تونس تشارك في المعرض الافريقي للتجارة البينية الذي ينتظم بالجزائر من 4 الى 10 سبتمبر 2025    مصدر مسؤول بالSNCFT: مجموعة من أنصار إحدى الفرق الرياضية اقترفوا اعمال تخريبية في محطة قطار صفاقس    مهن صيفية: جني الفستق: 7 مراحل للحصول على الثمرة    "مجموعة من أنصار إحدى الفرق الرياضية اقترفوا اعمال تخريبية في محطة قطار صفاقس"    صراع مبكّر على الصدارة ..جرجيس يتحدّى الإفريقي    مونديال الأواسط للكرة الطائرة ..منتخبنا ينهزم أمام فرنسا ويحلم بالتعويض في لقاء إندونيسيا    أخبار الاتحاد المنستيري...«فيتو» أمام رحيل الحاج علي    إجهاد الكبد قد يهدد صحتك... هذه الأعراض تنذرك قبل فوات الأوان    تسجيل اعلى درجات حرارة بكل من توزر وقبلي وقابس ومدنين الخميس    الجمعة: رياح قوية وخلايا رعدية محلية مع أمطار متفرقة    وزارة الشؤون الثقافية تنعى مدير التصوير والمخرج أحمد بنيس    مع الشروق : حذار ... عندما تُستباح المهرجانات يبدأ «مجتمع الغاب»    برّ الوالدين طريق إلى الجنّة    خطبة الجمعة .. الغيبة أسبابها وعلاجها    رئيس الجمهورية: لا تردّد في استبدال المُقصّرين بأصحاب الشهائد العليا    الرابطة الأولى: الترجي الرياضي يكتسح شبيبة القيروان... وتعادلات دون أهداف في بقية المباريات    الرابطة المحترفة 1 : الترجي تهزم الشبيبة في عقر دارها (فيديو)، النتائج الأولى للجولة 3    بينها مدينة تونسية: 8 مناطق ومدن عربية ضمن قائمة أشد المناطق حرا في العالم    عاجل: إيقاف المعتدي على طبيب بمستشفى صفاقس    سفير الاتحاد الأوروبي بتونس يؤكد التزام المنظمة بدعم جهود تونس في مجال تعزيز كفاءة وإستقرار شبكة الكهرباء    عاجل: فلكيا هذا موعد المولد النبوي الشريف    اتحاد الشغل ينظم تجمعا عماليا مشفوعا بمسيرة وسط العاصمة    مشاريع التهذيب والتهيئة بقابس على مشارف الإنجاز... والوزير يؤكد: الجودة أولاً    عاجل : حجز كميات ضخمة من المواد الغذائية'' الفاسدة' في عدة ولايات    العاصمة: يعتدي على ضحاياه بطريقة وحشية ليسلبهم.. #خبر_عاجل    البطولة الإفريقية لرفع الأثقال للأصاغر والأواسط: زينب الناوي تتوّج ب 6 ميداليات وترفع رصيد تونس إلى 27 ميدالية    موعد ذكرى المولد النبوي الشريف وفقا للحسابات الفلكية    تونس: خطة لتعديل أسعار اللحوم الحمراء عبر شراكة بين المؤسسات العمومية    أحلام: اعتمرتُ للفنانة التونسية ذكرى محمد    تعرف على ''البارفان'' النسائية الأفضل هذا الصيف!    للمرة الأولى بعد حرب ال12 يوما.. إيران تختبر صواريخ جديدة بمناورات "الاقتدار المستدام"    مجلة "بصمات" تخصّص عددها الثالث لمداخلات الدورة التأسيسية لملتقى "لقاءات توزر"    وضعت زوجها في موقف محرج: سيرين عبد النور ترقص مع هذا الفنان    اختفاء فتاة في منزل المهيري: العائلة توجّه هذا النداء.. #خبر_عاجل    السيسي في زيارة رسمية الى السعودية..    محمد صلاح يكتب التاريخ: يتوّج للمرة الثالثة بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ    تونس تمنع المكيّفات من الدرجات 4 إلى 7 لتفادي ضغط الكهرباء    التكوين المهني في تونس: هذه الاختصاصات الأكثر طلبا في سوق الشغل    7 سبتمبر المقبل.. خسوف كلي للقمر في تونس    مصر.. إعدام "سفاح الإسماعيلية"    المجموعة العالمية "جيبسي كينغ" تحل بتونس لأول مرة وتختتم مهرجان الجم لموسيقى العالم يوم 30 أوت    مسرح أوبرا تونس يعلن فتح باب الترشح للمشاركة في تظاهرة "الخروج الى المسرح" استعدادا لافتتاح الموسم الثقافي الجديد    مختصة في أمراض الشيخوخة تحذّر من تداعيات الاستعمال المفرط للانترنت من قبل كبار السن    عاجل- تسهيلات جديدة للعمرة: تنجّم تسجّل وحدك دون وسيط !    