المسؤولية أنواع. من أنواع المسؤولية مسؤولية يضعها الغير في عنق واحد فيقبلها ويتحمّلها. من أنواع المسؤولية مسؤولية يطلبها واحد من آخرين فيضعونها في عنقه فيقبلها ويتحمّلها. هذا النوع الثاني نجده في السلطة التشريعية. نجده في الانتخابات التشريعية يتقدم فيها مواطن من المواطنين ويطلب منهم تكليفه بنيابتهم ويعدهم بالسهر على هذه الأمانة فيكلفونه ولهم فيه خير أمل. ومن السهر على هذه الأمانة الحضور في كل جلسة من مجالس الشعب. ومن السهر على هذه الأمانة الحضور في بداية وقت كل جلسة ومواصلة الحضور الى منتهاها. من الأمانة ألا يصوّت النائب على أي قانون أو مشروع أو قرض أو.. أو.. إلا إذا كان واعيا عارفا بمضمون وجوهر ما سيصوّت عليه قبولا أو رفضا. فهل هذه الأمانة محفوظة يحافظ عليها كل نائب من نوّاب مجلس نواب الشعب بتونس؟ نأخذ المثال من جلسة انعقدت بالمجلس يوم الاربعاء 7 فيفري 2016. جوهر هذه الجلسة النظر في قرض يضاف الى القروض التي توضع بثقلها على أكتاف الشعب التونسي. فالموضوع ثقيل والموضوع خطير. وخطر الموضوع يكمن في أن تونس اكتوت في تاريخها بالقروض حتى وصلت الى الافلاس، وانتهت الى وضع سلسلة الحماية الفرنسية في يدي تونس. فكيف كان موقف النوّاب في المجلس من هذا القرض كمثال ؟ غاب نصفهم أو أكثر عن مناقشة موضوع القرض. أخذ عدد منهم الكلمة لمناقشة الموضوع. أغلب الذين تكلّموا رفضوا سياسة الحكومة اعتماد حلّ مشاكلها المالية على القروض، وأعلنوا تبعا لذلك فشلها وفشل سياستها. عرض مشروع القرض الثقيل على التصويت فكم صوت لفائدته؟ أقل من نصف عدد نواب المجلس وافقوا عليه، أي وافقوا على أن يثقلوا كاهل الشعب بقروض وكأنهم يردّدون المثل القائل (اللي يبقى في الدار يدفع الكراء). ألا يعتبر غياب أكثر من نصف عدد نواب المجلس خيانة لأمانة؟ هل ترتاح ضمائر الغائبين؟ هل يشعرون حين يقبضون الجراية أنهم كانوا في المجلس في مستوى المسؤولية التي وعدوا الناخبين بها؟ ماذا يقولون إذا علموا أن وزيرا في مجلس العموم البريطاني اعتبر تأخّره عن موعد المجلس بخمس دقائق عارا ولذلك قدّم استقالته؟ هل في نوابنا ووزرائنا من يرى غيابه عن موعد الجلسة عارا؟ أسأل وأحب أن أفهم.