إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    القصرين: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية    الجامعات الغربية تخاطب النظام العالمي الأنغلوصهيوأميركي.. انتهت الخدعة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    بجامعة لوزان..احتجاجات الطلبة المؤيدين لفلسطين تصل سويسرا    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    حالة الطقس ليوم الجمعة 3 ماي 2024    القبض على منحرف خطير محلّ 19 منشور تفتيش    وزير الداخلية يدعو لانطلاق أشغال اللجنة المشتركة لمراقبة العودة الطوعية للمهاجرين    منزل جميل.. تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي ومحلات السكنى    ساقية الزيت: حجز مواد غذائية مدعّمة بمخزن عشوائي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    ماذا في لقاء لطفي الرياحي بمفتي الجمهورية؟    النادي الافريقي يراسل الجامعة من أجل تغيير موعد الدربي    منوبة: مشتبه به في سرقة المصلّين في مواضئ الجوامع في قبضة الأمن    قيس سعيد: الامتحانات خط أحمر ولا تسامح مع من يريد تعطيلها أو المساومة بها    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء: غرفة تجّار لحوم الدواجن تعلق وتكشف..    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    بنزيما يغادر إلى مدريد    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    هذه حقيقة فتح معبر رأس وعودة حركة العبور..#خبر_عاجل    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    تونس:تفاصيل التمديد في سن التقاعد بالقطاع الخاص    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحدثا مفاجأة على مستوى تقديم الترشحات للتشريعيّة المقبلة
نشر في السياسية يوم 01 - 06 - 2009

حديثان مع الأمينين العامين للحزب الاجتماعي التحرّري وحزب الخضر للتقدّم
الخماسي: "نحترم في الإدارة صرامتها في تطبيق القانون الانتخابي ونتطلّع إلى أن يتواصل ذلك إلى آخر المراحل"
ثابت:"القائمات الانتخابيّة ترجمة لتحولات المشهد السياسي في تأزم بعض مكوناته وتجدّد بنية أحزاب أخرى"
وفّرت مرحلة تقديم الترشحات للانتخابات التشريعيّة في تونس فرصة رصد أوليّة لواقع المكوّنات السياسيّة والحزبيّة وربّما لمستقبل المشهد السياسي والبرلماني خلال الفترة المقبلة، وأحدثا حزبا الاجتماعي التحرّري والخضر للتقدّم ما يُشبهُ المفاجأة بتقدّمهما بشكل لافت على مستوى ترتيب قائمات الأحزاب المعارضة الحاصلة على الوصل النهائي ، إذ ارتقى التحرّري للصف الثاني برفقة الاتحاد الوحدوي الديمقراطي ب22 قائمة انتخابيّة ، بعد حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية المتصدران الطليعة ب23 قائمة ، في حين تلاهُ مباشرة الخضر للتقدّم ب21 قائمة.في الحديث إلى كلّ من الأمينين العامين للتحرري والخضر في الظرفيّة الانتخابية الراهنة أهميّة في استكشاف ملامح هذا البروز والردّ على ما يُشاع في الساحة السياسية من أنّ القرب من السلطة والحزب الحاكم سببان لمثل ذلك الصعود اللافت .
في ما يلي نص الحديثين مع منذر ثابت ومنجي الخماسي:
منذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرّري
وعي الناخب التونسي سيُمكّنهُ من التمييز بين الديماغوجيا السياسيّة والخطاب الموضوعي
القائمات الانتخابيّة ترجمة لتحولات المشهد السياسي في تأزم بعض مكوناته وتجدّد بنية أحزاب أخرى
العملية الانتخابية تقوم في جزئها الأساسي على الجوانب التقنية التي تؤهل الأحزاب الأكثر استعدادا لإحداث المفاجآت وتغيير مسار العملية السياسية
المعضلة الأساسيّة في المعارضة التونسية تكمن في إمعانها إعادة إنتاج أخطائها
من عناصر ديناميكية المشهد السياسي الوطني بروز شخصيات جديدة على سطحه خلال الفترات القليلة المنقضية ووقوع عدد من التحوّلات اللافتة على علاقة بحجم الأحزاب ومدى انتشارها وقدرتها على خوض مختلف المعارك ومنها أساسا المعركة الانتخابيّة الّتي تجري حاليّا والّتي يرى عديدون أنّها مفصلية في صيرورة التجربة الديمقراطية والتعدّديّة في تونس.
