البرلمان يصادق على اجراءات استثنائية لتسوية الديون الجبائية..#خبر_عاجل    ليلاً: كيفاش باش يكون الطقس؟    الاجواء الباردة والأمطار متواصلة هذه الليلة    تونس-فلسطين: ملحمة كروية تنتهي بالتعادل..#خبر_عاجل    عاجل/ توقف جولان قطار TGM خلال نهاية الأسبوع    الرابطة الثانية: تعيينات حكام الجولة الثانية عشرة    رصد 130 إنقطاعا غير معلن وإضطرابا في توزيع المياه الصالحة للشرب خلال شهر نوفمبر    كأس العرب قطر 2025: منتخب جزر القمر يتمسك بآمال التأهل في مواجهة نظيره السعودي غدا الجمعة    باجة: ورشات ومعرض لابداعات ذوي الاعاقة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي والوطنى لذوى الإعاقة    حفل تقديم الكتاب الجديد للدكتور محمّد العزيز ابن عاشور "المدينة في زمن الباشا بايات" بقصراحمد باي بالمرسى الاحد 7 ديسمبر 2025    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية : يوم 31 ديسمبر آخر أجل للترشح للدورة الثانية    لثة منتفخة؟ الأسباب والنصائح باش تتجنب المشاكل    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    توتر تحت قبّة البرلمان بعد مداخلة النائبة منال بديدة    تأخر انطلاق الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 والمصادقة عليه برمّته    إتحاد الفلاحة يكشف عن حجم صابة البرتقال المالطي لهذا العام..#خبر_عاجل    الرابطة الأولى: مساعد مدرب النجم الساحلي يعلن نهاية مشواره مع الفريق    عاجل/ مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم ميليشيا مدعومة من اسرائيل في غزة    نسبة صادمة: 87 % من النساء تعرّضن للعنف مرة على الأقل    لا تفوتوا اليوم مباراة تونس وفلسطين..بث مباشر..    مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الهولندي    الدورة السابعة للأيام التجارية للصناعات التقليدية بسيدي بوزيد من 16 الى 20 ديسمبر 2025    بطاقات إيداع بالسجن في حق فتاة متهمة بترهيب النساء وسرقة هواتفهن في حي ابن خلدون*    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    يوم صحي تحسيسي مجاني يوم الاحد 7 ديسمبر 2025 بالمدرسة الاعدادية 2 مارس الزهراء    المستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس ينطلق في العمل بآلة جديدة لقياس كثافة العظام    وزير التجارة يؤكد حرص الدولة على مساندة المؤسسات الناشطة في مجال زيت الزيتون والدور الهام للبحث العلمي في القطاع    ساطور في وجه الموظفين: شاب يفشل في سرقة فرع بنكي بحمام الأنف    زلزال بقوة 6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    شوف سرّ ''الكاكوية'' لصحتك ؟!    سليانة: مساعدات عاجلة لأكثر من 1000 عائلة تواجه موجة البرد!    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    عاجل/ من بينها رفض الزيادة في الأجور: الاتحاد يعلن عن اضراب عام لهذه الأسباب..    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    مناظرة هامة: إنتداب 90 عونا وإطارا بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    مشروع قانون المالية 2026: المصادقة على منح امتياز جبائي عند توريد أصحاب الاحتياجات الخصوصية لسيّارة من الخارج    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    بهدوء .. على حافة الظلام    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    افتتاح المتحف الروماني المسيحي المبكّر في حلّته الجديدة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمات في تأبين الراحل محمد الصياح: سياسي محنّك ووطني مخلص لتونس
نشر في الصريح يوم 18 - 03 - 2018

ألقى الأستاذ رجب الحاجي كلمة تأبين الراحل محمد الصياح يوم جنازته الأسبوع الفارط في منطقة «بوحجر» مسقط رأسه…وقد خصّ «الصريح أون لاين» بنص التأبين الذي ننشره اليوم...
