يرى الدكتور محمد شحرور مخالفا اجماع واتفاق جميع علماء الاسلام على مدى القرون ومدى العصور ان قوله تعالى ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) يشرع للمساواة التامة في الميراث ويقر ان للذكر نصيبا مثل نصيب اخته الانثى فاذا قلت للذكر ساعطيك مثل ما اعطيت اختيك فهذا يعني اني ساعطي الجميع نصيبا متساويا ...) اذا فمحمد شحرور يريد ان يثبت ان الاية يجب ان تفهم وتفسر لغويا على انه لا تفضيل للذكر على الأنثى في قسمة الميراث وتوزيع التركات كما نصت عليه هذه الاية الكريمة بوضوح العبارت وبجلي وبصريح الكلمات وكما فهم ذلك علماء الاسلام منذ قديم العصور وسالف السنوات وانما تركيب كلمات هذه الآية يقتضي عنده عكس ذلك اي التسوية بين الذكور والإناث والبنين والبنات والغريب في الأمر ان جناب الشحرور قد نسي ان هذه الآية التي فسرها كما اشتهى وكما اراد وكما شاء ليست وحدها التي تنص على تفضيل الرجال في قسمة الارث على النساء ولسنا ندري كيف سيفسر لنا شحرور بمنهجه اللغوي الغريب العجيب قوله تعالى مخاطبا الرجال في هذه السطور ( ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها او دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فان كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين...) النساء 12 فمن الواضح ومن الجلي ان نصيب الرجال مما تركته نساؤهم محدد في هذه الاية بالنصف في حال انعدام الأولاد وبالربع في حال وجودهم بينما نصيب النساء محدد بربع ما ترك ازواجهن في حال انعدام الأبناء وبالثمن في حال وجودهم فهل سيجد لنا جناب الشحرور مخرجا او فتوى لغوية حتى يقنعنا بان الله تعالى لا يقصد في هذه الآية الكريمة هذا التفضيل كما فهم ذلك جميع العرب وكل من يعرفون ويفهمون لغة الضاد وتوارثوها جيلا بعد جيل؟ وانما يقصد المساواة بين الزوجين في قسمة الميراث والتركات بمعاني ومفاهيم اخرى مخالفة لما جاء صراحة في تلك الآية من الكلمات؟ التي لم يفهمها غير شحرور او سيبويه او ابن منظور او الفيروزابادي اخر هذه السنوات؟ وعلى كل حال فاننا لا نتصور ان شحرور يفهم ويعلم في مجال اللغة اكثرمن اللغوي جار الله الزمخشري صاحب تفسيرالكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التاويل الذي قال في تفسير تلك الآية ما يبرئ السقيم وما يشفي العليل (..فان قلت هلا قيل للأنثيين مثل حظ الذكر او للانثى نصف حظ الذكر؟ قلت ليبدا بيان حظ الذكر لفضله كما ضوعف حظه لذلك ولان قوله للذكر مثل حظ الأنثيين قصد الى بيان فضل الذكر وقولك للأنثيين حظ الذكرقصد الى بيان نقص الأنثى وما كان قصده الى بيان فضله كان ادل على فضله من القصد الى بيان فضل غيره ولانهم كانوا يورثون الذكور دون الاناث وهو السبب لورود الآية فقيل كفى الذكور ان ضوعف لهم نصيب الاناث فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن مع ادلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به...) الكشاف ص505/506 (الجزء الأول) اما المفسر الكبير الشيخ التونسي الطاهربن عاشور الذي لا نظن ان محمد شحرور يجهل مكانته اللغوية او يدعي انه يفهم ايات كتاب الله افضل منه بداعي الغفلة او الجهل اوالغرور فانه يقول في تفسير تلك الآية(جعل الله تعالى حظ الأنثيين هو المقدار الذي يقدر به حظ الذكر ولم يكن قد تقدم تعيين حظ الأنثيين حتى يقدر به فعلم ان المراد تضعيف حظ الذكر من الأولاد على حظ الأنثى منهم وقد كان هذا المراد صالحا لان يؤدى بنحو للانثى نصف حظ الذكر او للانثيين مثل حظ الذكراذ ليس المقصود الا بيان المضاعفة ولكن قد اوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الايماء الى ان حظ الأنثى صار في اعتبار الشرع اهم من حظ الذكر اذ كانت مهضومة الجانب عند اهل الجاهلية فصار الاسلام ينادي بحظها في اول ما يقرع الاسماع قد علم ان قسمة المال تكون باعتبار عدد البنين والبنات) (تفسير التحرير والتنويرص257 المجلد الثاني الجزء الرابع(دار سحنون) اذا فخلاصة هذه السطور التي ترد على تفسير وراي محمد شحرور ان تفضيل الذكر في قسمة الارث على الأنثى ثابت بغير تلك الاية التي ظن شحرور انه بلغ بها في تاكيد المساواة في الارث المنتهى وان هذان المفسران المذكوران في هذا المقال رجلان من اقطاب علماء الرجال قد اشتهرا وتبحرا في مجال اللغة العربية وعرفا بتفسير القران على كل وجوهها واحتمالاتها العقلية والشرعية ولكنهما لم يقولا ان اية (للذكر مثل حظ الأنثيين) تشير ولو بتاويل بعيد الى التسوية في الارث بين الاناث والذكور التي يدعي ويزعم محمد شحرور ان حقيقة اللغة العربية التي نزلت بها هذه الاية لم يفهمها غيره طوال ما عاشه المسلمون من القرون ومن العصور ومدى ضخامة ما تناقلوه وتوارثوه وتداولوها خلالها في تفسير تلك الاية من علم مشهور اوعلم مغمور