السيّد منذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري من بين أسماء صعدت حديثا إلى ركح الحياة السياسية ويبقى دوما من بين قليلين يُحسنون لا فقط الكلام السياسي بل يتجاوزونهُ إلى تنظيرات تهمّ تحولات المشهد وإرهاصاته المستقبليّة ويكون من الوجاهة بمكان الاستماع إليه في مثل هذه الظرفية لقياس عدد من المسائل ورصد بعض التغيّرات:
أجرى الحديث:خالد الحدّاد
المنذر ثابت لا يُخفي انزعاجه من قراءات بعض المحسوبين على النشاط السياسي والحزبي في تونس ويراهم موغلين في التحزّب وممتهنين للمغالطات والديماغوجيا السياسيّة ولكنّه يؤكّد أنّ وعي الناخب التونسي كفيل بتوضيح التوجهات وإفراز أحجام الأحزاب ومدى معقوليّة برامجها وخطاباتها.
البعض يقول بأنّه لا تتوفّر خلال هذه المحّطة كامل الشروط للمنافسة الجديّة والنزيهة ومّما يُردّدونهُ مثلا إسقاط متعمّد لقائمات انتخابية لأحزاب معارضة ورغبة في تحجيم أحزاب لها امتداد جماهيري وتصعيد ومُحاباة أحزاب أخرى منها حزبكم؟
طبيعي أن تشهد الساحة خلال المرحلة الانتخابية سجالات وجدل حول حجم الأحزاب وبرامجها ومواقفها وتكتيكاتها ومن الطبيعي كذلك أن يتداخل الخطاب الموضوعي مع الديماغوجيا السياسيّة لكن روح النقد التي يتميز بها المواطن التونسي بما حصله من وعي تؤهله للفصل والتمييز بينهما أما عن قصة الأحزاب الكبيرة والصغيرة فلقد أكدنا في أكثر من مناسبة بأن المسألة ترتبط بفلسفة تنظيمية تختلف وتتباين بين المدارس الفكرية والسياسية فالأحزاب الجماهيرية تراهن على الانتشار والعدد عبر تمديد هياكلها وغالبا ما تتبنى خطابا شعبويا يعزف على وتر وجدان الجماهير أما أحزاب الكوادر فهي أحزاب النخبة التي تضيق هياكلها لتفعل في الرأي العام باستقطاب المتعاطفين وحشد قطاعات من المجتمع وراء مواقفها وطروحاتها لذلك نعتبر أن المصرح به من القائمات لم يكن في الواقع إلا ترجمة لتحولات شهدتها الساحة السياسية الوطنية خلال السنوات الأخيرة وتعبيرا عن إفرازات قوى المعارضة في تأزم بعض مكوناتها وتجدّد بنية أحزاب أخرى لذلك لا نعتبر أن ثمة مفاجأة حقيقية في عدد القائمات المصرح بها للانتخابات التشريعية (25 أكتوبر 2009)
فالتحرري مثلا استعاد عافيته منذ ثلاث سنوات وجدد أسلوب عمله وأعاد بناء هياكله الجهوية وصياغة إستراتيجيته السياسية وتمكن في ظرف زمني وجيز من حسن استثمار المادة البشرية التي راكمها منذ تأسيسه فالجديد في التحرري هو العمل النسقي الممنهج في الداخل والخارج وهذه وقائع يعرفها القاصي والداني وكل متابع لشأن حزبنا منذ أن تولينا قيادته ولقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن العملية الانتخابية تقوم في جزئها الأساسي على الجوانب التقنية التي تؤهل الأحزاب الأكثر استعدادا لإحداث المفاجآت وتغيير مسار العملية السياسية فالتسويق السياسي إستراتيجية مركزية لدى التحرري في نسخته الجديدة.