شرفني أهلك، أيها المرحوم سي محمد الصياح، بتكليفي بإلقاء كلمة لتأبينك، فلهم مني جزيل شكري وهي فرصة اخرى تتاح لي للمزيد بالتعريف بخصالك الجمة، وكان لي شرف مرافقك في جل المحن التي مررت بها، وأسعدني الحظ ان اكون تحت إمرتك، تصور المستقبل وتنجز الوعود، كنت طول حياتك، السياسي المحنك، الفاعل والشاهد على عصرك. منذ عودتي من باريس، التي كان لك الفضل فيها، حاولت جاهدا أن أكون في مستوى المسؤولية التي حملتني إياها وإعانتك ، قدر المستطاع، على انجاز المشروع البورقيبي الذي كنت من رواده، لأنك تعتقد انه الحل الاجدر، لبناء الحداثة، ومواكبة التقدم والرقي
وللتذكير بمسيرتك المظفرة: أطردت من المدرسة الصادقية من أجل مظاهرة أمام قصر لمين باي، أكملت اثرها دراستك في معهد الذكور بصفاقس، حيث تحصلت على شهادة البكالوريا، ثم انتقلت الى دار المعلمين العليا للحصول على الاجازة في الأدب العربي، وواصلت دون انقطاع نشاطك في الشبيبة المدرسية، ثم في إدارة اتحاد الطلبة حيث وقع انتخابك مرتين، وبفضل جهودك، أصبحت المنظمة الطلابية الفلسطينية عضوا في المنظمة العالمية المنسوبة على المعسكر الليبرالي.
أما نشاطك في الحزب والدولة، فكان دون انقطاع، دخلت دائرة القرار السياسي منذ سنة 1962، عند رجوعك من موسكو، بعد مشاركتك في مؤتمر للمنظمات الطلابية، حيث عينك، في غيابك، الزعيم بورقيبة، طاب ثراه، مديرا مساعدا للحزب. وتقلدت مسؤولية الحزب الاشتراكي الدستوري، وكتابة الدولة للأخبار، وسفيرا لدى مكتب الامم المتحدة في جنيف، ثم عدت الى تونس لتشغل خطة وزير للأشغال العامة، واثرها وزيرا للشباب والرياضة، ومديرا للحزب ووزيرا معتمدا لدى الوزير الاول وكان لقائي معك اذ ذاك
وفي الثمانيات اصبحت وزير الاسكان، و سفيرا في روما، وعدت الى وزارة التجهيز ثانية، وفي خاتمة المسؤوليات وقع اختيارك لتكون على رأس وزارة التربية، ولم ينس أهالي بوحجر المناضلة بتاريخها المجيد، أنك كنت رئيس شعبتها ورئيس بلديتها، ولآ أنسى أنك انتخبت ايضا نائبا في مجلس النواب لأربع دورات...
بتحملك المسؤوليات الجسام المختلفة، أصبحت العمود الفقري لرؤية بورقيبة ، تدافع بذكائك الحاد، عن دراية وتبصر على توجهاته لاختيار مسار تونس، وفي هذا المضمار كنت سباقا في تطوير المجتمع والنهوض به الى الافضل لأنك تأمن بالعمل الصالح في خدمة الغير وما أتذكر يوما، وقد رافقتك عشرات السنين، أنك مجدت دورك، او تباهيت بإنجازاتك، أو عملت على الاطاحة بمن لا يشاطرك رأيك
تتلمذت اذا على يديك، ولم تنقطع صلتي بك ، وكنت لي دائما نصوحا، لما فيه خير البلاد، وحتى لما غادرتك في العمل، كنت اتردد عليك يوميا، بعد اداء واجبي على رأس ديوان وزيرة الصحة، وكان الرفيق المرحوم البشير بوهلال، طاب ثراه، من ملازميك أيضا، تعلمنا منك الإمعان في التفكير، والقوة في الكتابة باللغتين، فكنت لنا المدرس، والمثل في الاتقان، صفحات تمليها، ثم تعود لشطبها لأنها لا تؤدي المعنى الذي ترمي اليه...
