عدد كبير من جمهور المثقفين و المهتمين بالشأن الفلسفي و العلمي أثثوا يوم الأحد 4 فيفري 2018 بالمركب الثقتافي محمد الجموسي بصفاقس المداخلة التي قدمها الدكتور أحمد ذياب في إطار نشاط المقهى الفلسفي للجمعية التونسية للدراسات الفلسفية فرع صفاقس بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ودار محمد علي للنشر والمندوبيتين الجهويتين للتعليم بصفاقس 1 وصفاقس 2 وقد أفادنا الدكتور أحمد ذياب بما يلي : " تطرح المحاضرة عدة تساؤلات . . . و منها هل الدين علم . و هل العلم يثبت الدين . . . قم هل أن العقل البشري بمكوناته الثلاثة هو الذي عليه أن يثبت أو يؤيد الأديان . . . ثم هل أن الأديان نقلت عن بعضها البعض أم هي مستقلة عن بعضها . . . و هل ما نقرأه ف النص الديني يصلح لكل زمان و مكان أم أن الفهم متحرك بالقدر الذي بلتهمنا العلم ليصنع عام 2040 عقلا كمبيوتوريا يتجاوز قدرة دماغنا الحالي .. هذه بعض الأسئلة و بعضها كثير . " كما إلتقينا بأستاذ الفلسفة السيد عبد اللطيف الهذيلي الذي صرح لنا بالأسطر التالية : " صنع المقهى الفلسفي بصفاقس الحدث صبيحة هذا الأحد 4 فيفري 2018 بإستقطاب جمهور غفير و متنوّع و من أجيال مختلفة ، حتّى أنّ حضور الأطبّاء و الدكاترة و المختصّين في المجال العلمي كان حضورا لافتا ، فضلا عن وجوه متنوّعة من رموز الثقافة بالجهة … في هذا السياق الثقافي تتنزّل مداخلة الأستاذ الباحث و المثقّف الألمعي الدكتور ” أحمد ذياب ” ، و بقدر ما كان العنوان مألوفا ” العلم و الأديان ” بقدر ما كانت المضامين جريئة و صادمة للبعض و لكنّها مدعّمة بحجج علميّة ذات بعد أنتروبولوجي بيولوجي على وجه الخصوص ، وجّهها المحاضر نحو إبراز أنّ تطوّر الدماغ البشري في طفرته الثانية بعد صنع الأدوات أو ما يسمّيه بالدماغ ” الحوفي ” أي دماغ العواطف و خلاياه العصبيّة هي التي أفرزت الرهبة و الخوف من الموت و من ثمّ دخول الماوراء عالم الإنسان ، هذه القشرة الدماغية يمكن أن تكون موضوع تأثير لصنع متديّنين أشدّاء أو ملحدين على السواء ، و لعلّ من أبرز ما جاء في هذه المداخلة المدعّمة بحجج إستقرائيّة علميّة هو نفي ما يسمّى بعذاب القبر بالنظر إلى الموت البيولوجي ، و لا أثر لما يسمّى بالإنسان العملاق ، كما أكّد أنّ عظم الذنب يبلى قبل غيره ،و أنّ اللّحم يتكوّن قبل العظام و هذا مناقض تماما لما جاء في العديد من الديانات ليستخلص من ذلك أنّ معظم الديانات مبنية على فرضيات لا علميّة و أنّ كلّ دين إقتبس من ديانات سابقة عليه ، لينتهي إلى إستنتاج مفاده أنّ العلم و الدين خطّان متوازيان لا يلتقيان من حيث التوجّه و المنطلقات و النتائج ، دون أن يعني ذلك إقصاء للرأي المخالف أو تنكّرا لحقّ الإختلاف … جرأة مضامين المداخلة أثارت نقاشا مستفيضا إستغرق أكثر من ساعة و نصف ، طالب من خلالها بعض المتدخّلين توضيحات حول عديد الإثباتات العلميّة ، في حين تساءل البعض الآخر عن مدى قدرة الأنتروبولوجيا البيولوجية على تفسير ظاهرة التديّن على تعقّدها و بالنظر إلى حاجة الناس إلى معرفة المنشإ و المصير و حاجتهم إلى الحماية و الطمأنينة و هي ” حاجات لا