لكن تمكّنكم من الحصول على 22 وصلا نهائيّا لقائمات تشريعيّة كان أمرا لافتا مقارنة بما يعرفهُ الجميع عن واقع الحزب خلال السنوات الّتي سبقت توليكم رئاستهُ؟
عدد القائمات ليس في حد ذاته مؤشر تقدم فالعديد من الأحزاب تقدمت بقائمات في مختلف الدوائر الانتخابية بالاستناد الى تحالفات مع مجموعات مستقلة من خارج أطرها وللتذكير فإن الحزب الاجتماعي التحرري تمكن حتى خلال الأزمة من تأليف قائمات بعدد كبير لكن الجديد لدينا يكمن في تقديم قائمات مؤلفة من كادر الحزب ومناضليه وفي الاستمرار والتواصل بين دينامية البناء داخل الجهات والتمثيل الانتخابي الذي أفضت إليه فلم نلتجأ الى أساليب وممارسات كنا ندينها على الرغم من صعوبة التحرك في بعض المناطق حيث تراجعت التقاليد التعددية لكن وضع الاستقرار التنظيمي والصورة الايجابية التي اكتسبها حزبنا في الساحة جعلتنا ندخل الموعد الانتخابي بثقة وثبات.
في رأيكم هل هناك فرص لتحقيق جدل سياسي متطوّر ومثمر خلال الفترات المقبلة في ظلّ ترجيح البعض لمزيد من التأزّمات في علاقة التواصل بين مختلف أطراف العملية السياسيّة في البلاد واحتدام صراعات الزعامة بين قيادات المعارضة والهيمنة من الحزب الحاكم ؟
أود أن أؤكد على أننا في الظرف الراهن أدركنا مرحلة متقدمة من مراحل التعددية السياسية وأن الجدل السياسي في بلادنا يشهد ارتفاعا مطردا للنسق وبصفة تصاعدية منذ نهاية التسعينات فالأحزاب تمارس مواقفها واستراتيجياتها السياسية وتعقد تحالفاتها لتشكل حالة من التنوع الثري نقدر أنه بالفعل طبيعي في ما يؤول إليه من توترات في بعض الحالات وليست الزعاماتية غريبة عن هذا السياق فالسعي إلى قيادة المعارضة بدا على رأس الجدول السياسي لبعض الأحزاب لكننا ننظر إلى المسألة من زاوية مغايرة خلفيتها تقييم مسيرة المعارضة من الستينات إلى اليوم هذه المسيرة نختزلها إلى حقيقتين :
أولا : ضخامة التضحيات ومحدودية النتائج
ثانيا : أن المعضلة في المعارضة التونسية تكمن في إمعانها إعادة إنتاج أخطائها
وفي المحصلة فإننا نعتبر أن أزمة الحركة الديمقراطية في بلادنا تكمن في افتقادها لبرنامج الحد الأدنى المشترك بين مكوناتها وفي انحراف بعض أجزائها عن السياق الوطني فنحن من الذين يؤمنون بأن الديمقراطية لن تكون في بلادنا إلا صياغة تونسية خالصة بكل ما يفترضه المفهوم من خصوصية واستقلالية.
