مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي    ترامب: على الجميع مغادرة طهران فورا    هجوم إيراني جديد على تل أبيب وأميركا تنفي المشاركة بالقتال    كاس العالم للاندية : التعادل 2-2 يحسم مباراة بوكا جينيور الارجنتيني وبنفيكا البرتغالي    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الاول) : العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    طقس الليلة    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد نجيب الشابي (رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري) في حوار شامل ل «التونسية»: (الجزء 1) لا ردّ على جناح «النهضة» المتصلّب إلا بالتصعيد...
نشر في التونسية يوم 26 - 09 - 2013

الحلّ لا يمكن أن يكون إلاّ تونسيا...
الأزمة في القصبة وليست في قرطاج...
التونسية (تونس)
يمثل أحمد نجيب الشابي بمفرده ذاكرة سياسية لأجيال من التونسيين، فالرجل فاعل في الساحة السياسية منذ منتصف الستينات ضمن تيار «البعث» ثم منظمة «العامل التونسي» مطلع السبعينات وكان له إسهام مركزي في التحولات الفكرية داخل هذا التنظيم .
عرف أحمد نجيب الشابي السجون والمنافي والإبعاد والإقامة الجبرية زمن بورقيبة، فلم يكمل دراسته في الحقوق سوى سنة 1984 ولم يلتحق بالمحاماة إلا وهو في الأربعين من عمره، وفي سنة 1983 أسس صحبة عدد من رفاقه «التجمع الاشتراكي التقدمي» مستفيدا من مناخ الانفتاح السياسي النسبي في السنوات الأولى من حكومة مزالي رغم خيبة انتخابات نوفمبر 1981 ولكنّ حزبه لم يتحصّل على التأشيرة سوى سنة بعد ارتقاء بن علي إلى سدة الحكم .
وبعد فترة «وئام» لم تدم طويلا مع النظام الجديد توّجت بإمضاء الميثاق الوطني وتأسيس المجلس الأعلى للميثاق الذي كان الشابي أبرز عناصره، إبتعد ضيفنا عن حاكم تونس الجديد الذي اختار سياسة تجفيف المنابع ضد الإسلاميين الذين وجدوا في أحمد نجيب الشابي خير مدافع عنهم لتنطلق الجوقة من المتحوّلين في حملة تشويه مستمرة فأصبح نجيب الشابي «نجيب الله» (إحالة على الحاكم الشيوعي لأفغانستان بدعم من الإتحاد السوفياتي، سقطت حكومته سنة 1992 وأعدمته طالبان في 1996) ، وحدثت القطيعة بين نظام 7نوفمبر وأحمد نجيب الشابي منذ سنة 1991 لتتم محاصرة حزبه والجريدة الناطقة بإسمه (الموقف).
في 2001 أصبح «التجمع الاشتراكي التقدمي»، «الحزب الديمقراطي التقدمي»، وفي 18 أكتوبر 2005 كان نجيب الشابي مهندس إضراب الجوع الشهير بمناسبة قمة مجتمع المعلومات ، إضراب تواصل شهرا كاملا ، وفي 25ديسمبر 2006 تنازل بمحض إرادته عن الأمانة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي لتخلفه مية الجريبي محافظا على مكانته في الحزب .
خاض أحمد نجيب الشابي معركة ضارية ضد خصم مباشر هو بن علي وبطانة قامت بما يلزم لتحول دون ترشحه الفعلي في أية انتخابات رئاسية وأغلقت دون حزبه أبواب مجلس النواب وقد كان «الحزب الديمقراطي التقدمي» في مقدمة مناصري أبناء سيدي بوزيد المتمردين على حكم بن علي بعد حادثة إحراق البوعزيزي لنفسه إذ عقد ندوة صحافية بمقره المركزي في 24 ديسمبر 2010 أعلن فيها الشابي سقوط «المعجزة الاقتصادية» التي كثيرا ما فاخر بها النظام وطالب بفك الحصار عن سيدي بوزيد والقيام بإصلاحات عميقة بتشريك كفاءات وطنية من خارج دائرة الحكم الضيقة.