يستطيع العلم البارد أن يروي غلّتهم إليها ” و بذات البطاقة تساءل البعض الآخر عن مشروعيّة طرح قضايا ميتافيزيقيّة بالإستناد إلى إثباتات علميّة و الحال أنّ العلم ذاته ” لا يفكّر ” كما يقول هيدجر أو هو ” مجرّد محاولات ” كما يقول كارل بوبر بعد التأكّد من تنوّع النماذج العلميّة و نسبيتها و بعد ” إنهيار اليقين “، ثمّ إنّ العلوم مبنيّة على فرضيات مؤكّدة نعم و لكنّها متنوّعة و متغيّرة ، و على أساس من ذلك نادى البعض بضرورة التمييز بين العقدي الإيماني و البحثي النقدي و بإختصار لابدّ منه تولّى الأستاذ المحاضر الردّ و التعقيب المستفيض على التدخّلات بكلّ أريحيّة وتقدير لحقّ الإختلاف ، و لنا أن نتصوّر ردود طبيب و أستاذ في الجراحة و مثقف ألّف و ترجم أكثر من خمسين كتابا و إلتزم بتعريب المصطلحات الطبّية و لايزال على قناعة بأنه يتعيّن على كلّ مبدع – و لو كان في المجال العلمي – أن يبدع باللّغة الأمّ لتجاوز أشكال سوء الفهم … و الدرس الذي نستخلصه هو أنّ الحوار محرّك لسواكن الفكر حتّى و إن كانت القضايا على قدر كبير من الحساسيّة ، ثمّ “ما قيمة فكر لا يوجع صاحبه ” كما كتب جيل دولوز ، يقول سبينوزا :” لماذا ترانا نهرب إلى الأمام و ننسى قدرتنا على التفكير ؟” كما أدلى الأستاذ محمد نجيب عبد المولى رئيس فرع جمعية الدراسات الفلسفية بصفاقس للجريدة بما يلي : "نظّمت الجمعية التونسية للدّراسات الفلسفية فرع صفاقس اللقاء الثالث للمقهى الفلسفي تحت عنوان " العلم والأديان "وقدّم الدّكتور أحمد ذياب مداخلة ثريّة وجريئة في معطياتها و في الاستنتاجات التي انتهى إليها واستطاع أن يشدّ انتباه الحاضرين والحاضرات من شرائح واختصاصات عديدة، فلسفية طبية لسانية وغيرها فكان النّقاش ثريّا ثراء المداخلة وكان مناسبة حقيقية لتسليط الضوء على قضية قديمة جديدة هي قضية العلم والمعتقدات. تجاوز الحضور الثّمانين وعبّر الجميع عن أهمية الفضاء لتطارح القضايا الأساسية والمصيرية. فشكرا للدكتور أحمد ذياب مرّة أخرى على هذا الإسهام وشكرا لكلّ من تدخّل وأنصت وساهم. شكرا لكلّ من ساهم في تنظيم اللقاء ودعمه: إدارة المركب الثقافي محمّد الجموسي أعضاء فرع الجمعية الأستاذة بشيرة عموري الحلواني، والأساتذة صالح الفريخة ومحمّد الجوّة وعدنان محفوظ. الشكر للداعمين دار محمّد علي للنّشر، مندوبية الثقافة، ومندوبيّتا التّربية، والشّكر لصديق الجمعية الأستاذ مصدّق الشريف الذي ساعدنا على توزيع الدّعوات والمعلّقات. لنواصل معا من أجل مجتمع متنوّع ومتسامح يحترم الحق في الاختلاف ويناصر ححرّية المعتقد والضمير ." وعلى العموم فإن الجمعية الفلسفية فرع صفاقس قد أنجزت منذ إفتتاح الموسم الثقافي لهذه السنة لدعم الفكر التنويري ثلاث محطات ، أولها دولة القانون و الإحتجاجات ثانيها الحالة الدينية و حرية الضمير و ثلالثها العلم و الأديان و أمام هذا النشاط الفكري للجمعية الذي يذكر فيشكر فأننا نرجوا أن ينفتح هذا الأخير على الفضاءات الجامعية و المدرسية حتى تعطي أمثال هذه المواضيع المهمة أكلها و يكتسب شبابنا الفكر التنويري الذي يؤمن بحرية الفكر و أهمية الحوار و إمامة العقل .