ولكن وبخلاف ما تواصلهُ بعض الأحزاب المنعوتة بالراديكالية من تصعيد وإثارة سياسية خاصة في علاقتها بالسلطة وبقية الأحزاب فإنّ الأحزاب الوفاقيّة نفسها تعرف العديد من التجاذبات ، مثلما حدث بينكم وحزب الوحدة الشعبية مؤخّرا- كما أنّ إمكانيات اقتراب هذه الأحزاب من الحزب الحاكم ما تزال بعيدة بحكم ما نعرفُهُ من سياسات وتوجّهات واضحة لديه على الأقل في هذه الفترة؟
أجدد القول بأن التجاذبات واختلاف المناهج في طبيعة التعدد والتنوع ولقد اخترنا لحزبنا التمشي العقلاني الواقعي بناء على تقييم دقيق لتاريخ المعارضة ولاستقراء مفصل لمفردات الوضع السياسي الراهن فنحن لا نتعاطى مع الواقع بعفوية المراهقين و إنما نؤسس لجهاز مفاهيمي مرجعه الأول التاريخ السياسي الخاص ببلادنا وخلافا للأحزاب المتشنجة نرفض كل إسقاط ميكانيكي لنماذج جاهزة على واقعنا السياسي فمفهوم التحالفات العابرة للإيديولوجيات تنظير مسقط لن يقود الأحزاب المتبنية له إلا إلى مأزق التهافت والتآكل الداخلي في مستوى الوسط الحزب الاجتماعي التحرري حزب ليبرالي معافى من أمراض الزعاماتية وإن وجد جدل مع بعض شركائنا في الوفاق فهو لن يتجاوز من جهتنا مجال اللياقة والسياسة النظيفة ونحن نحترم مواقف الأطراف الأخرى ولا نقبل أي شكل من أشكال المزايدة على حسابنا.
لكن طرحكم لتقارب مّا مع الحزب الحاكم خاصة في ما يتعلّق بمساندة الرئيس بن علي لم يلق تفاعلا كبيرا...هذا إلى جانب السكوت عن مقترح "الأغلبية الرئاسيّة"؟
موقفنا من الحزب الحاكم موقف واضح لا يحتمل التأويل فهو مدرسة وطنية وركيزة من ركائز النظام ننافسه ونجادله المواقف والطروحات نتفق معه في بعض المسائل ونتباين معه استراتيجيا بصدد المشروع السياسي والثقافي والمجتمعي، إننا نؤكد مرة أخرى أنّ أي خلل قد يصيب الحزب الحاكم لن يقود في ظل الأزمة الراهنة للمعارضة إلا إلى المجهول لذلك أكدنا أننا نرفض تدشين مسار لن نتحكم في نتائجه أما دعمنا للرئيس بن علي فيستند الى الدور التاريخي الذي اضطلع به كمنقذ وكمؤسس للمشروع الديمقراطي ووصفناه بالبونابرت لأن رئاسته كانت بالفعل رئاسة لكل التونسيين وأنه عمليا كان فوق التناقضات الحزبية والسياقات الخاصة.
كيف تقرؤون مستقبل المشهد السياسي التونسي في ظل حديث الجميع عن مرحلة جديدة مرتقبة بعد الاستحقاق الانتخابي الحالي؟
بديهي أن المرحلة القادمة ستكون هامة ومحددة في مستقبل المشروع الديمقراطي كما أنها دقيقة على واجهتين: الواجهة الاقتصادية حيث ينتظر الاستفادة من عودة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي للارتقاء بمستوى النمو إلى درجات عليا حلا لمشكلة البطالة وعلى المستوى السياسي فإن المرتقب توسيع مجال المشاركة والارتقاء بها نوعيا وبروز تحالفات جديدة ذات طبيعة إستراتيجية في ظل حالة توازن نسبي بين مكونات المشهد السياسي.
------------------------------------------------------------------------
حديث منجي الخماسي الأمين العام لحزب الخضر للتقدّم
البعض من أطياف المعارضة تنتهجُ منطق الارتزاق السياسي من المحطات الانتخابية
نحترم في الإدارة صرامتها في تطبيق القانون الانتخابي ونتطلّع إلى أن يتواصل ذلك إلى آخر المراحل
انتخابات 2009 فرصة هامّة لفرز سياسي جديد في البلاد
بدأت عدّة مواضيع ومسائل في التفاعل مع مجريات الاستحقاق الانتخابي الحالي ، منها ما هو على علاقة بالقوانين الانتخابيّة القائمة وضرورة تطويرها لاحقا ومنها ما هو مرتبط بصورة المشهد السياسي وما عليها العلاقات بين مختلف الفاعلين السياسيين وبداية رسم ملامح لخارطة سياسية وحزبية منتظرة للفترة المقبلة.
