تتواتر الأحداث الدرامية في البلاد على وقع كارثي يدمي القلوب وفي غياب مؤشرات ثابتة عن قرب إنتهاء الكابوس لأسباب لم تعد خافية على أحد ، وفي مقدمتها ذاك التلكؤ في مواجهة التحريض والإستفزاز والخطاب التكفيري والترويج للمقاربات الإرهابية في المنابر الشارعية والإعلامية تحت غطاء " حرية التعبير "! يتساءل التونسيون الملتاعون بمرارة المحبطين وفاقدي الأمل : هل قدرنا ، وقد فتحنا أعيننا على الأحلام المجنحة ، أن نعيش على إيقاع الإنكسارات والنكسات والهزائم والنكبات؟! هل بالغنا في الحلم ورفعنا من سقف طموحاتنا وبنينا قصورا من الرمال غير عابئين بالعواصف التي ستنسفها ؟ لقد هزتنا الآمال المنفلتة ، مرارا ، ولكننا سرعان ما نستفيق على فواجع مرة وقاسية ، فنتراجع إلى الوراء خاسئين تلاحقنا لعنات الخيبة والإهانة والعار . حاولنا النهوض ، عدة مرات ، وشكلنا من أوهامنا أحلاما أخرى ، ورسمنا ملامح طموحات إبتكرناها من رحم تطلعاتنا التي لا تتوقف أبدا ، وعندما خيل إلينا أننا حلقنا ، عاليا وبعيدا ، تهاوينا بسرعة لتلفنا أردية العجز وتعصف بما تبقى لدينا من إرادة وعزيمة. مع تتالي الإنكسارات تتداعى قدرتنا على صناعة الأحلام ، وتعصف بنا آلام الإحباط حتى إقتنعنا في نهاية الأمر بأننا "شعب النكبات" ، وقدرنا أن نبقى رهائن أزلية في قبضة الخذلان والخيانات. كم من حلم صنعناه ، وشيدنا على توهجه طموحاتنا ، لكنه تبخر و0ندثر .حدث ذلك مرارا بالسيناريو ذاته ، وأخيرا في ما وصفه الغربيون ب"ثورة الياسمين" ، التي لم تكن ، في نهاية الأمر ، إلا من جنس تلك الأحلام التي تطوقنا بسحرها تم تنقلب إلى أضغاث كوابيس. هذه الوضعية الدرامية لا تخص تونس فقط وإنما كل البلدان العربية ، دون إستثناء ، بل أن تونس تبقى الأقل انسياقا في هذه المتاهة ، لكن المسألة ، في جوهرها ، لا تعالج بمثل هذه المقارنات النسبية ، بل بالبحث في جذور أسبابها ، وهي عديدة ومتشعبة ، وقد جاءت العودة إلى مربع الفوضى والإنفلات لتثير فينا السؤال المرير: لماذا سقطنا في هذا القاع؟