تراكمت الأحداث والوقائع المثيرة للقلق والحيرة بشكل مكثف خلال هذه الأيام، وجاء التصعيد بين الفرقاء السياسيين ليُعمق الشعور بالإحباط لدى المواطنين، في ظل أوضاع مالية وإقتصادية متدهورة جدا وتهدد البلاد بالإفلاس، وقد تزامن هذا التدهور المتسارع مع إصرار صندوق النقد الدولي على تنفيذ السلط التونسية لشروطه وإملاءات أخرى أكثر قساوة ! وهو ما من شأنه أن يضع حكومة الوحدة الوطنية في مأزق خطير فبين سندان المصارف العالمية وشروطها المجحفة ومطرقة الضغوطات الداخلية يبقى الخيار دراميا وكارثيا . في الأثناء يواصل الكثير من السياسيين اللعب بالنار غير عابئين بما قد ينجر عن تصرفاتهم من نتائج سلبية تساهم في تصعيد منسوب الإحتقان في البلاد.. يغفل هؤلاء عن حقيقة الأوضاع القاسية جدا التي يعيشها المواطنون، وعادة ما تكون ممارساتهم وسلوكياتهم وقراراتهم مستفزة لمشاعر الشعب المنهوك، وقد تناسوا أن الحراك الشعبي الذي إستهدف النظام السابق وأسقطه كان بسبب ما أتاه بعض المسؤولين ومن يحيط بهم من تجاوزات أثارت حفيظة الناس وشحنت في قلوبهم الرغبة في الإحتجاج والتمرد. بلغ الإستهتار بالمواطن حدا فاق قدرته على التحمل، خاصة عندما أصبح هذا المواطن المسكين والمنتهكة مكاسبه، عرضة لكل محاولات الإبتزاز والظلم والتحيل، ومستهدفا في قوت يومه وصحته ومستقبل عائلته، فقد جاءت الفضائح المتراكمة لتكشف عن مستنقع خطير من آفات التحيل على الشعب والبلاد ، وزادت القرارات والإجراءات الإعتباطية والمرتجلة لتعمق مأساة شعب فقد الثقة في كل شيء ووضع المسؤولين السياسيين ، بجميع إنتماءاتهم في مرمى غضبه العارم. فبعد المواد الغذائية منتهية الصلوحية التي يدخلها المهربون بتواطؤ مفضوح من بعض الذين تم تكليفهم بحماية البلاد وصيانة مصالح الشعب ، وبعد توسع مساحة الإحتيال والتهريب وتبييض الأموال والغش على إيقاع "حاميها حراميها " وصل الأمر إلى الحد الذي يهدد المواطن في حياته أمام سلبية وتقاعس وعجز السلطة ومؤسسات الدولة.