أجرى الحديث:خالد الحداد
برغم حداثته أمكن لحزب الخضر للتقدّم التقدّم على مستوى الحضور في المشهد السياسي الوطني برغم ما اعتمل فيه من أحداث وتطورات حصل على التأشيرة القانونيّة في 3 مارس 2006 وعقد مؤتمرهُ الأوّل في أكتوبر 2008 ويترشّح في 21 دائرة خلال أوّل مشاركة انتخابيّة له.
هناك جدل حول سقوط قائمات للمعارضة واختلفت الآراء وربّما كان من أهمّها اتهام الإدارة بعد الحياد وتعمّد إسقاط بعض القائمات، كيف تتفاعلون مع هذه النقطة؟
الجدل حول القوانين الانتخابية هامّ جدّا لأنّ ممارستها في مثل هذه المناسبات الانتخابيّة تمكّن من توضيح العديد من الصور والحالات الّتي تتطلّب التعديل والتطوير في المحطات الانتخابيّة المقبلة، سقوط القائمات أمر ليس بجديد وقد سبق لي أن خضت وشاركت في انتخابات عديدة سابقة ، ولديّ اليوم قناعة بأنّ تطبيق القانون بحذافره يُوقعُ ضرورة في عدم مطابقة عدد من القائمات المترشّحة في إطار الإسقاط وهذا مدخل مهمّ لرصد الصورة الحالية ،ونحن وباطلاعنا على واقع مناضلي حزبنا لنا قناعة راسخة بأنّ سبب الإسقاط كان مرتبطا إلى إخلالات عند تقديم ملفات ترشح عدد من قائمات حزبنا (5 قائمات) بسبب محدوديّة الدربة والتجربة السياسية والقانونيّة لعدد من المنخرطين حديثا في الحزب.
ونحن ومع تنويهنا بالحزم الإداري في التعاطي مع ملفات الترشح ومع أملنا في أن تُواصل الإدارة تطبيق القانون الانتخابي خلال الحملة الدعائيّة ويوم الإقتراع وفرز الأصوات وإعلان النتائج فإنّنا نأسفُ إلى تعمّد بعض الأطراف السياسيّة التلاعب بمعطيات الواقع السياسي والحزبي لفائدة مصالح سياسويّة ضيّقة جدّا ولا يُمكنها أن تخدم تطوّر المسار التعددي والديمقراطي في البلاد ، وهذا يقودنا إلى القول صراحة بأنّ بعض هذه الأطراف تنهتج منطق غريب في العمل السياسي منطلقه وأدواته اقتناص محطات معيّنة للإثارة وتوجيه الأنظار إليها وتعمّد الإدعاء بالوقوع في موضع الضحية السياسي:هذا ارتزاق سياسي مبتذل علينا جميعا فضحُهُ وكشفُهُ للرأي العام الّذي يحتاج إلى صورة حقيقيّة عمّا يجري داخل الأحزاب ووسط الساحة السياسيّة ككلّ ليُمكنهُ الاختيار بين مختلف الطروحات الموجودة والانخراط في الشأن العام عوضا عن الاستقالة والجلوس على الربوة.
إنّ الادعاء بغير ما هو موجود وانتهاج طرائق غير سليمة في المنافسة السياسية والانتخابيّة مسائل خطيرة تنهتي إلى تعطيل ديناميكيّة التحوّل نحو مرحلة جديدة من التعدديّة والديمقراطيّة.
لكن العديد من المتابعين عبّروا عن حالة مفاجأة واستغراب من تقدّم حزبكم الناشئ حديثا على أحزاب أخرى "عريقة" في عدد القائمات التشريعيّة المقبولة؟
بالارتباط إلى ما قلتهُ في إجابتي الأولى، لقد حرصنا في حزب الخضر للتقدّم ومنذ الحصول على التأشيرة القانونيّة على بناء حزبي وتنظيمي سليم ، عوّلنا على كفاءات جديدة واتجهنا أساسا نحو الشباب ، هذا عامل ساعدنا على تأطير مناضلين يرغبون فعلا في العمل السياسي الناضج والهادف ولاحقا مكّننا من بعث جامعات ناهز عددها إلى حدّ الآن العشرين جامعة 15 منها لها مقرات فعلية جلّها كان من عطاء المناضلين وأنصار الحزب.
