إستمعت صدفة عبر اذاعة خاصة بان عدد الأحزاب المسجلة رسميا في تونس بلغ 213 حزبا بالتمام والكمال دون ان نسمع لأكثرهم في الانتخابات البلدية حسا وكانها لا تعنيهم وافتكها منهم بجدارة المستقلون الذين فازوا فيها بثقة أكثر من ثلث الناخبين المرسمين متفوقين بذلك حتى على الأحزاب الحاكمة او التي لها تمثيل بمجلس نواب الشعب الذين صدعوا رؤوسنا في وسائل الاعلام قبل ان ينكشف حجمهم الحقيقي رسميا. لم تعد الأحزاب السياسية بعد الثورة تحتاج الى تأشيرة ويكفيها تقديم ملفا الى رئاسة الحكومة بواسطة عدل منفذ يشتمل على مجموعة من الوثائق أوجبها المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية.ويكتفى بعدها بنشرة موجزة في الجريدة الرسمية. لم أكن معترضا على ذلك المرسوم الذي جاء بالضرورة بعد احتكار طويل للحياة السياسة من طرف حزب واحد انفرد بالحكم وسد الطريق امام غيره تعسفا باستثناء بعض التنظيمات والأحزاب الكرتونية الموالية له تؤتمر بأوامره ويشارك البعض منها في الانتخابات المعلومة نتائجها مسبقا للاهام الرأي العام الخارجي بتعددية مكذوبة. لقد باتت تونس بسبب ذلك الانفراد خالية من الكفاءات السياسية القادرة على تحمل المسؤولية والقبول بالتعددية والتعايش المشترك في نطاق القانون والتداول السلمي على السلطة مثلما جاء به المرسوم المنظم للأحزاب السياسية. لقد اصبح ذلك المرسوم وسيلة وغاية اغتنمها البعض وأنشأوا بموجبه أحزابا صورية بدون الأهداف التي اشترطها المشرع في فصوله الاولى، ومنها التقيد بالديمقراطية وتأطير الجماهير والمشاركة في الانتخابات الدورية سواء كانت تشريعية او جهوية او محلية. بالاضافة الى ضرورة الامساك عن الدعوة للعنف وللكراهية والتمييز الديني والعنصري بين المواطنين جميعا. لقد خالفت اغلب تلك الأحزاب المرسوم الذي تأسست على اساسه ولم يعقد اغلبها ولو مؤتمراتها التأسيسية او الدورية كما لم تقدم حساباتها المالية آلى الجهات المعنية بينما بات البعض منها يتركب من شخص واحد وهو مخالف للمبادئ الاساسية تنحل بتركه تلكم الأحزاب وجوبا ولكن الوزارة المعتمدة لدى رئاسة الحكومة لم تحرك ساكنا او تقوم بما أوجبه عليها القانون من تنبيه عن أصحابها والعمل على حلها قضائيا ان لم تستجب لتسوية أوضاعها وتلتزم بالحد الأدنى الذي من أجله تأسست رسميا. اعرف ان ذلك المرسوم جاء في ظروف استثنائية وفِي زمن منظومة حكم وقتية افتكت المبادرة واعدت عددا المراسيم التشريعية والترتيبة ولم تعرض بعدها للمصادقة عليها من طرف المجلس التأسيسي او من طرف مجلس نواب الشعب الذي لم يهتم بدوره بذلك وتناساها لأسباب مجهولة. ولم يسع احد للطعن فيها بسبب تعطيل بعث المحكمة الدستورية وهو ما يعد تجاوزا خطيرا اخر وتجاهلا لما اوجبة الدستور الذي حدد لبعثها مدة سنة من انتخاب مجلس النواب هذا بصفة فعلية. لقداحترت من ذلك التغافل والتجاهل ورايت بعض الأحزاب تدعو جَهْرًا الى احياء التجمع الدستوري الذي انحل بموجب حكم قضائي نهائي، وسكوت الوزير المعتمد لدي رئاسة الحكومة المكلف بالأحزاب السياسية والجمعيات المدنية الذي لم يحرك ساكنا او يعمل على التنبيه على المخالفين ويطلب بحل الأحزاب التي لم تنضبط الى القانون قضائيا. وكان لا بد من تطهير الحياة السياسية من المتطفلين وممن بقيت في نفوسهم بقايا من الفاشية ويغيضهم نجاح التجربة الديمقراطية التي دفع ثمنها شهداء اعزاء علينا ارواحهم ولم يعيشوها ولكن هؤلاء الناكرين باتوا يتهجمون عليهم وينعمون بالحرية التي في زمنهم افتقدوها وأصبحوا يلعنونها يوميا.