدام المروءة والتساهل مع الممنوعات والعيش وفق حياة ألا معنى وألا معيار.
لكن مع كل هذه التأكيدات فإن المشكل ليس فيما يقدمه سامي الفهري من ثقافة ونمط تفكير وطريقة عيش وسلوك يريد أن يقنع بها الناس على أنها هي حقيقة المجتمع التونسي ويدافع عنها وفق رؤية فنية صادمة وفي الكثير من الأحيان مضخمة تشد المشاهد وإنما المشكل يكمن في العجز الذي نراه في انتاج أعمال فنية تصور حقيقة الواقع برؤية مختلفة عما يقدمه الفهري و تقدم نماذج مجتمعية تنتصر للقيم الايجابية وتراهن على الاصلاح والبناء بدل الهدم والسقوط أعمال بديلة تقدم للناس رؤية فنية تصور واقعنا من دون ابتذال ولا تهور ولا قيم سلبية .. المشكلة في كوننا تركنا هذا الرجل يلعب بمفرده في ملعب لا منافس فيه وسمحنا له أن يفعل ما يريد في غياب الأعمال الفنية التي توازن وتعدل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.