انتبهوا: أكثر من ثلث حالات التسمم الغذائي سببها ''السلاطة المشوية والطاجين''    تهشيم وتخريب بمحطة القطار بصفاقس يثير الغضب على مواقع التواصل    وفاة "القاضي الرحيم" كابريو بعد أيام من ظهوره في فيديو مؤثر    زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه السواحل..#خبر_عاجل    عاجل/ الاعتداء على محطة القطار بهذه الجهة..أضرار مادية كبيرة..وفتح تحقيق..    ارتفاع انتاج "الزقوقو"..وهذا حجم المخزون..    تونس: جريمة بشعة تهزّ الرأي العام... اغتصاب كلبة والاعتداء عليها بسكّين!    عاجل/ بسبب إسرائيل: أمريكا تعاقب 4 قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية..    الملتقى الدولي لالعاب القوى للنخبة بالمانيا - عبد السلام العيوني يحرز المركز الثالث لسباق 800م ويحطم الرقم القياسي الوطني    لدى لقائه محافظ البنك المركزي: رئيس الدولة يؤكد أن التعويل على الذات أثبت جدواه    ليبيا.. مفاجأة قوية بانتظار "صاحب مزحة الأسد" مع عامل مصري    آخر تطورات إختفاء فتاة ال 15 سنة بالقيروان.. بطاقتا إيداع بالسجن ضد شقيقها وجارتها    وزير الصحة يبحث مع سفير الأردن بتونس تعزيز تبادل الخبرات في صناعة الأدوية واللقاحات    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى العاشرة لرحيل الأديب مصطفى الفارسي : قضايا جديدة في أدب الفارسي يتم الكشف عنها
نشر في الصريح يوم 14 - 05 - 2018

احتضنت مدينة الثقافة بالعاصمة يوم السبت 12 ماي الجاري ندوة فكرية أشرف عليها نادي مصطفى الفارسي للإبداع بالاشتراك مع وزارة الثقافة خصصت لإحياء الذكرى العاشرة لرحيل الأديب مصطفى الفارسي ( 1931 / 2008 ) دعي لتأثيثها ثلة من الأدباء والمفكرين ممن عاصروا الفقيد وتعرفوا على أدبه عن قرب منهم الأستاذ منصف بالحولة والأديب عبد الواحد براهم والأستاذ عيسى البكوش والأستاذ أحمد الرحموني.
في هذا اللقاء الذي حضره أفراد عائلته و الكثير من محبي أدب مصطفى الفارسي تم التعرض إلى جوانب مهمة من مسيرة الفقيد الأدبية وتم استحضار مختلف أعماله الابداعية فكان الحديث عن أبرز رواياته وهي المنعرج والقنطرة هي الحياة وروايته التي شكلت منعرجا في سنوات السبعين من القرن الماضي " حركات " التي منعت من النشر قبل أن يسمح لها بالطباعة بعد سنوات وهي أثر يقول عنه محمود طرشونة أنه مثقل بالمعاني الهادفة إلى تحرير الإنسان العربيّ من كلّ القيود التي تكبّل فكره وحرّيّته وتضغط على طاقاته الخلاّقة بدعوى مقاومة الفوضويّة والتّصدّي للتّمرّد وهو كتاب يمتاز بالتنويع في الأشكال الفنّيّة وصهر للأنواع الأدبيّة دالّ على موقف واضح من التّراث والحداثة ولما تضمّنه من شحنات فكريّة تتعلّق بقضايا العروبة والوحدة والنّضال المشترك وبمشاكل اجتماعيّة تهمّ علاقة الفرد بالجماعة ووظيفة المثقّف في المجتمعات النّامية."
ولعلّ هذا الخيار في استعمال الأسلوب الرمزي في كتابة هذه الرواية هو الذي جلب لمصطفى الفارسي غضب السلطة وقتها التي اتخذت موقفا حادا ومنعت نشر الرواية لظنها أن الفارسي ينتقد حكم الرئيس بورقيبة وبأنه غير راض على السياسة المتبعة من قبل الحكومة. يقول محمود طرشونة " ومن خلال الرمزية يستشف تمزّق المؤلّف بين الاصداع بمواقفه الشّخصيّة والضّغوط المختلفة التي تدفعه إلى الاقتصار على الايحاء والرّمز لكنّها رمزيّة شفّافة لا تكاد تخفي مقاصده مهما حاول الايغال في الزّمان والمكان والخيال ."
