لبنان.. إصابة سبعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية على بلدة الحوش    ليبيا.. مفاجأة قوية بانتظار "صاحب مزحة الأسد" مع عامل مصري    آخر تطورات إختفاء فتاة ال 15 سنة بالقيروان.. بطاقتا إيداع بالسجن ضد شقيقها وجارتها    أخبار النادي الافريقي ...إقبال كبير على الاشتراكات وضجّة بسبب علي يوسف    تيكاد 9 .. رئيسة الحكومة تقترح توأمة مدينة «يوكوهاما» مع مدينة تونسية    ابتداء من سبتمبر ...شرط جديد لاجتياز اختبار رخصة السياقة    «سعيّد» يصنع الأمل في الأوقات المظلمة أجندا التهجير لن تمرّ    وكالة التشغيل تحذّر    في الوطن القبلي...تحدّيات تهدّد وجود قطاع القوارص    طقس الليلة.. سحب كثيفة بهذه المناطق    صيف المبدعين... الكاتبة عفاف قاسم .. كم تسلّقت أشجار اللّوز واستعذبت قطف التّين    بعد ساعات من رسالته المؤثرة.. وفاة 'القاضي الرحيم' فرانك كابريو    تاريخ الخيانات السياسية (52) .. الوزير ابن مقلة    الرابطة المحترفة الثانية: مستقبل القصرين يتعاقد مع الثنائي خليل اللومي ووائل الشهايبي    ذعر في مطار ميلانو: رجل يُشعل النار ويحطم شاشات بمطرقة!    لافروف للدول الغربية التي تنوي الاعتراف بفلسطين: "اعترفوا بها الآن لا بعد شهرين! إن كنتم جادين    أطعمة تُضعف الذاكرة وتُهدد صحة الدماغ... احذرها!    وزير الصحة يبحث مع سفير الأردن بتونس تعزيز تبادل الخبرات في صناعة الأدوية واللقاحات    عاجل/ عقوبات مالية ضد هذه الأندية الرياضية    ابتكار جهاز من الماس لتتبع الخلايا السرطانية دون الحاجة إلى مواد مشعة    القصرين : قريبا إطلاق "مهرجان الشباب" في قلب المناطق المهمشة    جمعية أحباء البلفدير تنظم الليلة العالمية للخفافيش يوم 29 أوت الجاري بمنتزه البلفدير    قفصة: تكثيف حملات الرقابة الصحيّة على المنتوجات الغذائية سريعة التعفّن    21 ميدالية لتونس في بطولة افريقيا لرفع الأثقال    وزير التجهيز يُشرف على متابعة مشروع سكني موجه لذوي الدخل المحدود بالمغيرة    سيدي بوزيد: فقرات متنوعة على امتداد 6 أيام في الدورة 32 للمهرجان الدولي للولي الصالح سيدي علي بن عون    وزيرة الأسرة تتوّج الأطفال الفائزين بالمسابقة الوطنيّة للحفاظ على المرفق العام للنقل    قليبية: وفاة شاب ثلاثيني غرقا    بنزرت: توزيع 5 أطنان استثنائية من القهوة المعدة للاستهلاك العائلي والمهني    توننداكس يتراجع الاربعاء عند الإغلاق بنسبة 1ر0 بالمائة    حسب الحسابات الفلكية.. هذا موعد المولد النبوي الشريف في تونس    النرويج تتبرّع بأرباح مباراة ضد إسرائيل لدعم غزة.. #خبر_عاجل    أمير الطرب العربي صابر الرباعي في مهرجان إيكوفيلادج بسوسة    عاجل/ الحماية المدنية تحذّر من اضطراب البحر وتقدّم هذه التوصيات..    في بالك الزنجبيل دواء سحري لحماية القلب    احلام تغنّي ''تُراث تونسي'' في مهرجان قرطاج    راغب علامة يعلق على أزمته الأخيرة بطريقة فكاهية    عاجل/ جيش الاحتلال يستدعي جنود الاحتياط ل"احتلال غزة"    بينهم إطار بوزارة: السجن ضد 14 شخصا كوّنوا وفاقا لترويج المخدرات.. #خبر_عاجل    انجاز طبي جديد في تونس: إنقاذ مصابة بجلطة دماغية حادة باستعمال هذه التقنية..    الصولد الصيفي: تسجيل 73 مخالفة إقتصادية منذ إنطلاقه    تونس: توريد لحوم حمراء بأسعار تفاضلية    ترامب: "فرصتي ضعيفة..