فضيلة الشيخ محي الدين قادي حفظه الله ورعاه وشفاه وعافاه وامد في انفاسه من البقية الباقية من شيوخ الزيتونة الذين تزدان بهم المجالس والذين رفعوا راس تونس في المحافل العلمية التي جمعتهم بكبار علماء الاسلام انه ابن الجريد و توز ر التي ظل متيما بحبها يتغنى بعلمائها ويشتاق الى واحاتها وهو بعيد عنها حيث استقر به المقام بضاحية مقرين من الاحواز الجنوبية للعاصمة اين تعرفت عليه بعد ان انعرفت على والده الرجل الصالح السيد محمد قادي زاول الشيخ محي الدين قادي تعليمه الثانوي في الفرع الزيتوني بتوزر على ايدي صفوة من شيوخ توزر العلماء الاعلام و كان من انجب تلاميذهم وواصل تعليمه بالجامع الاعظم بتونس ولنجابته سرعان ما اصبح من ا لمقربين لكبار الشيوخ من ابناء الحاضرة '( آل بن عاشور وال محسن وغيرهم ) الذين اصبح يرتاد مجالسهم
تدرج الشيخ قادي في الدراسة الجامعية الى ان تخرج بشهادة العالمية من الزيتونة في اللغة العربية ثم حصل على الاجازة من كلية الاداب بالجامعة التونسية و باشر تدريس العربية في المعاهد الثانوية (بالمنستير ومنزل بورقيبة وقرطاج )وعندما افتتحت الكلية الزيتونيةالدراسات العليا بادر بتسجيل اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ونالها بتميز لينتدب على اثر ذلك استاذا للفقه الاسلامي الذي كان متميزا في مجاله بالخصوص الفقه المالكي وقد كان الشيخ قادي شديد الاعتزاز بمالكيته وكان الشخ محمد بن ابراهيم رحمه الله يمازحه ويقول له( هل سيدي النبي كان مالكيا ) في هذه المرحلة توطدت علاقتي بالشيخ قادي بحكم الجوار في مقرين وبحكم الانسجام فكنا نكاد لا نتفارق الا للنوم اوللسفر وقد كنت ولا ازال محبا للسفر على عكس الشيخ قادي و كان الشيخ محي الدين شديد التعلق بالشيخ الحبيب بلخوجة رحمه الله فهو من انتدبه للتدريس بالكلية الزيتونية وكان يستعين به في اعداد المادة الاولية لما يعرض عليه من استفتاءات وعندما تولى الشيخ الحبيب بلخوجة الامانة العامة لمجمع الفقه الاسلامي بجدة اختاره كخبير بالمجمع واستكتبه في مواضيع دقيقة فكتب فيها واحاد تشهد على ذلك بحوثه المنشورة في مجلة المجمع والتي لوكتب لها ان تطبع هي واطروحته حول نفقة الاقارب في الفقه المالكي لاستفيد منها ايما استفادة تولى الشيخ محي الدين الامامة بجامع المهراس بتونس العاصمة الذي كان يغص بالمصلين ياتونه من بعيد ليستفيدوا من علم الشيخ وفقهه وفي تلك الفترة هجمت على البلا د الدعوة الوهابية سواء كان ذلك عن طريق الشيوخ القادمين من ا لخا رج اوممن تبنوا المنهج الوهابي من التونسيين وكنا نتاسف لذلك ولاا نرى في مايحيط بنا تقديرا لمخاطر ذلك وحاولنا ان نواجه هذا المد بجهودنا الخاصة من خلال خطبنا ودروسنا ووفقنا الى حد بعيد في ذلك ورغبةا في توسيع الاستفادة من علمائنا ذات مرة ففكرنا في ان يتولى الشيخ محي الين القاء درس في جامع سيدي محرز عوضا عن الاستاذ حسن الغضباني الذي كان يلقي درسين في ذلك المسجد قلنا الاستاذ حسن يلقي درسا ويتولى الشيخ قادي القاء الدرس الثاني والصقنا معلقات في المساجد المحيطة فعلنا ذلك دون تنسيق مع الاستاذ حسن ظنا منا ان الامر يسير وتعويلا على النوايا الحسنة و في الرغبة الصادقة في افادة تلك الجموع الكبيرة من الشبا ب وحتى تستفيد من علم الشيخ وفقهه و في اليوم الموعود جئنا الى جامع سيدي محرز وفيما نحن في انتطار اقامة الصلاة والتقدم على اثر الصلاة الى المحراب ليلقي الشيخ قادي الدرس واذا بمجموعة من الشبان تمر من ورائنا ويقول احدهم( وينا هذا الذي سيلقي الدرس في بلاصة سيدي حسن خليني انكسرله كرايمه ) هنالك نهض الشيخ قادي مسرعا وتوجه صوب الباب خارجا وانا اترجاه ان يبقى قائلا له دعهم يفعلوا شيئا ولم يكترث بما قلت قائلا لي : ( لي جايبني باش تتكسر كرايمي اجعلهم لباش قرو)
