لدينا نحن العرب عموما استسهال كبير لأشياء كثيرة من ذلك على سبيل المثال إطلاق الاتهامات نحو بعضنا البعض بكل سهولة ودون أي حرج.. فلا نتردد في اتهام هذا بالخيانة.. وذاك بالسرقة.. وآخر بالشذوذ.. وقائمة الاتهامات طويلة جدا.. أمس قرأت عن وزيرة في قُطر شقيق اتهمها نائب في البرلمان بالسرقة.. فردت عليه: «موعدنا ساحة القضاء وإذا كانت لديك وثائق فاعلنها».. ولكن المشكلة ان حضرة النائب ليست له وثائق.. وليس لديه إلا مجرّد انطباعات.. أو استنتاجات.. أو ربما يكون قد سمع من اذاعة «قالوا».. أو أن أحدهم في المقهى (صبّ له الصبّة).. وما أكثر وما أخطر «الصبّات» التي تتهم الناس في أعراضهم وشرفهم وحتى في وطنيتهم ثم يتضح أنها باطلة.. ومغرضة.. وظالمة.. والمؤسف أنه كثيرا ما يثبت بطلان تلك «الصبّات» بعد فوات الأوان.. وبعد أن يدفع الإنسان ثمن جريمة.. أو ذنب.. أو خطأ.. لم يفعله.. ولم يقم به.. ويدفع الثمن غاليا.. ومن صحته وعمره ورزقه وقوت عياله وسمعته.. إننا نستسهل إطلاق الاتهامات.. وننسى أن على من يطلق اتهاما ان تكون لديه الوثائق.. والبراهين.. والحجج الدامغة والثابتة.. وإلا فما عليه الا أن «يضمّ فمه» ولا يطعن الناس ولا يلوث شرفهم ولا يظلمهم ولا يعتدي عليهم.. إنه الاستسهال الذي عمّ كل الأقطار العربية دون استثناء ففي كل قطر عربي تجد اليوم من وقع عليه الظلم الفادح لأن هذا أو ذاك من المتجنين أو الحاسدين أو الحاقدين أو الظالمين اتهمه باتهامات خطيرة لا نصيب لها من الصحة ولا تمت للواقع بصلة.. ولمجرد أن أحد الصحفيين الفرنسيين أصدر كتابا اتهم فيه وزير خارجية العراق السابق ناجي صبري بالعمالة للمخابرات الفرنسية والأمريكية أصبح الرجل محل شكّ.. وأصبحت وطنيته في الميزان.. وصار من المشبوه فيهم.. فعن أي عمالة يتكلمون والهجوم الأمريكي المعزز بقوة عسكرية دولية غاشمة تم على العراق بادعاءات ثبت بطلانها.. فهل كانت أمريكا بحاجة الى من يتجسس لها على العراق الذي أنهكه الحصار الجائر؟؟ نعم.. كان هناك عملاء تعاونوا مع امريكا بل حرضوها على غزو العراق ولكن لم يكن من بينهم رجال صدام.. إننا نستسهل إطلاق الاتهامات ونستسهل كذلك تبنيها خصوصا عندما يكون مصدرها «بوبرطلة» وكأن «بوبرطلة» كلامه منزّل ولا يكذب.. ولا يزيّف الحقائق.. ولا يظلم.. ولا يشوّه سمعة الوطنيين الأحرار الذين يرفضون الخضوع له وتلقي تعليماته.. علينا أن لا نثق في ما يقوله «بوبرطلة» لأن أقواله ليست دائما لوجه الله.. وليست لوجه النزاهة والحقيقة وإنما هي أقوال تكون في الغالب الأعمّ لخدمة مصالح «بوبرطلة».. ومن السذاجة أن نظن أن «بوبرطلة» يفكّر في مصلحتنا أو حتى يفكر فيها او يضحي في سبيلها..