وزارة الفلاحة: 11 مليار لمقاومة الحشرة القرمزية    العالم الهولندي الشهير يحذر من بيل غيتس    أبطال إفريقيا.. الأهلي المصري يفرض التعادل على مازيمبي ويؤجل الحسم لموقعة القاهرة    القصرين : وفاة 4 أشخاص في حادث إصطدام بين سيارة نقل ريفي وشاحنة في مفترق بولحناش بتالة    خطير بصفاقس : افارقة ينفّذون عملية براكاج لسيارة تاكسي    بن عروس: مغادرة كلّ مصابي حادث الحافلة السياحية المستشفيات باستثناء حالتين    نابل :سقوط رافعة مواد بناء على سيارتين في دار شعبان الفهري    فرنسا: ترحيل امام جزائري بتهمة التحريض ضد اليهود    حجز أكثر من 13 الف طن من الفلفل والطماطم بهذه الجهة    بدعوة من رئيس الجمهورية.. تبون والمنفي يزوران تونس الاثنين القادم    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    وزارة العدل تصدر قرارا بتسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر أعضاء بالمجالس الجهوية    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    عاجل/ التشكيلة المحتملة للترجي أمام صانداونز    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    رسميا: زياد التلمساني يودع ترشحه لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدارية تونس سالم المساهلي
نشر في الفجر نيوز يوم 15 - 04 - 2012


أطلق حنينَك قد أضنيتَه كدَرا
واقصِد فإنك أنهكت المَدى سَفرا
تقتاتُ وهمَك محمولا على قَلقٍ وترقُبُ الغيبَ ترجُو وصْله قدرا
تُعَاقرُ الحُلمَ والأسحارُ شاهدةٌ
قد خابَ من عَاشر الأحلام والسّحَرا
أعلنْ غرامك لا تخضع لذي عَذَلٍ
واغنَم وصَالك كأسًا عُبّه سَكرا
قد آمن النّاس أن الحُبّ مُنكتم
وأنّ من جَاهر الأيّام قد كفرا
فأعذبُ العشق أشواق مخزّنة
لا تُستباح ولا تُلفَى لمَن عبَرا
وحفظكَ السّرّ صَونٌ للهوى ورُؤى
تُغنِي الفؤادَ وتحيي الذّكر والصّوَرا
وتدفئ النّفس إن ضَجّ الحنينُ بها
أو هدّها الصّبّ في الأحشاء مُسْتعرا
فَكم سنُحصي من الأسبابِ نَركبُها
لندفنَ البوحَ في أحشائنا أثرا
ونَجعلَ السّرّ محرابا نَلوذ به
فنهجرَ الوصلَ والتسآلَ والخَبرا ؟
يا مُبدع الصّمت لو ذُقت الصِّبا رشَفا
لطارَ لبّك في آفاقه شرَرا
وهِمت في الرّيح تستقصي رسائلها
وتقرأ الأرض والأجواء مفتقِرا
لا دار للحُرّ غيرُ الأفق مُتسَعا
للأغنياتِ ، تدُعّ الكبْتَ والحَذرا
*******
من أين أدخل يا أمّ الرّؤى فأنا
في منتهى الوجد ، ما أبقيتُ مُدّخَرا
إني ببابك ، لا أدري ، وبِي وجَلٌ
أن تتركي الشوقَ في عَينيّ منتظِرا
أو تزرعي الغيم في آفاق أمنيتي
وتجعلي النّبضَ في الشريان مُنكسِرا
آتيك مكتمل الآيات تسبقني
فوضى اشتياقي ، وبوْح ٌ طالما انحصرا
هذا الكتابُ ، وفيه ما جنيتُ
من الصدّ الطويل ، وما لاقيتُ مصطبِِرا
فكيف أشرَحُ ما لا لفظَ يَعبُرُه
ولا سبيل سوى دمع قد انهمرا ؟
حدّثتُ عنكِ فلم يكفِ الحديثُ ، ولا
جَفّ المعينُ ، فؤادًا ذائبا نهَرا
فأنتِ من لغةِ الخلاّق حُجّتُه
على اللغاتِ بهاءً سامقا نضِرا
هيفاءُ في أفق الأسماء طالعة ً
