كلما تحركت البلاد إيجابيا على جبهة من الجبهات الحيوية الساخنة إلا وتعثرت على أخرى لا تقل عنها إلتهابا ، وهو ما يؤكد هشاشة الأوضاع و0رتباك المشهد ، الشيء الذي أغرق المواطنين في متاهات الإحباط وكثف أمامهم مساحات العتمة لكن ، ومهما كان من أمر ، فإن خطوة جريئة واحدة يخطوها أصحاب القرار والنفوذ والحكم في اتجاه إستعادة نفوذ الدولة وهيبتها تكفي وحدها لبث قطرات أمل في القلوب المكلومة لشعب لم يعد يثق في الطبقة السياسية. يجب الإقرار في البدء بأن الحصيلة إلى حد الآن هزيلة وغير مقنعة على جميع المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية بالخصوص ، فتونس اليوم هي صاحبة الأرقام القياسية السيئة في كافة المجالات حتى أصبحنا مصنفين كرابع أفقر شعب في المنطقة العربية !. يحدث كل ذلك والإضرابات والإحتجاجات تنخر البلاد و المزايدات السياسوية المبتذلة تضرم نيران الإحتقان والصراعات الهستيرية على كراسي السلطة والنفوذ تؤجج الغضب في كل مكان . قلة هم رجال السياسة ونساؤها الذين يجدون الجرأة الكافية لمصارحة الناس ودعوتهم إلى القيام بمزيد من التضحيات في إطار القطع مع واقع مؤلم والإنتقال إلى آخر أفضل ، وهو ما 0كتشفناه في قانون الميزانية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب ، والذي تضمن رسائل واضحة للمواطنين تدعوهم إلى شد الأحزمة والإستعداد لتقبل إجراءات مؤلمة جدا فرضتها الأزمات المتفاقمة ، لكن مثل هذه الجرأة لا تكفي مطلقا إذا لم يصاحبها حرص شديد على الإصلاح وتوفير الحلول العاجلة والآجلة ، فبعد هذه المدة الطويلة ( سبع سنوات كاملة ) من الصبر والمعاناة والصمود والترقب والإنتظار حان الوقت ليستعيد التونسيون الأمل في تحسن ملحوظ لأوضاعهم على جميع المستويات وبالتالي تأكيد قدرتهم على بناء دولة الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان ، دولة تكون مثالا في المنطقة ، مستمدين من إرثهم الإصلاحي والتحديثي وإنجازاتهم ما به يحققون الإستقرار ويجذرون قيمة العمل ويبلغون الأهداف التي ينشدونها. إن طريق بلوغ هذه الأهداف عسيرة وشاقة ومحفوفة بكل أنواع العراقيل والمطبات والفخاخ ، وهي تبدأ بخطوة حاسمة وجريئة ما زال الشعب ب0نتظار حدوثها ، فإن حدثت في أقرب الآجال فإنها ستساهم في تخفيف الأعباء الشاقة على الشعب المكلوم ، وإن لم تحدث أو تأخر حدوثها فإن تلك الإجراءات المؤلمة ستتحول إلى شرارة تضرم البراكين النائمة . صورة توضيحية