الغنوشي وافق على استقالة الحكومة لكن عليه إقناع «النهضة» بذلك ليس محرّما عليّ أن أكون رئيسا للجمهورية لا تنازل عن رحيل الحكومة و ما عدا ذلك قابل للنقاش التونسية (تونس) في حوار مطوّل اجرته معه صحيفة « الشرق الأوسط» تعرّض الباجي قائد السبسي رئيس حركة « نداء تونس» إلى الوضع بتونس وخاصة الأزمة السياسية بالبلاد والحلول الممكنة اضافة إلى خفايا لقائه براشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» في باريس إلى جانب اسرار زيارتهما إلى الجزائر تقتطف منه «التونسية» الفقرات التالية:
التقيت راشد الغنوشي في باريس، ثم كلاكما التقى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.. ما حقيقة الوساطة الجزائرية؟ هل من أفكار جديدة؟ ليست هناك وساطة جزائرية, لي علاقات مميزة مع القادة الجزائريين. والرئيس بوتفليقة صديق وحاربنا معا من أجل الاستقلال. وبقينا على تواصل عندما كان في الحكم وأيضا خارجه. ولا يخفى عليك أن الجزائر منشغلة بالوضع الأمني. للجزائر حدود مشتركة مع سبعة بلدان، وكل هذه الحدود تتطلب اليقظة؛ مالي، النيجر، ليبيا، تونس. لم يكن مفترضا أن تعرف تونس وضعا كهذا. لا مشكلة حدود لدينا مع الجزائر. لكن وجود «القاعدة» في تونس والمجموعات المسلحة في جبل الشعانبي تطرح مشكلة أمنية للجزائر؛ هناك جزائريون ينشطون في تونس كما أن هناك تونسيين ينشطون في الجزائر. ففي مسألة رهائن عين أميناس، كان هناك 13 تونسيا مشاركا في العملية. إذن، يشعر الجزائريون أننا غير ممسكين بالوضع الأمني، وهذا صحيح. تركنا حدودنا مع ليبيا فالتة، والنتيجة أن كل أنواع الأسلحة موجودة اليوم في تونس. إذن، المشكلة الأمنية مصدر قلق للتونسيين كما للجزائريين. إذن، لا وساطة جزائرية في تونس؟ كلا. هل هناك بداية تقارب بين «نداء تونس» و«النهضة»؟ بالطبع، نسعى للتقارب. أنا من أخذ المبادرة علانية من أجل ذلك. بلدنا في أزمة والطرف الحاكم مسؤول عنها، ولقد رأيت ولفترة طويلة أن تونس تغرق فيها ولم أرَ ردة فعل من الحكومة. لذا، ذهبت إلى التلفزيون وخاطبت الغنوشي مباشرة، وقلت له: ماذا تفعلون بينما بلدنا يغرق؟ أليس لديكم مخرج؟ نحن الذين نريد إنقاذ تونس لا نجد محاورا نتحدث إليه، واقترحت على الغنوشي الحوار مباشرة معه. بداية، لم يتحرك، ثم تواصل معي والتقينا في باريس وأنا شكرته على لقائي. تحاورنا خلال ثلاث ساعات وأفرغ كل منا ما في جعبته. كانت مقارباتنا مختلفة، وكانت لديه مقترحات لا أوافق عليها. لكن ما اتفقنا عليه أمران؛ الأول، ضرورة الحوار. والثاني، اتفقنا على أن يذهب للقاء الاتحاد التونسي للشغل على الرغم من أنه لا يوافق على مقترحاته للخروج من الأزمة، وهذا ما فعله. وما خرج من لقائه هو أنه يقبل الحوار «انطلاقا» من مقترح الاتحاد. ورأيت ذلك إيجابيا. وماذا عن الرئيس المرزوقي؟ لا أريد الحديث عنه، لأنني أتحلى بحس الدولة. وطالما استمر أحدهم في وظيفته فإنني أحترم الوظيفة حتى لو كنت لا أحترم الشخص. ما هي النقاط التي يمكن أن تقدم بصددها تنازلات والأخرى التي ترفض التنازل بأي شيء عنها؟ حتى الآن، هناك الغنوشي و«النهضة». أنا وجدت الغنوشي متفهما بينما الحزب أكثر تصلبا. هو يقبل استقالة الحكومة، وعليه إقناع النهضة بذلك. أما الحوار بشأن الرزنامة، فيمكن أن نتفاهم بشأنه. رأيي أننا لن نجهض المفاوضات بسبب أسبوعين أو أكثر. هم لديهم مشكلة مع أنفسهم وكبريائهم. عليهم أن يقبلوا بأنه يتعين عليهم الرحيل عن السلطة. لكنهم يردون: إذا رحلنا عن السلطة.. ماذا سنفعل؟ وجوابنا: انظروا ما فعلنا نحن. إننا خارج الحكومة وحقل التحرك واسع. وما هي المواضيع التي ترفضون التخلي عنها؟ موضوع الحكومة. يجب أن ترحل وتأتي حكومة من المستقلين غير الملتزمين سياسيا بأي من الأحزاب بما فيها حزبنا. وبصدد الروزنامة؟ هم (النهضة) طلبوا أربعة أسابيع للرحيل عن الحكومة. أما المشكلة الأخرى فهي مشكلة المجلس التأسيسي. وأنا أعتبر أنه جزء من المشكلة بينما النهضة تريد الحفاظ عليه حتى حصول الانتخابات ومجيء مجلس جديد، بينما نحن نرفض الربط بين الحكومة والمجلس، لأنهما أمران مختلفان. الحكومة فشلت، وعليها الرحيل، ونحن مستعدون لإعطائها مهلة معقولة. أما المجلس، فقد نقبل بقاءه لإتمام مهامه الأربع التي أشرنا إليها سابقا خلال شهر ثم ينتهي الأمر. أما إذا قبلنا أن يكون له حق النظر في تثبيت الحكومة ثم النظر فيما تقوم به فهذا يعني أنها ستكون تحت رحمة النهضة التي تحتل الموقع الأول. ولذا فإن موضوع مصير المجلس يطرح إشكالية معقدة. وعلى الرغم من كل ذلك نقول: ما لا نقبله أبدا هو بقاء الحكومة وما عدا ذلك مطروح للنقاش. أعرف أن ذلك سيكون صعبا، وهذا يتطلب شجاعة سياسية. قلت إن ثمة فجوات بين الغنوشي و«النهضة»؛ أليس ذلك من شأنه أن يعقد مهمة الأول؟ في السياسة، ليست هناك أمور نهائية. الأمور تتطور.. سنرى. ما الدور الذي تود أن تلعبه؟ أنا أريد أن أكون مفيدا لبلدي. يقال إنك ستكون رئيس تونس المقبل؟ ليس محرما عليّ أن أكون رئيسا لتونس؛ أنا تركت الحكومة طيلة 22 عاما، أنا لا أستبعد شيئا. ولكني أختلف عن الآخرين، حيث أريد أن أكون مفيدا لبلدي، وإذا رأيت أن هناك صيغا ما مفيدة لتونس، فسأكون مستعدا لدعمها. اليوم أوجدت حزبا هو نداء تونس. وأنا أعي مسؤولياتي. هناك أخلاقيات القناعات، وهناك أخلاقيات المسؤولية، ويتعين التوفيق بين الأمرين.