إلى جانب موقفه المتحفظ من الحالة السياسية فقد كان للفارسي موقف من المثقف ودوره في المجتمع فهو من طبقة الأدباء الذين يؤومنون بأن للمثقف دور متقدم في المجتمع وهو سلطة داخل السلطة لذلك ينبه هذا المثقف حتى وإن استدرجته السلطة وعمل في المؤسسات الرسمية فعليه أن لا يذوب في الحكم وأن لا ينسى دوره الأول وهو الوقوف على مسافة من الحكم وأن لا ينخرط في منظومة السلطة حتى لا يستغل ويوظف التوظيف الذي يفقده مصداقيته عند الناس ويتحول إلى بوق للسياسيين وهذا الوضع يمنعه من أن يكون حرا في تفكيره ويعيقه من أن ينتصر إلى القضايا الحقيقة للإنسان العربي والنضال من أجل القضايا الاجتماعية التي لها علاقة بالفرد والجماعة وهذه هي وظيفة المثقف .
كان يرى أن الأدب له وظيفة في الحياة وان الأدب لا يكتب لذاته وإنما يكتب من أجل الواقع وكان يؤمن بأن الكتابة لها رسالة تؤديها وهو ينتمي إلى مدرسة ترى أن الأدب له مهمة نقد الواقع والسعي إلى تغييره نحو الأفضل لذلك كان يقول " إن الأديب هو في صراع دائم مع الحياة في قلبه للواقع المعيش وفي خلق واقع جديد يعتمد أساسا فعل الإنسان في سبيل استكمال الذّات ."
كان مؤمنا بالحرية رافضا للقيود التي تضعها السلطة للحد من نشاطه وتفكيره وهو يعتبر أن الإنسان دون حرية يفقد ذاته إذ لا كمال للذّات من دون حرية التي تحتاج سعيا دؤوبا لبلوغها ويكفي أن نقضي العيش في المحاولات من أجلها فالمحاولة في نظره بداية كلّ فعل. يقول في روايته المنعرج: "يقيّدونك بأصفاد من حديد ويقولون لك هلُمّ إلى السّباق فأنت حرّ .. أعتقد - يقينا - أنّ الحياة في علمكَ أنّكَ مقيّد بأصفاد من حديد وفي إقدامك رغم ذلك على خوض غمار السّباق هذه نظرتي إلى الحرّيّة وقد عقدت العزم على الصّمود وعلى الكفاح المستمرّ إذ لا مناص من المسؤوليّة بأيّة حال لأنّها في صميم المأساة ولأنّي شخصيّة من شخصيّات المأساة أعيش محنة دائمة وأقضي العمر في المعاناة لقد اخترت ولا مناص من تبعة هذا الاختيار إن خيرا وإن شرّا ".
من بين الأمور التي بقيت مخفية في شخصية الأديب مصطفى الفارسي وتم الكشف عنها موقفه من الاشتراكية التي غزت العقول في حقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي و كانت خيارا سياسيا للدولة التونسية الوليدة التي أرست منظومة اقتصادية تقوم على الفكر الاشتراكي فكان الفارسي منتصرا لهذا الفكر وهذا التوجه ودافع عنه وكتب في ذلك مقالات وقضية الاشتراكية في أدب الفارسي هي مسألة تحتاج أن يشتغل عليها الباحثون لإبراز هذا الجانب من الفكر الفارسي المخفي.
من الأمور الأخرى التي تم التعرض إليها والتلميح لها وتحتاج هي الأخرى إلى مزيد من البحث والتعمق انتصاره للقضية الفلسطينية ومساندته للفلسطينيين في محنهم حيث تم التذكير ببعض المواقف لمصطفى الفارسي المساندة للقضية الفلسطينية وهي مواقف الكثير من الناس لا يعرفونها عن الفقيد . وأخيرا من المسائل الهامة في أدب الفارسي مسألة اللغة العربية التي تعرف اليوم تراجعا في التحدث بها ومسألة الحفاظ على اللسان العربي في تونس حيث وقفنا على موقف طريف له يبرز مدى تعلق الفارسي بالعربية حيث يقول " ربّما حشرني بعضهم في زمرة المحافظين من هذه النّاحية على الأقلّ وهي تعلّقي بسلامة اللّغة التي يكتب بها كتّاب العربيّة أو الدّارجة. وإنّي لمُمْعن في هذه المحافظة لاعتقادي أن لا سبيل إلى وجود لغة ثالثة معلّقة بين سماء الفصحى وأرض الدّارجة فإمّا أن نكتب في العربيّة ما لا يقضّ مضجع سيبويه وإمّا أن نكتب في الدّارجة ما لا يستنكفه العروي أو المرحوم الدّوعاجي من قبره . هذا رأيي في اللّغة ويعزّزه اعتقادي أن لا سلامة للمعاني إذا لم تسلم اللّغة التي تكسوها أو تلبسها فالاتّصال بين هذه وتلك عضويّ في نظري والفصاحة إفصاح ".
كانت هذه بعض القضايا التي كشفت عنها ندوة احتفالية الأديب مصطفى الفارسي بمناسبة مرور عشرة سنوات على وفاته وهي كلها قضايا تحتاج أن نعود إليها بكثير من البيان لإبراز قيمة هذا الأديب الذي قال هو نفسه عن العظماء " إن المبدعين ينسحبون ولكنهم لا يموتون "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.