قبل سنوات زار تونس وفد من الفاتيكان في اطار حلقات الحوار بين الأديان التي كانت بلادنا سبّاقة في استضافتها وصدرت عن تلك اللقاءات بيانات وعهود للتسامح والتعايش بين أتباع الديانات تعد بحق تجسيما للب الديانات وفي طليعتها دين الاسلام الذي تصرح آياته المحكمات بمثل قوله جل من قائل: (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم) في لقاء وفد الفاتيكان الذي ترأسه الاب جون لوي توران مسؤول العلاقة مع أتباع الديانات (وهو نفسه الذي لا يزال على رأس هذه الدائرة في الفاتيكان)، طرحت آنذاك مسألة المعاملة بالمثل حيث قال الجانب المسيحي كيف لا يُسمح للمسيحيين ببناء اماكن للعبادة في بعض البلدان الاسلامية وهم يقصدون السعودية التي لم تكن تعيش ما تشهده في هذه الايام من تحولات كبرى، فالمؤسسة الدينية القائمة آنذاك كانت تعتبر الحديث في هذه المواضيع من المحظورات قلت في ذلك اللقاء مع وفد الفاتيكان إذا كان المقصود بالمعاملة بالمثل السماح للمسيحيين بتشييد كنائس في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة فذلك غير ممكن باعتبارهما حرمين مقدسين لهما حرمتهما وحتى المسلم لا يدخل أحدهما وهو مكة إلا محرما ولاتجوز له فيها كثير من المباحات وقياسهما على العواصم الاروبية التي فيها مساجد قياس مع وجود الفارق، والفاتيكان عندما وقع بناء مسجد روما اشترط ان يكون هذا المسجد خارج روما احتراما لمشاعر المسيحيين واستجاب الجانب الاسلامي لهذا الشرط. فإذا كان المطلوب هوالسماح ببناء اماكن للعبادة للمسيحيين (وأعدادهم بالملايين بين عمالة وسلك ديبوماسي وغيرهما) في بقية تراب المملكة غير أرض الحجاز فذلك لا مانع منه، ويدخل ضمن الحق المشروع للجميع في ممارسة الشعائر الدينية يومها نشر لي هذا الرأي الذي لم يملك الجانب المسيحي إلا تقبله ولا أظن ان الجانب الاسلامي ممثلا في المؤسسة الدينية القائمة انذاك في المملكة العربية السعودية والدائرين في فلكها على امتداد العالم الاسلامي وما أكثرهم يتقبلون ماذهبت اليه واجبت به الجانب المسيحي من حسن حظي انهم لم يطلعوا عليه والا لأخرجوني من الملة... وهاهي التحولات الكبرى التي تعيشها المملكة وتشهدها كل المنطقة العربية تجعل من هذه القضية وغيرها مما كان يعدّ من الممنوعات تطرح على أرفع المستويات، وما زيارة الأب جون لوي توران المسؤول الرفيع في الفاتيكان للمملكة العربية السعودية واستقباله من قبل الملك سلمان وولي العهد وامضاؤه لاتفاقية تعاون مع أمين عام رابطة العالم الاسلامي (مقرها مكة) إلا أصدق دليل على ما أقول…