تونس مقبلة على أزمة عميقة في مياه الشرب، ويتهددها العطش، إذ أن بلادنا لأول مرة تلتجئ إلى استعمال جزء من المخزون الاستراتيجي من المياه وذلك "بتحويل 170 مليون متر مكعب من سدود الشمال لتعزيز قدرات المنظومات المائية بفعل موجة الجفاف التي استمرت لأكثر من سنتين." وهذا يعني أن الالتجاء إلى المخزون الاستراتيجي مازال مستمرا إلى حدود شهر نوفمبر أو ديسمبر موعد نزول الغيث النافع، هذا إذا نزل بكميات هامة ولم يتواصل الجفاف... ولكن ما نلاحظه هو أن نسق استهلاك المياه الصالحة للشرب هو ذاته لم يتغير، والمواطن لم يغير من سلوكه كأن ليس ثمة أزمة ولا هم يتأزمون، والصوناد لم تأخذ أي إجراء للاقتصاد في استهلاك الماء. بينما من المفروض أن تنتظم حملة كبيرة جدا على جميع المستويات للتذكير بالمخاطر التي تنتظرنا والتوعية بها وإدراكها، وأن تصدر قرارات هامة لترشيد استهلاك مياه الشرب... ولذا على الجميع أن يدركوا أننا مقبلون فعلا على مرحلة خطرة تقتضي تضافر الجهود من أجل ألا يقع المحظور وألا نجد أنفسنا "نعوموا في الشايح"، فيتم الإقلاع عن الإفراط في استهلاك الماء في ملء المسابح وإفراغها وغسيل السيارات و"تفييع" الماء في ما لا يلزم في المحلات والبيوت، وسيلانها وديانا في الطرقات كأن ثمة عداوة تاريخية وثأرا "بايتا" بيننا وبين الماء.