فاز أحمد نجيب الشابي في انتخابات 23 اكتوبر 2011 بعضوية المجلس الوطني التأسيسي ولكن حزبه مني بهزيمة «موجعة وغير متوقعة» ، ولكن المحامي رجل السياسة المتمرس واصل نشاطه معلنا عن تأسيس «الحزب الجمهوري» في أفريل 2012 الذي يترأس هيئته السياسية العليا .
اتخذ أحمد نجيب الشابي مواقف غير شعبية في وقتها ودفع ضريبتها، إذ لم يكن من المتحمسين لاعتصامي القصبة 1و2 كما لم يساند فكرة المجلس الوطني التأسيسي وقبل المشاركة في حكومة الغنوشي الثانية، وعارض قرار حلّ «التجمع» فطالته السهام من الخصوم والنيران الصديقة ولكنه لم يتراجع عن مواقفه ... «التونسية» حاورت الأستاذ أحمد نجيب الشابي في مكتبه بالمقر المركزي للحزب بأستوديو 38 بشارع الحبيب بورقيبة ساعات بعد الندوة الصحافية لحركة «النهضة» يوم الاثنين الماضي ...
هل تابعت الندوة الصحفية لحركة «النهضة»؟
عن طريق الإذاعة فقط.
ما تعليقك على غياب راشد الغنوشي؟
لفت نظري غياب الأستاذ راشد الغنوشي ولكن لا يمكنني أن أقوم بأي تقييم في غياب المعلومات، غيابه ملحوظ في توقيت يبدو فيه أن حركة «النهضة» فيها أكثر من رأي وأكثر من موقف إزاء الوضع الذي تمرّ به البلاد.
أعلنت «النهضة» من خلال متحدثيها في الندوة الصحافية ليوم الإثنين 23
سبتمبر أنها تقبل بمبادرة الرباعية كأرضية لبداية الحوار ومعالجة الأزمة،
هل يغيّر هذا الموقف شيئا من الوضع القائم؟
يبدو لي أن موقف حركة «النهضة» بغاية الوضوح، موقفها هو استكمال العمل التأسيسي للمجلس وتأجيل استقالة الحكومة إلى غاية انتهاء العمل التأسيسي أي الإبقاء على الأزمة مفتوحة وهذا وضع لا يمكن لتونس أن تتحمله.
هل فاجأك موقف «النهضة»؟
لا لم يفاجئني لأننا نتابع الأزمة لحظة بلحظة منذ انطلاقها في 25 جويلية، مع كل الأسف أعتقد أن «النهضة» إما غير واعية بحقيقة الأزمة وعمقها وهي تتمثل في أزمة ثقة لدى قطاع واسع من التوانسة في إدارتها للملف الأمني بشكل خاص ولشؤون البلاد بوجه عام وبالتالي فهي لا ترى ضرورة في التوصل إلى تفاهم ينهي المرحلة الانتقالية في أحسن ظرف، يعني بضمان حياد الإدارة والأمن أو أن «النهضة» تخشى من خروجها من الحكم ولذلك فهي تلجأ إلى المواقف المتصلبة.
