عندما كان الوزير في طريق العودة الى البيت فاجاته نوبة قوية من حتى اصبح يتنفس بصعوبة وانتهى به الامر الى ان اخذ يتقيا فوق ملابسه..وازدادت بطنه انتفاخا واصبح اشبه بالبرميل الكبير فاوقف السائق السيارة واعطاه قارورة مياه وساعده لكي يشرب منها وفي نفس الوقت يهدئ من روعه ويقول له (اسم الله عليك سيدي الوزير..اسم الله عليك..هاذي عين ضربتك...لكن لاباس .انت اطيب وزير في الحكومة..وانا خدمت مع قداش من وزير ..وما ريتش كيفك..الله احد وزير الصحة ماكيفو حد)...ولكن الوزير قاطعه..(اسكت ..اسكت..ياراس اللحم ما تزيدش على ما بيا..هاذي ماكيفك حد ما تتقال الا للسيد الرئيس ربي يبقيه...هيا برة شد بقعتك ووصلني فيسع للدار..راني تاعب)..وعاد السائق الى مكانه وزاد في سرعة السيارة ..ولكنه لم يسكت...وتمنى للوزير الصحة...والعافية..وطول العمر...وحكى له كيف ان جيرانه في الحومة يزورونه يوميا في بيته للتعبير عن اعجابهم بانجازات وزير الصحة وامتنانهم الشديد له ويقولون انه احسن وزير صحة عرفته تونس منذ الاستقلال...واكد له ان شعبيته تاتي مباشرة بعد شعبية السيد الرئيس وربما يتفوق عليه في تمسكهم به..ومرة اخرى صرخ الوزير وهو يكاد ينفجر(والله ماتحشم يا راس اللحم ...اسكت والا توة نرميك في الكاياس...اسكت راك باش تفقسلي مرارتي...هو ثمة اشكون عندو شعبية كيما سيادة الرئيس..ربي يحفظو..وانا اشكون قدام سيادتو..اسكت لعنة الله عليك..والله لو كان مازلت تقول ها الكلام اندخلك للحبس ..ولسانك نقصهولك.) ولكن قدور السائق الذي خبر الوزراء وعرفهم عن قرب واشتغل مع عديد الوزراء في عدة وزارات يعرف جيدا انهم يحبون الاطراء..والثناء..والبندير..والتطبيل ..والتزمير...ولكنهم يتظاهرون بانهم يكرهون البندير...وقدور معروف بين زملائه في الوزارة بانه صاحب خبرة في (هزان القفة..وضرب البندير..والتطبيل..والنفاق...والانتهازية.. وهو لا يخفي ذلك بل يتباهى بانه يعرف من اين تؤكل الكتف..وكثيرا ما يقول لكل زميل (ينبزه بكلمة او اشارة...صحيت يا سي الطحان..انا قواد ..اما راجل مع الرجال..) ولما توقفت السيارة امام المنزل نزل منها الوزير ودخل بسرعة ..والسائق خلفه يتبعه..واتجه مباشرة الى غرفة النوم ..وارتمى بلابسه فوق الفراش..وقدور يبسمل ..ويحوقل..ويردد اسم الله عليك سيدي الوزير...اسم الله عليك...الله يهلكهم قداش حسادك حرشة...باسم الله وبالله..حاسدينك على محبة السيد الرئيس وثقتو العمياء فيك..ربي يخلينا السيد الرئيس..) وارتاح الوزير لكلام قدور ووافقه على مسالة (العين الحرشة)..ثم طلب منه ان يذهب الى الوزارة بسرعة ويعلم كل من فيها من مدير الديوان الى العساس في (الباركينغ) ان السيد الوزير اصيب بحالة ارهاق نتيجة المجهود الكبير الذي بذله عند قيامه بزيارة فجئية لاكبر مستشفى في العاصمة..وبانه سينقطع عن العمل لمدة ثلاثة ايام..واكد عليه ان (يفوحها الحكاية بالباهي)..واضاف(نحب البلاد الكل تعرف قداش انا مضحي في سبيل الشعب...مضحي بوقتي على حساب عائلتي..حتى صحتي مشات..ومانيش موخر.على خاطر انا راجل وطني..وخلي الناس يعرفو اللي اليوم شفت الموت...اما ما يسالش..وعاد اشبيه كان متت ..نموت واقف على الركح وانا قائم بواجبي...المهم نفرح السيد الرئيس..ونرضيه..ونهز معاه وذن القفة..) ووعد قدور وزيره بانه سينشر الخبر على نطاق واسع وسيتصل بالاعلام ويعلمه بتضحية وزير (ما يعرف كان الخدمة)...