تُضيءُ شمسَ الضّحى والنّجمَ والقمَرا
جذورها في ثرى الآزال موغِلة
وطلعها في الأعالي يُغدق الثمَرا
" قرطاجُ " مبتدأ الأسماء طالعةٌ
تعانق الكونَ والتاريخَ مُذ بَكَرا
ترابها الثرّ ألوانٌ مطرّزة
من الحضاراتِ ، والإنسانُ من حبَرا
أرضُ الملاحم لم تفقِد نضَارتها
مازالَ دِيوانُها في البأسِ مستَطَرا
صَدى " العبادِل "في الأجواء صومعة ٌ
يعلو بها الذكرُ في الآفاق ، ما فترَا
َبدََوا كما الفجرِ إشراقا ، توحّدهم
بيارقُ الفتح ، تحْدُو الضّوءَ منتشِرا
ودمدمَ الحقّ : " إفريقيةُ " انعتقت
من الضياع ، تداعَى الليلُ واندثَرا
فليهدأ اللغطُ والتشويش منتبِها
لسيرة المَجْدِ والتُّرب الذي طَهُرا
لا وقتَ للشكّ والتفتيش في ضِغثٍ
مضى مع الرّيحِ في الأهباء ، أو طُمِرَا
مازالَ في القومِ مفتونٌ ومغتربٌ
بعدًا لمن بَاع في أيّامنا وشرَى
سيَذكر " الباي" موجوعاً مُدوّخَه
تِربَ السباسب والأجبالِ مُذ ظَهرا
فحلُ الأباة " عليٌّ " ليسَ تُنكِرُه
طلائعُ الخَيلِ أعلى السّرج مُشتَهرا
" بايٌ من الشعب " لَم تخمَد قبائلُه
مدَى الزمانِ وظلّت غيظَ من قهرا
قد أخمدوا النّبضَ في شريانه فغدا
رمزَ الكفاحِ وذخرًا للذي ثأرا
يا دارَ" عُقبةَ " هذي القيروان هوًى
يؤلّفُ الذكرَ محرابا ومُدّكِرا
فتستفيقُ شرايين الوصال ، مدَى
" زيتونةٍ " ، يَستعيدُ البِشرَ مُفتخِرا
كمْ غيّبَ القهرُ بوحَ العَائذين به
من لفحة الهجر يُدمي الرّوحَ والبَصرا
كم حاصروهُ غريبا في مرابِعه
وطارَدوا الطيْر في أجوائه شذَرا
كم ، كم ، وكم في الصّدى تاهت حمائمه
وهاجرت ، لا ترى في دربها نفَرا
وضاقت النفسُ بالأنفاس وانقبضت
وشُرّدَ القلبُ في الأبعادِ منفطِرا
لكنه الله .. والأيامُ قبضَتهُ
مُرادُه الأمرُ ، والأكوانُ ما أمَرا
هَبّ الأماجدُ بركانا وعاصفة ً
تَمْحو الجفافَ وتسقي عمرنا مَطرا
******
لا أدّعِي الوصْفَ فالألفاظُ قاصرة ٌ
ومبلغُ الجهد أن ألقاكِ مُنبهرا
أنتِ الجهاتُ جميعا أينما سرحت
عيني ، تَراكِ ربيعَ اللهِ مُختصَرا
يزهو بك الأفقُ والأرضُ التي انشرحت
في بهجةِ الحسنِ تسبي العقلَ والنظرا
هبّت لك الناسُ يا خضراءُ راجيَة ً
أنسَ المقام ، فكنتِ الظل والسّرُرا
أنتِ الرّبيعَ بألوان اللغاتِ صَدى
للعالمينَ ، وحِضنا للورى ، ندَرا
إلا الذينَ عدَوا بَغيا ، تُحرّكهم
نوازعُ الظلم تُبدي الشّرّ والضّررا
وتزرع الموتَ والأوجاعَ في دمنا
وتجرفُ الزرع والأزهار والشجَرا
حتى بدا الصّبح في الآفاقِ ترفعهُ
سواعد الأسْدِ ، لا تحني لمن غدَرا
تجودُ بالنفس إعزازا لموطنها
وتكنسُ العابث المحتلّ منكدِرا
فخلّدتها الأناشيدُ التي صَدَحت
بها الجبالُ ودوّى وقعها وَترا
" فلاّقة ٌ " ، في الهوى أسمَى ، وهِمّتُهم
أعلى ، وآيتهم على الزّمانِ ذُرى
تعسا لِمن ساسها بالمكِر ، مُقتبسا
وهم الزعامَةِ ، يقضي الشّأن والوَطَرا
وخاتلَ الناسَ يسعى خلف إمرَته
يُراقبُ العُجمَ ، مبهورا ومنصهرا
يُشايع العلجَ ، يستجدي ملامحه
ويدّعي أنّه الموهوبُ مُبتَكِرا
رأى العروبةَ أوهاما مجنّحة ً
وظلّ دهرَه بالأغرابِ مُتّزِرا