هذه عوامل مهمّة، مع ما اكتسبناهُ خلال محطات انتخابيّة سابقة من دروس وعبر - فأنا شخصيّا شاركتُ في كلّ المواعيد الانتخابيّة منذ سنة 1989 وخبرتُ جيّدا المسائل الإداريّة والترتيبيّة والإجرائيّة لمختلف مراحل العمليّة الانتخابيّة – مكّنّ حزبنا على حداثته من تقديم تصاريح ترشّح قانونيّة وسليمة في 21 دائرة انتخابيّة وأريد أن أذكّر في هذا الصدد أنّنا انطلاقنا في الإعداد لهذه الانتخابات منذ مؤتمرنا المنعقد خلال شهر أكتوبر الفارط أي قبل سنة بالضبط وأصدرنا حينها لائحة انتخابيّة أكّدنا فيها عزمنا على المشاركة الفعليّة والحقيقيّة بعيدا عن كلّ عوامل الارتباك أو الإعداد المتأخّر والمنقوص ، كما عملنا طيلة هذه الفترة على تثقيف مناضلينا سياسيّا وقانونيّا ووفرّنا لهم كامل النصوص المنظمة للحياة السياسيّة والانتخابيّة وحاولنا تنفيذ خطّة محكمة ومدروسة للنجاح في هذا الامتحان الصعب.
إنّ التقدّم للانتخابات ليس من المسائل الشكلية المستعجلة بل هو نتاج لعمل وتحضير طويل الأمد يُفضي إلى مثل هذا الحصاد حاليّا سلبا أو إيجابا كما يعكسٌ الوضعيّة التنظيميّة والهيكليّة للأحزاب، وأشير في هذا الصدد إلى أنّ جميع قائمات حزبنا للتشريعيّة تركّبت من مناضلين ومن أعضاء الجامعات والفروع ومن أعضاء الهياكل المركزيّة للحزب ، ولم نكن في حاجة على الإطلاق لأيّ مُحاباة من الإدارة أو غيرها حتّى نصل إلى ما وصلنا إليه، جامعاتنا ومناضلونا ومقراتنا المركزيّة والجهويّة موجودة على أرض الواقع وهي يُمكنها أن تخضع في أيّ لحظة إلى المُعاينة الميدانيّة ولسنا نختلقُ الآن وبهذه المناسبة الانتخابيّة مناضلين أو جامعات.
هناك سلوك غريب في الساحة السياسية يسعى إلى تأبيد الحالة الراهنة دونما استعداد لقبول أيّ تغيّرات أو تبدّلات ولو أدّى ذلك إلى الافتراء وبث الإشاعات:الفيصل في تقييم الأحزاب هو العمل الميداني والمتواصل والصرامة والجديّة في احترام شروط وضوابط المنافسة النزيهة البعيدة عن كلّ عوامل الإثارة والإزدراء.
نحن لا تستهمينا المغامرات ولا الشعارات، وإن كان من شيء نُحسدُ عليه فهو اهتمامنا بشأننا الحزبي الداخلي وسعينا لبناء هيكلي ومضموني صحيح ورفضنا كلّ أشكال المغالطات أو الانجرار وراء أجندات غريبة عن واقع بلادنا وطبيعة التطورات الحاصلة بها في كلّ المجالات والميادين.
هناك شبه إجماع على حالة من الضعف في أداء المعارضة التونسيّة ، بحسب رأيكم ما هي أهم أسبابها؟
الضعف موجود وهو من معطيات الواقع الّتي لا يُمكنُ تجاهلها أو نُكرانُها،فحتى في حزبنا لدينا الكثير من النقائص إذ كنّا مثلا نأملُ ونطمحُ أن نُحقّق مفاجأة حقيقيّة في هذه الانتخابات بالمشاركة في جميع الدوائر الانتخابيّة ولكن حدثت بعض الاخلالات الّتي سندرُسُها لاحقا لأخذ العبر منها وتلافيها في المستقبل.