ولكن أنصار «النهضة» يرون أنها قدّمت كثيرا من التنازلات كقبولها
بنظام رئاسي معدّل وتخليها عن وزارات السيادة لفائدة وزراء محايدين،

ماذا تطلبون منها أكثر وقد إختارها الشعب في انتخابات حرة وشفافة
ونزيهة؟
أولا الحكم لا يتملك بل هو كراء لمدة معلومة و«كرية» «النهضة» كانت لمدة عام انتهت في أكتوبر 2012، والوكالة في الديمقراطيات دائما لأجل معلوم ومع كل الأسف رفضت «النهضة» منذ أكتوبر 2012 التفاهم مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية حول طريقة إنهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية وقاطعت المؤتمر الذي نظمه الإتحاد العام التونسي للشغل في 16 أكتوبر 2012 والوضع مازال مستمرا على الحال ذاته منذ ذلك الوقت، إذن الأفضل «ما نتكلموش» عن الشرعية الانتخابية لأنها منتهية، الموضوع هو كيف ننهي هذه المرحلة الإضافية وهذا التوقيت الإضافي من العملية الانتقالية؟ كيف ننهيها في أحسن الظروف ، صحيح أن «النهضة» أدركت أنه لا يمكن صياغة دستور دون توافقات وقدمت تنازلات خلال الحوار الوطني بقصر الضيافة(قرطاج) وتلك التنازلات مكّنت من تسريع وضع دستور للبلاد وقد سجلنا هذا الموقف ونوهنا به في وقته «موش اليوم باش ننكروه»، لكن الإنتخابات لا تقتضي إطارا قانونيا فقط بل تقتضي أيضا إطارا أمنيا وسياسيا « موش ممكن نمشيو» لإنتخابات بحكومة متحزبة، ولا يمكن أن نخوض إنتخابات تحت التهديد الذي يطال رجل السياسة كما يطال المواطن من رابطات حماية الثورة بالاعتداء على الاجتماعات العامة، أو تحت تهديد الإرهابيين والجريمة السياسية، وكنا اقترحنا قبل اغتيال الشهيد محمد البراهمي على حركة «النهضة» وعلى «الترويكا» ما سميته بهيئة سياسية للإشراف على ما تبقى من عملية الانتقال الديمقراطي، على أن تقوم هذه الهيئة بأخذ قرارات بالتوافق بمشاركة حركة «النهضة»، تكون ملزمة للحكومة حول القضايا الأمنية والقضايا التي تضمن حياد الإدارة في العملية الانتخابية، وقد قبل رئيس الجمهورية هذا المقترح وعقد أكثر من مائدة إفطار خلال شهر رمضان ومن أسبوع إلى أسبوع تاه المقترح وتمت مماطلتنا حتى وقع اغتيال الشهيد محمد البراهمي، وهو حدث كان بمثابة الزلزال وجعل من هذه المقترحات لاغية تجاوزها الزمن وحتّم تكوين حكومة توافقية تعيد الثقة والطمأنينة للتونسيين، حكومة لها قدرة على التقدم بالبلاد إلى الموعد الانتخابي في أقرب وقت في مناخ أمني وسياسي معقول، هذا هو المطلوب من حركة «النهضة» ولكنها غير مستعدة لهذه الخطوة.
ما موقفكم من مبادرة الرئيس المرزوقي التي أطلقها في حواره مع الممثل الكوميدي رؤوف بن يغلان؟
الحقيقة أني لم أتابع هذا الحوار الذي لم تبثه التلفزة الوطنية باعتبارها مرفقا عاما وبثّ في تلفزة أخرى لا أعرف حتى اسمها.
ما تعليقك على اختيار المرزوقي تقديم حوارات مع غير الصحفيين مرة أولى مع عياض بن عاشور وثانية مع رؤوف بن يغلان؟
اعتقد أنّه أسلوب غير موفق.
خلال حواره مع بن يغلان قال الرئيس المؤقت إن الحكومة لم تفشل واقترح تنظيم انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر بعد الانتهاء من الدستور وتشكيل هيئة الانتخابات وتحديد موعد نهائي للانتخابات؟
تبدو لي هذه الأجندا غير واقعية لأنه من المتعارف عليه الآن أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد تشكلها تحتاج على الأقل لستة أشهر لتنظيم انتخابات تتوفر فيها المعايير الدولية ، والآن بعد قرار المحكمة الإدارية إبطال أعمال لجنة فرز الترشح للهيئة، المسألة ستأخذ أكثر من هذا بكثير. فقد يحتاج الأمر في أحسن الحالات إلى شهرين لتشكيل الهيئة أضف إليها ستة أشهر أخرى ، فما يقترحه الرئيس المؤقت «موش ممكن يصير» بانسحاب النواب لأنه لا يمكن تشكيل الهيئة إلا بثلاثة أرباع نواب المجلس والحال أن العملية السياسية معطلة والحديث عن ستة أشهر يبدو لي غير واقعي بالمرّة.