ولكني أحاول دخول الجنة"    الزهروني: إيقاف امرأة انتحلت صفة رئيسة جمعية بالخارج وتحيلت على العشرات    نابل: عمال أحد المصانع يغلقون الطريق على مستوى معتمدية قربة تنديدا بحادث انقلاب حافلة كانت تقل زملاءهم أول أمس    تصفيات مونديال 2026: موعد الإعلان عن قائمة لاعبي المنتخب الوطني    رسميا: تحديد موعد إنطلاق إستعمال الفار في البطولة    نادي المدينة الليبي يتعاقد مع اللاعب التونسي مراد الهذلي    جريمة مزلزلة: اغتصاب جماعي لطفل ال13 سنة..!    عاجل : بطاحات جربة تستأنف نشاطها    المرصد الوطني للتزويد والأسعار: انتظام نسبي في السوق وحملات رقابية مكثفة    محمد صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنقليزي للمرة الثالثة    حادث مرور أليم يخلّف قتيلين وجريحًا في بوحجلة    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    عاجل/ تونس تسجل ارتفاعا في الطلب على الغاز الطبيعي والمواد البترولية    صيف وضيف: د. إيمان القسنطيني: الطبيبة الفنّانة... المتعددة المواهب    عاجل : هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية توجه دعوة الى التونسيين    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تاريخيّة الانتخابات وقانونيّتها وعلى هامش الانتخابات المحليّة في تونس
نشر في السياسية يوم 06 - 05 - 2010


مقال رأي: الانتخابات بين النظرية والواقع
بقلم:الأستاذ ماجد البرهومي
الحق الانتخابي هو مظهر من مظاهر تعبير المحكومين عن سيادتهم في عملية اختيارهم لحكامهم من خلال عملية عرفها فقهاء القانون الدستوري بأنها مجموعة القواعد القانونية والإجراءات التي تؤدي بصفة أساسية إلى اختيار الحكام من قبل المحكومين وينظمها القانون الانتخابي الذي يعرف بصفة الناخب ويبين نظام الإقتراع وينظم عملية التصويت.
وظهر الحق الإنتخابي مع تبلور فكرة شرعية الحكومات الديمقراطية دون سواها بما ان الحاكم يستمد نفوذه فيها من الشعب و ان كان إلى حد ما. وذلك عكس ما كان سائدا ولا زال في بعض الأنظمة المعاصرة حيث يستمد سلطته مباشرة من الإله و مثال ذلك الولي الفقيه في إيران.
نقائص
ويرى عدد كبير من المفكرين وعلى رأسهم كارل ماركس أن الربط الحاصل للإنتخابات بالطابع الديمقراطي للحكومات يؤدي إلى هيمنة بعض الطبقات الإجتماعية على السلطة وخصوصا الطبقة البرجوازية وذلك من خلال فرض نظام اقتراع محدد لا يؤدي إلا إلى وصول فئة محددة إلى الحكم دون سواها. ففي فرنسا على سبيل المثال كانت البرجوازية طوال عقود تلت ظهورها على الساحتين الإجتماعية والسياسية في صراع مع النبلاء من أجل الوصول الى السلطة فناضلت من اجل اعتماد الاقتراع العام المتاح الى جميع فئات المجتمع الفرنسي. ومن خلال هذه الفئات وخصوصا الشعبية منها من الفقراء والأقنان والعمال الذين عانوا لقرون من اضطهاد طبقة النبلاء. وصلت إلى السلطة ومارستها وألغت الاقتراع العام وفرضت قسرا الاقتراع المقيد لإقصاء العمال عن ممارسة حقهم الانتخابي للحفاظ على هيمنتها على الحياة السياسية واحتكارها لها. والاقتراع المقيد هو الاقتراع الذي يقتصر على فئة محددة من المواطنين لا يمكن لسواهم ممارسة الحق الانتخابي ويضبط هذه الفئة القانون. أما الاقتراع فهو الذي يتاح للجميع من أفراد المجتمع دون اقصاء.