قولوا لمن يسكنُ المَوتى جماجمَهم
من يعبُد الرّيح ، يجني العصفَ والغَبرا
لا عاش في الناسِ من يقتاتُ من صَنمٍ
ويَدّعي المَجدَ في محرابه ، بَطَرا
*******
قومي إلى الناس أعياهم ترقّبهم
لطلعةٍ أودعوها الحُلم والنّذُرا
قومي فذا زمنٌ قامت قيامتهُ
وصارَ أعيانُه في عينه بعَرا
تجري رياحُك بالثوراتِ واعدةً
بالغيث ، يُحيي مواتَ الأرض والبشَرا
تجري بما تشتهي الآمالُ واثقة
بجولةِ الحقّ إقبالا ومبتدَرا
ويهطلُ البشرُ هذا جرحُ نورسةٍ
وذا شهيد علا ، يستلهم الظفرا
وذي المشاعر تغلي في حناجرنا
" تحيا الشعوبُ ويهوي القهرُ محتَضَرا"
التونسيون ارتقَوا أيّامهم شُهبا
وسطّروا في العُلا التاريخَ والسّيرا
من شعلة الغيظ فرّ الليلُ مرتبكا
وهذه الشمسُ تغزو الظلّ والبُؤرا
يا عاذِلا لِصداهم يومَ أن وثبوا
وجَنّدوا الرّعد والإقدام والخطرا
حاول مساسا برايات الهتاف ترَ
أنّ التوهّج فيهم ليس مستتِرا
في حبّهم حرقوا الأنصاب واحترقوا
كي يرحَل الليلُ مذؤوما ومندحِرا
ستحفظ الأرضُ ميراث الذينَ رَقَوا
ويذكُر القيْدُ من حَلّوا به زُمَرا
ويشهدُ النّخل والزيتونُ مُجتمِعا
أن الشهيدَ تحدّى الموتَ مُقتدِرا
حَبّ البلاد عفيفا غير ذي طمع
وعانق الرّايةَ الشمّاء مفتخِرا
يحيا الشهيدُ بنا ، نحيا به ، وهنا
يُصغي مليّا لما نشدو به ، ويرى
أبناؤك الآن يا خضراءُ يجمعُهم
رَفُّ اللواءِ نشيدا هاديا عطِرا
يمضون للأفُق الأعلى تُظللهم
بيارقُ العقلِ تحدو الخَطوَ والفِكرا
ألواننا في الرؤى تغذو تآلفنا
ويغتني الحقّ بالآراء مُزدهِرا
يا داعيا للهدى هذي منارتُه
هلاّ اهتديتَ بمن أبلى ومن مهرَا
فوارس الحقّ ذابت فيه أعينهم
تجلو الصّحائف والأنوار والصّوَرا
قد أجهدوا العقلَ في التحقيق واتّخذوا
من التّرفّق منهاجا ومُختَبرا
لم يركبوا الحُلمَ في الأفهام فاقتبسوا
من الديانةِ ما يستنقذُ الفِطَرا
مالوا إلى العدل والتنوير دون هوًى
يُشدّد الأمر أو يُبديه مبتَسَرا
يجري الوجودُ على الميزانِ تحكمهُ
إرادةُ البارئ الخلاّق مُذ فُطِرا
لا يُدرَكُ الوزنُ إلاّ في استقامتِه
على السّراطِ ، وإن أغضَى فقد خسِرا
يا فتيةَ الوجدِ هذا دينُنا وسَطٌ
لا يقبَلُ الشّدّ والإرخاءَ مُنشطِرا
دينُ المحبّة والتّأليفِ خيمتنا
فكيفَ نَجعلُ من إقبالِه دُبُرا ؟
آياتنا تُوقظ التفكير تقدحُهُ
فكيف نسجنُ عقلا طالما قُبِرا ؟
ويسطعُ الوَحيُ في وجداننا شُهباً
تعنِي الثريّا ، فنبغِى الظلّ والحَدرا
غوصوا على النصّ واستجلوا جواهرَه
خزائنُ البَحرِ ليست بعضَ ما ظهرا
لواؤنا الحقّ ، لا نرضَى لهُ بدلا
تاجُ الفخارِ لمن ضحّى ومن صبَرا
يا من تغرّب في الأوهام ذا وطنٌ
لا يستكينُ بلاطا للذي فجَرا
وجفّف النّبع في شِريان أمّتنا
وحوّل النّهرَ نحو السّمّهى فجَرى
وواعدَ القدسَ مشغولا بغاصبها
وقطّع الوصلَ والشريانَ مؤتمِرا
وطارد الحُلمَ في آفاقنا زمَنا
ضاق الفؤادُ به فاكتظّ وانفجَرا
وتاهت النفسُ والأحزانُ غامرةٌ
فخيّم اليأسُ واشتدّ الضّنى وسَرى
وأثقل العجزُ أزنادا مقيّدة ً
وأُربِكَ الناسُ : مَنْ أحنى ومن هجرَا