هناك من يدعو إلى إحياء هيئة كمال الجندوبي فما رأيكم؟
أنا شخصيا لا أوافق على هذا الاقتراح، كمال الجندوبي في العموم قام بالمهمة وهو مشكور ولكن كانت له تصرفات أثارت خلافات بيننا وبينه، وأذكر من ذلك قراره الأحادي تأخير موعد الانتخابات من 24جويلية إلى 23 أكتوبر2011 دون استشارة أحد وهو تصرف إنفرادي لم نوافق عليه، كما أنه تدخل في تنظيم الحملة الانتخابية قبل بدايتها وهو تصرف رأينا انه غير قانوني وأثار بيننا وبينه قضايا عدلية، رغم كل هذا هو قام بالمهمة كما يجب إجمالا، ولكنّ سنّة الحياة هي التداول.
تتمسك «النهضة» بموقفها والإتحاد العام التونسي للشغل يهدد بالتصعيد بمسيرات قطاعية وجهوية تنتهي بمسيرة وطنية كبرى، ما موقفكم مما يجري خاصة وأنك فاعل في الحياة السياسية منذ أربعين عاما؟
للتصحيح منذ سنة 1964 أي منذ خمسين عاما تقريبا، أنا طيلة الفترة الماضية حاولت التوصل إلى توافقات للخروج من هذه الأزمة وقدمت خارطة طريق مشابهة إلى حدّ كبير لمبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل وكنت أتصور أن حركة «النهضة» سيستقر قرارها على تبني هذه الخارطة أو شيء مشابه لها يخرجنا من الأزمة، ولكن الواضح الآن أن جناحا متصلبا داخل حركة «النهضة» يمسك بالجهاز الحكومي اليوم بعيدا عن الوصول إلى تفاهم مع القوى السياسية والاجتماعية التي تقف في المعارضة وأعني المنظمات الراعية للمبادرة(إتحاد الشغل، إتحاد الصناعة والتجارة، رابطة حقوق الإنسان، الهيئة الوطنية للمحامين) وكامل الطيف السياسي باستثناء «الترويكا» ، من الواضح الآن أن الجناح الذي يسيطر على «النهضة» وعلى القرار فيها متصلب وأمام هذا التصلب «ما ثمة حتى جواب آخر» إلا التصعيد عن طريق الإضرابات والمسيرات الدوّارة التي قررها الإتحاد العام التونسي للشغل بداية من هذا الأسبوع.
تساندون هذه الإضرابات والمسيرات؟
نساندها وسنشارك فيها لأنه في وجه التصلب والإنغلاق لا حلّ إلا بالضغط عبر الوسائل السلمية والشعبية علّ «النهضة» تأتي إلى كلمة سواء بينها وبين بقية المجتمع التونسي لكن أنا أخشى أن ديناميكية التصلب والتصعيد قد تجرنا دون أن ندرك أو أن نريد ذلك إلى المواجهة ولذا ففي مواجهة التصلب والانغلاق المطلق فإن الجناح المسيطر على حركة «النهضة» و جهاز الحكم يتحمل بمفرده مسؤولية ما قد يحدث.
هل تؤكد أن راشد الغنوشي خلافا للفكرة الرائجة ليس هو الحاكم الفعلي في حركة «النهضة»؟
أنا لا أعرف ما يدور داخل حركة «النهضة»، كل ما أقوله انه من خلال الحوارات التي كانت لي مع راشد الغنوشي شعرت بإمكانية التوصل إلى مخرج ولكن في كل مرة موقف حركة «النهضة» كان مغايرا، يمكنني أن أستنتج أن المناخ المهيمن داخل حركة «النهضة» غير موات للحلول الوسطية لكني لا اعلم ماذا يجري داخل البيت ولا يمكنني ان أتحدث عمّا لا علم لي به.