ففي فرنسا وفي ظل دستوري 1791 و 1814 لا يمتع بالحق الإنتخابي الا من كان من دافعي الضرائب في حدود نسبة معينة وهو ما ضمن احتكار البرجوازية للحياة السياسية. كما تم في الولايات المنحدة و تحديدا في بعض الولايات الجنوبية إقصاء السود عن ممارسة حقهم الانتخابي من خلال سن قانون يعرف ب " ذو بول تاكس" يمنع من ليست لهم موارد من المشاركة في الاتخابات المحلية على مستوى الولاية ولم يقع التخلي عن هذا القيد الا سنة 1964.
كما تم في بعض هذه الولايات الجنوبيةالعنصرية وضع قيد سنة1870 يقتضي ضرورةاجراء الناخب لامتحان لتحديد معلرفته بالدستور من عدمها وكانت الأسئلة التي توجه الى السود أصعب بكثير من تلك التي يتم توجيهها الى البيض.
وفي اثينا منشأ الديمقراطية مع بعض التحفظات كان الإقتراع حقا مكتسبا للنبلاء دون سواهم وهو ماضمن هيمنتهم على الحكم حتى في عهد "بريكلاس" الحاكم الإغريقي الشهير.
هيمنة
وإذا تم الاقتراع العام مثلما حصل في فرنسا سنة 1792 وفي ايطاليا سنة 1912 وفي المملكة المتحدة سنة 1918 وبعدها بسنة في المانيا فإن الإشكال لا يحل لأن الطريقة المعتمدة في الإنتخاب بإمكانها أن تجعل مجموعة سياسية تهيمن على الحكم دون سواها. فعادة ما تميل الأحزاب السياسية الكبرى المتجذرة في مجتمعاتها إلى اعتماد الإقتراع بالأغلبية في حين تناضل الأحزاب الصغيرة من أجل اعتماد طريقة التمثيل النسبي
والإقتراع بالأغلبية هو الإقتراع الذي يمكن الفائز بأكبر نسبة من الأصوات إلى الوصول إلى الحكم وممارسته بصورة فردية دون اقتسام السلطة مع الآخرين وتعتمده الولايات المتحدة وبريطانيا.ففي هذه الأنظمة قد تحصل أحزاب على 49 في المائة من الأصوات إلا أنها لا تشارك في تشكيل الحكومات رغم ضآلة الفارق بينها وبين الفائز. وقد اعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي الأنظمة التي تعتمد الإقتراع بالأغلبية أنظمة ديكتاتورية بما أن 49 في المائة من عموم الناخبين ستفرض عليهم برامج و تحكمهم فئة لم ينتخبوها و لا مجال لمشاركتهم لها في الحكم.
أما التمثيل النسبي فهو حصول الحزب السياسي على مقاعد في البرلمان أو حقائب وزارية تتناسب وحجم الأصوات التي تحصل عليها في الإنتخابات وهو النظام المعتمد في لبنان وفقا لدستور الطائف وفي ايطاليا ومن مساوئه سرعة انهيار الحكومات بانهيار التحالفات دون قدرتها على إتمام تنتفيذ برامجها. وقد انتصر أرسطو لهذا الخيار معتبرا أن البرلمان يجب أن يكون صورة مصغرة للمجتمع. وتجد فيه الأحزاب السياسية الصغيرة متنفسا لتواجدها المستمر بالقرب من صناع القرار للمشاركة الفعلية في شؤون الحكم.
