مداخلة الأستاذ عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون الدولي التي قدمها في مؤسسة التميمي في ندوة " المغيب في وثيقة الاستقلال " التي التأمت يوم السبت 7 أفريل الجاري كانت مداخلة قانونية صرفة حاول من خلالها المحاضر الابتعاد عن الاصطفاف إلى أي جهة كانت في كل الجدل الذي يدور اليوم داخل المجتمع التونسي حول حقيقة الاستقلال وحول الوثائق الأخيرة التي تولت هيئة الحقيقة والكرامة نشرها وما أعلنت عنه من استنتاجات خطيرة في علاقة ببقاء تونس مرتبطة بفرنسا في مجالات كثيرة رغم الاعلان عن استقلالها ومواصلة فرنسا تدخلها في السيادة الوطنية . قال عبد المجيد العبدلي إن عدم نشر وثيقة الاستقلال منذ التوقيع عليها في سنة 1956 هو تصرف غير مبرر من طرف الدولة التونسية على اعتبار أن القانون الدولي يوجب نشر كل الاتفاقيات التي توقعها الدول والتخلف عن النشر لا يمكن أن يحتج به . والسؤال اليوم هو في معرفة من له المصلحة من نشر بروتوكول الاستقلال غير الدولة التونسية ؟ ما يمكن قوله هو أن الاستقلال الداخلي قد وضع الطرف التونسي في موضع الضعف وفي وضعية غير القادر على توضيح الكثير من الأمور لقد كان الهاجس هو الحصول على الاستقلال بأي ثمن رغم أن فرنسا لم تكن قابلة بمنح تونس استقلالها التام لقد كانت راغبة في ان يتواصل الاستعمار وهذا ما تؤكده بكل وضوح الفقرة التي تتحدث عن علاقة الارتباط المتواصل بين الدولة التونسية والدولة الفرنسية . الغريب في وثيقة الاستقلال في إحتوائها على مصطلحات ضبابية حمالة أوجه وقابلة لأكثر من معنى وقبول المفاوض التونسي بوثيقة الاستقلال على شكلها الذي ظهرت عليه تفيد أن الهاجس كان وقتها هو اسكات الشق المعارض للاستقلال الداخلي مما يجعل من نتائج المفاوضات لم تكن محل اتفاق ورضا جماعيا. من الناحية القانونية فإنه لا قيمة للاستقلال ولا معنى له من دون نشر الوثيقة التي تم الإمضاء عليها من الجانب الفرنسي والجانب التونسي فالنشر بالرائد الرسمي وإيداعها لدى الأممالمتحدة هو الأساس في اعتبار البلد مستقلا وهذا يعني أن تونس بقيت لسنوات طويلة غير مستقلة من الناحية القانونية طالما لم تقم بنشر وثيقة استقلالها ولا أعلمت الأممالمتحدة بها وعملية الاخفاء والتستر عليها يثير إشكالا قانونيا كبيرا وهذا فعلا ما أعلن عنه القضاء تونسي في حكم أصدره سنة 2017 حينما اعتبر أن نشر الاتفاقيات ومنها اتفاقية الاستقلال هو عمل من أعمل السيادة بما يجعل من وثيقة الاستقلال ليست سرا من أسرار الدولة. ما أراد قوله الأستاذ عبد المجيد العبدلي هو أن في عدم نشر وثيقة الاستقلال وعدم إيداعها بالأمم متحدة يثير إشكالا قانونيا حول قيمة الاستقلال فتداعيات عدم النشر كبيرة على معرفة ما تضمنته الوثيقة من محتوى هو اليوم محل جدال كبير .