جرّبتم كل وسائل التصعيد، الإعتصامات والمسيرات وحتى الإضراب العام ولم يتغير شيء، معارضة عاجزة أمام صمود «النهضة»؟
هذا كله خطأ الجناح المتصلب داخل حركة «النهضة»، لأن الوضع في تونس ليس الوضع في مصر، والجيش التونسي جيش محايد وسيبقى محايدا ولكن تصلب مرسي(الرئيس المصري المعزول) مهّد للأحداث الدرامية التي تجري في مصر والتي لا نتمناها لتونس وليعلم هؤلاء المتصلّبون أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج فالتصلب الذي تبديه الحكومة اليوم والجناح المهيمن على «النهضة» قد يؤدي إلى ذات النتائج التي أدى إليها تصلب مرسي في مصر، ويعلم التونسيون أني ضد الانقلاب الذي حدث في مصر وكنت أعلنت موقفي بلا تردد في المجلس الوطني التأسيسي وتعلمون أني مع احترام صندوق الاقتراع والنتائج التي يفرزها ولكني لم أبرئ مرسي من المسؤولية السياسية لما آلت إليه الأوضاع في مصر بسبب تصلبه وانغلاقه ورفضه لأي تفاهم مع بقية الأطراف السياسية.
انا أتمنى ان تتعظ الأطراف السياسية عندنا بما جرى في مصر حتى لا ندفع بتونس إلى المآل ذاته، بطريقة أخرى «موش ممكن نشعّلو النار ونقولوا الدخان منين» وكلامي موجه إلى الجناح المتصلب في «النهضة» والممسك بالحكومة لأن التصلب لا يؤدي إلا إلى التصعيد وثنائية التصلب والتصعيد قد تفضي إلى مواجهة غير معلومة النتائج وستكون عواقبها وخيمة على تونس وسيدفع التونسيون الذين ضحوا من اجل الثورة ثمنا غاليا لا نرتضيه.
ما موقفكم من تصريح الباجي قائد السبسي بأن عيب مبادرة الإتحاد أنها غفلت عن الرئيس المؤقت وبأن المرزوقي إن رحل فلن يبكي عليه أحد؟
لا أعلم إن كان أحد سيبكي على المرزوقي أو لا إن غادر قصر قرطاج، ليست هذه قضيتي، أنا أقول إن الأزمة في القصبة وليست في قرطاج، لأن السلطة الحقيقية بين يدي رئيس الحكومة ولا يملك الرئيس المؤقت من السلطة سوى النزر اليسير، والأزمة القائمة في قصر باردو تابعة لأزمة القصبة ولذلك أعتقد أن من يريد البحث عن حلّ لهذه الأزمة عليه أن يعي أن عنوان الأزمة هو قصر الحكومة بالقصبة لا قصر الرئاسة بقرطاج وأي حديث عن قرطاج سابق لأوانه وفي تقديري الوصول إلى قصر قرطاج لا يكون إلا عبر صندوق الاقتراع.
هل يمكن أن يكون الباجي قائد السبسي رئيسا جزءا من الحلّ؟
لو كنت أعتقد أن الأزمة في قرطاج لأجبتك نعم، لا أثر ولا تأثير لمن يكتري قصر قرطاج على الأزمة في تونس التي يوجد حلها في القصبة باستقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة توافقية مستقلة توحّد بين التونسيين وتعيد إليهم الطمأنينة وتقود البلاد إلى برّ الأمان في أقرب الأوقات، قرطاج خارج مدار الأزمة لأنه جرد من كل الصلاحيات وإثارة قضية ساكن قرطاج الآن لا يفيد في شيء لحلّ الأزمة التي تعيشها تونس.
تعددت اتصالات قيادات الأحزاب التونسية بسفراء الدول الأجنبية فهل يؤشر ذلك لتدويل الأزمة السياسية في بلادنا؟
أنا أعتقد بأن الأزمة تونسية وحلها لا يمكن أن يكون إلا تونسيا ويجب أن يظل تونسيا، من خلال الاتصالات بالأوروبيين، وبالأمريكان وهم يتداولون يوميا على المسؤولين السياسيين في الحكم والمعارضة، قبل قليل كانت في ضيافتي سفيرة اليونان ببلادنا جاءت تستجلي الوضع، الأوروبيون بوجه خاص يشعرون بقلق شديد ويحثون الفرقاء السياسيين على التفاهم في ما بينهم ولم أشعر شخصيا من طرفهم بأي تدخل في الشأن الوطني ولو بالإيحاء.
هل يمارسون ضغوطا على الحكومة؟
هم لا يمارسون ضغوطا على الحكومة لكن يقولون إذا لم تتوافق الأطراف على حل للأزمة فإن العلاقات بيننا وبين دولهم لا يمكن أن تظل على الحال نفسه في مناخ يسود فيه الغموض وضبابية الموقف.
