ماهي سياسة التعنيق؟ ماهي سياسة التعليق؟ السياستان عرفتهما في الكتاتيب وبهما نصل الى جوهر الموضوع ومقاصده كان في كتاب مؤدب يقابل عبث تلميذ بمناداته والمسح بيده على رأسه ومعانقته وتقبيله ودعوته للأدب بلطف لماذا؟ لأنه يخاف أباه. وكان هذا المؤدب يعامل أغلب تلاميذه بالصرامة والشدّة واذا خرج أحدهم عن الأدب أو وقع في سوء الحفظ وضع ساقيه في الفلقة وعلّقهما واشبعه ضربا بعصا من الجريد التلميذ الذي عانقه المؤدب خرج من الكتاب دون أن يختم القرآن. والتلاميذ الذين علقهم المؤدب في الفلقة ختموا البقرة وحفظوا القرآن وعرفوا الفقه وقواعد اللغة فواصلوا التعلّم في المدارس، وفازوا بشهائد عليا. ماقولكم؟ أعتقد أنكم قد فهمتم عنوان مقالي هذا العنوان أسقطه على سياسة الحكومة التونسية وأسأل: هل هي تسير بنا وتسوسنا سياسة التعنيق أم سياسة التعليق؟ الجواب نأخذه من حادثتين حدثتا منذ أيام قليلة وان كان مثلهما كثيرا الأولى: سواق القطارات التونسية شنوا اضرابا عاما فأوقفوا حركة نقل المسافرين فتضرر بالاضراب آلاف. هذا الاضراب اعلان عن احتجاج على القضاء الذي حكم بالسجن شهرا على سائق قطار قتل بالقطار طفلة. هؤلاء المضربون أرادوا بالاضراب كسر قضاء القاضي. فبماذا قابلت الحكومة هذا الاضراب؟ قابلته بالعناق، قابلته بوساطة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي وعد بما يرضيهم عوض أن تقابل بقوة القانون الذي يحمي القضاء وهيبة أحكام القضاء. ويمنع تدخل اي كان في أحكام القضاة فهل سياسة التعنيق تحفظ هيبة القضاء أم تدل على ضعف السلطة وخوفها من النقابات والاضرابات؟ الثانية: حماعة من الصيادين في البحر بالكيس، والصيد بالكيس ممنوع حفاظا على الثروة السمكية... هؤلاء الصيادون لما منعوا من الصيد بالكيس وعوقب من خالف منهم قطعوا طريق النقل البحري من صفاقس الى قرقنة ومن قرقنة الى صفاقس فأصيب المسافرون وأغلبهم من أبناء الجزيرة بأضرار متعددة شاهدناها بالصورة والكلمة الحائرة. فماذا فعلت الحكومة لهؤلاء الصيادين؟ أخذتهم بسياسة التعنيق أياما لابسياسة التعليق والحال أن ما فعلوه تكرر منهم واضر بإخواننا سكان قرقنة. فهل بسياسة التعنيق يستتب الأمن وتتوقف الفوضى وتتوقف الاضرابات والاحتجاجات العشوائية على كل صغيرة؟ هل تتحقق التنمية ويسير قطار تونس الى مرفإ السلامة؟ أسأل وأحب أن أفهم؟!