أمّا عن أسباب الضعف ففي اعتقادي هي مرتبطة بمدى جديّة الفاعلين وصانعي القرار داخل الأحزاب في البناء الهادف والناجع بما يتطلّبُه من استعدادات مُسبقة وجادّة وبما يقتضيه ضرورة من فتح للأبواب أمام المناضلين وحسن تأطير الشباب والكفاءات من مواقع القرار لا تركهم على الهامش والاستنجاد بهم فقط كوقود للمعركة الانتخابية ، ونحن في حزب الخضر للتقدّم عوّلنا في الجزء الأهم من نشاطاتنا على وجوه جديدة أخضعناها إلى اختبارات الصدق والعمل الجاد والنضاليّة الفعليّة ، ولنا اليوم عناصر شبابيّة فاعلة داخل القيادة (المكتب السياسي والهيئة العليا للدراسات والاستشراف ومنظمتي المرأة والشباب) وكان الفيصل دائما هو خدمة أهداف الحزب والحرص على تحقيق الإضافة المرجوّة.وقد تقدّمنا خلال هذه الانتخابات بقائمة على رأسها أصغر مترشّح (من مواليد 1984) في دلالة على توجهاتنا الواضحة نحو هذه الفئة ونحو مزيد توطيد أركان بناء الحزب مستقبلا.
في اعتقادي العمل الحزبي يتطلّب روحا متجدّدة على الدوام والتعويل على الشباب ، كما أنّه يرفضُ منطق الهيمنة والإقصاء والتهميش ويقتضي مزيد التشريك وفتح الأبواب.
ولكنّكم في حزبكم متّهمون بغلق مثل هذه الأبواب ومن الأدلّة على ذلك الاستقالة الأخيرة من المكتب السياسي وخسارتكم للعديد من قيادات الحزب ومن المؤسّسين؟
للأسف الممارسة الحزبيّة وسياسية تترك بعض الهنات والزلات ولكن ما أؤكّدهُ أنّ أبواب الحزب لم تُغلق أبدا في وجه أيّ كان وأنّ ما حدث وجرى في بعض الحالات هو من المسائل الطبيعيّة الّتي تحدثُ في كلّ التنظيمات والأحزاب إذ لا يُمكن لأيّ شخص مهما علا شأنهُ الحزبي أن يعلو فوق قرارات الحزب وقوانينه، هناك منطق التسيير الجماعي لا الانفراد في التسيير وكلّ من اعتقد عكس ذلك خيّر بنفسه الانسحاب والاستقالة وإلى حدّ الآن لم يُصدر الحزب أيّة قرارات تجميد أو طرد بل أنّ كلّ الحالات كانت تقعُ بخيار الأفراد وبقرارهم المستقل عندما اصطدموا بواقع ربّما لا يُلبي رغباتهم الشخصيّة أو مصالحهم الضيّقة.
كيف تقرؤُون مستقبل المشهد السياسي التونسي؟
نحنُ من أنصار التفاؤل والنظر دوما إلى المستقبل بالترقّب الإيجابي لا العكس أي التشاؤم ، نحن ساندنا ترشح الرئيس زين العابدين بن علي في هذه الرئاسية لأنّنا على قناعة بأنّ بقاءه في الحكم خلال الفترة المقبلة سيكون ضمانة لتحقيق المزيد من المكاسب وفي اعتقادي فإنّ هناك اليوم العديد من المؤشرات الّتي تدفع حقيقة إلى انتظارات مهمّة بخصوص مزيد تفعيل أسس الشراكة والمشاركة السياسية ودعم التجربة السياسيّة التعدّديّة في البلاد مع إحساسنا العميق بالأدوار المنتظر منّا فعلُها لتحقيق التطلعات المرجوّة.ونرى كذلك أنّ انتخابات 2009 بما فيها من تجاذبات ومنافسة ورهانات تبقى فرصة هامّة جدّا للفرز السياسي الجديد المنتظر حصوله في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.