وفي مرحلة اخرى من مسيرة علاقتنا ببعضنا البعض تعاونا تعاونا كبيرا في تقديم حصة المنبر الديني للتلفزة فكان شبه عضو قار كل اسبوع حيث حرصت ا ن استفيد من علمه و من علم اخوانه من البقية االباقية من شيوخ الزيتونة ولايتسع المجال لاستعراض اسمائهم وقد استفاد منهم النظار ة ايما استفادة داخل حدود الوطن وخارجه الى ان وقع ايقاف هذه الحصة بدون مبرر وبدون تقديم البديل الافضل فقط حرمانا للناس من خيركان يصل اليهم وتلك هي تونس وتزاملنا في عضوية المجلس المجلس الاسلامي الاعلى فكنا لا نغيب عن حضور جلساته ايمانا منا ان الحضور خير من عدم الحضور وعندما شغرت خطة الامامة بجامع البحيرة عملت كل مافي وسعي با ن تسند الى الشيخ محي الدين فهو اهل لها وذلك بعض ما يستحق من التكريم فالرجل عالم ووطني وعندما ارسلت بعثة لتاطير حجيجنا في البقاع المقدسة يعود اليها المرشدون الدينيون توحيدا للفتوى واحاطة بحجيجنا ضد كل الدعوات الدخيلة الغريبة عن شعبنا كن الشيخ قادي من بين اعضائها الذين نذكرمنهم المشايخ الحبيب النفطي حفظه الله و عبدالعزيز الز غلامي وعبد الرحمان خليف وعزالدين سلام ومحمد بولجفان رحمهم الله وكانت اول مرة يكرم فيها شيوخنا بهذا العدد و ذلك اقل ما ينبغي القيام به نحو علماء الامة مضى الشيخ قادي في درب العطاء العلمي الجاد والمفيد وعندما وقع تنقيح مجلة الاحوال الشخصية في اوائل التسعينات في اتجاه المزيد من تكريس حقوق المراة التونسية في اطار الانسجام مع تعاليم ديننا الحنيف لم يتاخر الشيخ قادي عن المشاركة برايه الحصيف المعتمد على مقاصد الشريعةالتي تشربها وتولى تدريسها في الكلية الزيتونية.. وقد تولى الشيخ محي الدين قادي ادارة معهد الشريعة لفترة قصيرة في لفتة بسيطة نحوه والرجل اهل لاكثر من ذلك وحتى امامة جامع البحيرة التي افاد بها خلقا كثيرا فانه اعفي منها واسندت لغيره بغير مبرر مقنع.. ان الشيخ قادي رجل محبوب لعلمه وخلقه الرضي و لذكائه الوقاد ولطرافته الجريدية ولسرعة بديهته اذكر اننا ذات مرة دار بيننا حديث في مجلس كان الحاضرون فيه ثلة من الاطباءورجال الفكر والاعلام وكان ذلك في مكتب احدالمسؤولين الحزبيين وكان الحديث حول المراة في الدين والمجتمع واذا بما دار ينقل محرفا الى الرئاسة حيث قيل ان الشيخ قادي وصديقه الشيخ المستاوي يدعوان لتعدد الزوجات ولما بلغ الى علم الشيخ قادي نبا الوشا ية قال مجنون هذا المخبر انا لست ضد التعدد فقط ا نا اقول لوكان يمكن الزواج بنصف امراة لكنت من انصار ذلك.. ان الشيخ قادي رجل طريف ظريف لايمل الجلوس معه و قد كان لايغيب عن حضور مجالس الشيخ الثميني والشيخ محسن وبعض المجالس التي كانت في دار الشيخ ابن عاشور بالمرسى ومجلس الاستاذ محمود شمام برادس ومجلس ابراهيم بن حسن برادس ومجلس صالح العسلي بالمكتبة العتيقة بتونس وكان زينة هذه المجالس علما وطرافة.. ولقد سعدت بصحبته سنين طويلة فقد ترافقنا في رحلات علمية الى الجزائر والمغرب والامارات والعراق ولم يغب الا اذا كان في سفر الى الجريد عن اي لقاء نطمته في منزل الشيخ الوالد بمقرين لضيوفي من تونس ومن خارجها فجميع افراد اسرة المستاوي يعدونه واحدا منهم يحبونه ويرتاحون اليه وكنت اسعد ايما سعادة بتلك الجلسات العلمية التي كانت تمتد الى ساعة متاخرة من الليل ويكون الشيخ قادي والشيخ النفطي فارسي الحلبة حفظهماالله وامد في انفاسهما وجازاهما الله عنا وعن الدين والامة خيرالجزاء