اتهموك للاطاحة بك بتكوين "ميليشيات" فأتاهم الرد من وزير الداخلية آنذاك، " بان الحديث عن وجود ميليشيات لا أساس واقعي له". وصدر بلاغ من وزارة الداخلية، بتاريخ 17 نوفمبر1977 جاء فيه "تبعا الاشاعات والتصريحات الاخيرة، المتعلقة بوجود ميليشيا موازية لمصالح الأمن الرسمية، فان السلط المأذونة بالإدارة العامة للأمن الوطني، تعلن انه لا علم لها بوجود مثل هذه التنظيمات"
وجاء إنقلاب السابع من نوفمبر، واعتقلوك لمدة أسبوعين، وضعت تحت الإقامة الجبرية، وانهيت مهامك كعضو في الديوان السياسي، ومنعت من مغادرة تونس الكبرى، مدة سنتين، والحقت بك كذلك، في أواخر التسعينات، تهمة الخيانة العظمى، فأحالوك على البحث، واستغرق البت فيها خمسة عشر سنة، أنصفتك العدالة في ختامها...
تلك هي لمحة خاطفة عن حياتك، وكم كانت تكون مشاركتك فعالة، في اخراج البلاد من المأزق، لما تمتاز به من رؤى ثاقبة، وأخلاق عالية، وكان يكون دورك في المساهمة في ايجاد الحلول في محاربة ما تتميز به البلاد اليوم، من تذبذب في المواقف، وما تشكوه من نقص، وإهمال في الجانب الاقتصادي، لأن كفاءتك نادرة في عالم السياسة، وقدرتك فذّة في الرهان على مستقبل تونس...
ومن البديهي أن أجزم، أن الأجيال ستذكر إخلاصك وتفانيك، ووفائك لمبادئ بورقيبة التي آمنت بها، ودافعت عنها، ودعوت اليها، بفخر واعتزاز، وبغيرة وحماس، بكل ما أوتيت من عبقرية في الكتابة، باللغتين العربية والفرنسية، وكل يشهد لك بباعك في حسن الاستنباط، والتصور المستقبلي، وما كنت يوما تلتجأ الى التعاطف مع أي كان، مهما كانت مسؤوليته في الدولة او في الحزب وخارجهما، ولا تحتاج الى أي كان لشهادة في وطنيتك، وفي دورك الريادي في بناء دولة الاستقلال.
أنت سيّد في حياتك، وفي تفكيرك، وفي منهجيتك، تصدع برأيك، وتعلن بحبك لتونس، وإعلاء كلمتها في أرجاء العالم، أما التاريخ فكان شغفك، و لم تقل يوما أنك كتبت تاريخ تونس، بل اخترت لما كتبته عنوان:
"سلسلة من مقالات من تاريخ تونس جمعها وعلق عليها" الكاتب محمد الصياح، ودعوت المؤرخين كل من منظاره، وحسب هويته، وانتماءاته، كتابة تاريخ تونس حتى يقدم للأجيال الصاعدة، بكل شجونها...
دخلت ورفاقك معترك الحياة السياسة، وتركت فيها سماتك وبسماتك، إذ كنت فاعلا فيها، وشاهدا على أحداثها، وصادقا في رؤاك لمسارها، ومتحملا تبعات الدفاع على مبادئك، وكنت ابن تونس البار، والقدوة المثلى لأجيالها، ستبقى بدون ريب، مثالا للأخلاق والبذل والعطاء، فأنت منارة مضيئة لا تنطفي في تاريخ تونس...
رحمك الله رحمة واسعة واسكنك فراديس جنانه ورزق أهلك وذويك ورفاقك
وتونس عامة جميل الصبر و السلوان
وانا لله وان اليه راجعون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.