شتّى يهيمونَ والأسواطُ تسلقهم
يُهرّبون الهوى في البال معتَصَرا
حتّى قضَى اللهُ وعدا ليس يُخلفه
فقيّضَ الأمرَ والشعبَ الذي جهَرا
إرادةُ الحقّ والأحرارِ واحدة ٌ
فألفُ مرحى لمن بالعزم قد فخَرا
طوبى لمن هبّ كرّارا بلا وجلٍ
طوبى لمن نازل الطغيانَ وانتصرا
*******
يا مُربكَ الحلم ترجُو العرش مملكةً
ها تحصِدُ الرّيحَ والتّرحال والعثرا
تجرّع الحزنَ واجترّ الهوان عسَى
تثوبَ للرّشد كي تستقرئ العِبرا
ذو المَكر يبقى صغيرا في مطامحه
وليس يبلُغ ، مهما حاولَ ، الكِبرا
يخاتل الناسَ مسكونا بظلمته
و لا يجاوزُ في أحلامه الحُفرا
قد يخدع الخِبّ أقواما لطيبتهم
يبلى الخداعُ ويثوي الخِبّ محتَقرا
لن يغفرَ النخلُ والزيتون سطوة من
زَفّ الكرامةَ للأعداء متّجِرا
وزارع الغُبن والتشريد في بلدي
سيحصدُ الآن ما أمضى وما بَذرا
تمضي الكلابُ على أطماعها جِيَفا
ويسطع الشّمّ في عليائهم دُررا
لاعَوْدَ للجُبّ يا صِدّيقُ ، قد كُشفوا
للعالمين ، وذابوا في السّهى مَذرا
قميصُك الآن موشومٌ بأعينهم
فليغمِضُوها ، ويقضُوا غُمضها سَهرا
لا عوْدَ للسّجن فالفرعونُ مرتهنٌ
بالعادياتِ حبيسَ النّبضِ منحسِرا
سبعٌ عجافٌ مضَت فينا مضاعفة ً
فاحضُن ربيعكَ عطريّ الندى خَضِرا
يا تونس الأنس هبّي الآن واثقة ً
من الفلاحِ ، فهذا صُبحنا سفَرَا
حَيّا نسيمك بالتحرير مُنتشيا
وهاهنا قمرٌ يجلو الدّجى بَدَرَا
ها يُزهرُ الوعدُ في عينيكِ مبتسما
ووجهك الطلقُ بالآمال قد بشَرَا
هزّي إليك بجذع الوقتِ وانتفضِي
تُصحِي الزّمانَ وتَهدي البَدوَ والحَضَرَا
سيورقُ الحلمُ يا خضراء فابتهجي
لا تحزني لحصادِ القومِ منتثِرَا
سيرجعون لحضن الأرض تجمعهم
سنابلُ الحُبّ ، والمحبُوبُ من عَمَرَا
*******
هذا بيانُ الذي طالت صبابتُه
وجرّب الهجرَ والإفراد مُزدَجَرا
قد ودّع الحزنَ كي يلقاك محتفيا
وجاءك الآن يا خضراء معتذرا
لو أشرح الآن ما بي ، بان من شجني
ما يُنطق البكم والأنعام والحجرا
لكنّ بي خجلَ الأحرار يمنعني
من التشكي فأخفي ما مضى وجرى
حسبُ المشاعرِ أن تلقاك زاهية ً
ولستُ أركَبُ فيك الحَشو والهَذَرا
فلتحفظي البوحَ ، لا تنسَي مَودّتَنا
هذا حبيبكِ ، يستسقي الرّضا كدِرَا
لا لن أغادرَ ، هَذا منتهَى سَفري
فلا تلومي مَقامي هَلّ أو بَسَرا
صاحبتُ مركبة الأيّامِ غائمة ً
ما أتفهَ الغيمَ نَجري خلفَه عمُرا
تسيرُ بالكون أحكامٌ مسطّرةٌ
لا تستَباحُ ، فسبحان الذي قدَرا
سَيسكنُ النبضُ مهمَا مَدّه نفَسي
ويهدأ الخطوُ إمّا طالَ أو قصُرا
ويَحكُم الصّمتُ جُدرانا محصّنة ً
فكيفَ ينطق من في الرّمسِ قد غبَرَا ؟
أقولُ للّحْدِ : قد آتي على عَجلٍ
أَعِدّ لي النّجمَ كي أستمرئ السّمَرا
أعدّ لي الذكرياتِ الخُضرَ من بلدي
لا تجعَلنّي عَديما خاليًا حَسِرا
لموعد الله ، لم أحمل سوى أملي
ومطلبِ العفوِ للرّحمانِ مُغتفِرا
قولي مع الناسِ : كان الشعرُ صهوَتَه
وكان أصدقَ من أندى ومن عَبرَا
ما باعَ للسّهو حَرفا مِن عبارتهِ
ولا استراحَ لرِفدٍ ، قلّ أو كثُرا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.