إصلاحات
و تفرز الإنتخابات التي تعتبر تعبيرا عن الديمقراطية غير المباشرة نتائج غايتها التعبير عن سيادة الشعب من خلال أشخاص وضع فيهم ثقته لإدارة شؤونه. إلا أن التجارب أثبتت والتطبيقات العملية أن نواب الشعب غير منضبطين ولا يلتزمون برغبات منظوريهم ممن منحوهم ثقتهم.ففي الحربين الأخبرتين اللتين خاضتهما كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في أفغانستان و العراق أثبتت استطلاعات الرأي المجراة أن إرادة الشعوب تتعارض كليا مع إرادة ممثليهم في الحكم سواء في البرلمان أو في السلطة التنفيذية وهو ما يقتضي مراجعة جدية لآليات الديمقراطية باعتبارها وسيلة لحكم الشعب لنفسه بنفسه ولفكرة أن الأنظمة الديمقراطية هي الأنظمة الشرعية دون سواها باعتبارها الممثل الحقيقي لشعوبها. وفي المقابل تصعب العودة إلى مرحلة الديمقراطية المباشرة حيث يمارس الشعب السلطة مباشرة بنفسه دون الحاجة إلى نواب والتي اعتمدت قديما في بعض المدن الإغريقية ومنها أثينا حين كان الشعب يجتمع سنويا في مؤتمر يسمى "إيكلاسيا" تتخذ فيه القرارات المصيرية. لأن عدد السكان ارتفع في الدول المعاصرة التي امتدت مساحاتها وبالتالي يصعب جمعها معا في مؤتمر عام لحكم نفسها بنفسها. إلا أن ذلك لا يمنع من وجود بعض تطبيقات الديمقراطية المباشرة في ثلاث مقاطعات سويسرية تتميز بصغر حجمها قلة عدد سكانها و هي "أنترفالد" و"قلاريس" و"آبنزل" حيث يجتمع السكان في هذه المقاطعات سنويا خلال فصل الربيع ويعينون حكامهم وممثليهم في البرلمان الفدرالي ويعدون الميزانية ويصادقون على مشاريع القوانين. وهو ما يثبت إمكانية تطبيق الديمقراطية المباشرة على المستويين الجهوي والمحلي بمنح المجالس الجهوية والمحلية في تونس على سبيل المثال مزيدا من الصلاحيات بما أنها الأكثر قربا من المواطنين والأكثر اطلاعا على مشاكلهم.
ويقتضي النظام الديمقراطي الذي يبقى رغم مساوئه أفضل من غيره إصلاحات عديدة تدعم مشاركة الشعب مباشرة في إدارة شؤونه من خلال آليات على غرار الإستفتاء الذي يجب توسعة مجالات اللجوء اليه خصوصا في المسائل المصيرية على غرار الحرب والسلم وخصوصا في الولايات المتحدة التي تحركت في السنوات الأخيرة دون ضوابط في هذا المجال. وكذلك ما يعرف في القانون الدستوري باسم "الإقترحات الشعبية" لمشاريع القوانين وجعلها مفتوحة غبر مقيدة والإعتراضات على مشاريع القوانين المقدمة للبرلمان خلال مدة معينة من تاريخ نشرها. كما تقتضي الأنظمة الديمقراطية مزيدا من التقييد لحركات النواب والحكام من قبل الشعوب من خلال منحها إمكانية إقالة النائب أو الحاكم اذا اخل بواجباته حتى قبل انتهاء مدته النيابية وتوجد هذه الآلية في بعض دساتير الولايات الأمريكية على غرار دستور كاليفورنيا لسنة 1911 إلا أنها غير معتمدة على المستوى الفدرالي في بلد العام سام. كما يمكن منح صلاحية للشعب تتمثل في حل البرلمان مثلما هو معتمد في مقاطعة العاصمة السويسرية "برن" أو إقالة الحكومة من خلال شروط تحددها الدساتير.
جميعها آليات بإمكانها أن تحقق حكم الشعب لنفسه و تساهم في محاسبة الناخب لمن وضع فيهم ثقته و تساهم في إصلاح مساوئ السواد الأعظم من الأنظمة الديمقراطية و بإمكان فقهاء و شراح القانون الدستوري إيجاد آليات أخرى تجعل الناخب فاعلا في الحياة السياسية لا يقتصر دوره على الإدلاء بصوته لاختيار ممثليه وإنما عنصرا فاعلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الحياة السياسية خلال المرحلة التي تلي إدلاءه بصوته.

ماجد البرهومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.