هل التقيتم السفير الجزائري في تونس؟
طبعا التقيت به واليوم (الإثنين) إلتقيت أيضا السفير المغربي.
ماذا عن هذين اللقاءين؟
هما يمثلان دولتين شقيقتين لا تكنان لتونس سوى المحبة وككل المراقبين عبّر سفيرا الجزائر والمغرب عن قلقهما على مستقبل تونس في صورة عدم التوصل إلى حل سياسي في أقرب الأوقات.
هل يمكن أن يكون للجزائر دور سياسي في تونس في هذه المرحلة؟
أنا أعتقد أنه ليس لأي دولة شقيقة أو صديقة أي دور في بلادنا.
حتى لو كانت الجزائر الشقيقة الكبرى؟
ليس لأي دولة صديقة أو شقيقة أن يكون لها دور في حل الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا منذ 25 جويلية الماضي، لو يتم تدويل الأزمة التونسية سيفلت القرار من التونسيين وسنفرط في أكبر مكسب ورثناه عن الجيل الذي سبقنا وهو الاستقلال الوطني ، فاستقلال البلاد لم ننله إلا عبر عقود من النضال فهو أمانة بين أيدينا علينا أن نحافظ عليه للأجيال القادمة فتدخّل أي طرف في الشأن التونسي الداخلي غير مقبول وأنا أنزه الإخوة الجزائريين من أي رغبة في التدخل في الشأن التونسي. أمّا أن يكون الوضع في تونس مصدر قلق للجزائر فهذا مفهوم لأن أمن الجزائر من أمن تونس ومصيرنا واحد، أن نتبادل الرأي بين الدولتين « ما فيه حتى مشكل»« أما أن يصبح القرار خارج الإطار التونسي فهذا شيء مرفوض.
هل هناك تواصل بينك وبين السيد علي العريض رئيس الحكومة؟
لا، آخر لقاء بيني وبين السيد علي العريض كان خلال آخر مأدبة عشاء في قصر قرطاج خلال شهر رمضان قبل اغتيال الشهيد محمد البراهمي.
هل أفهم من ردك أن علاقتكما باردة؟
يمكن القول ليس فيها الحرارة المطلوبة.

قبل شهور عارضت حلّ «التجمع» خلافا للرأي السائد، واليوم يعود الدساترة والتجمعيون من كل الأبواب والمنافذ، ألا تشعر ببعض الغبن لأنك لم توف حقك؟
لا أشعر بأي غبن كان ، أنا قبل الثورة كنت أدرك أن التجمعيين لم يكونوا يمارسون السلطة بل كانوا مجرد أداة من أدوات السلطة، وكنا نطلق عليهم في المعارضة تسمية «حزب الحكم» وليس الحزب الحاكم، وفي شهر نوفمبر 2010 على الجزيرة مباشر توجهت بنداء إلى الدستوريين كي يساهموا في التغيير من مواقعهم، كان ذلك تحديا كبيرا في ذلك الوقت لرئيس «التجمع» الذي هو رئيس الدولة، كنت أدرك منذ ذلك الوقت ان الدستوريين وإن كانوا جزءا من النظام السياسي الذي مارس الاضطهاد على الشعب التونسي طيلة خمسين سنة فإنهم كانوا حملة مشروع تحديثي للبلاد وساهموا في بناء الدولة الوطنية الحديثة وإصلاح المجتمع وتحرير المرأة ونشر التعليم والصحة فبالرغم من الرصيد السلبي في مجال الحريات فإن دورهم في تنمية البلاد وتحريرها يمنحهم فرصة إذا ما أصلحوا علاقتهم بالمجتمع أن يكون لهم إطار للوجود ومشروعية وبالتالي حين طرحت عليّ تسوية تاريخية بالدخول في حكومة جزء منها من تكنوقراط النظام السابق من أجل وضع تونس على سكة الانتقال الديمقراطي قبلت ذلك ولست نادما على ذلك لأننا نحن من وضع المسار السياسي الحالي على السكة في حكومة السيد محمد الغنوشي ولذلك منذ ذلك الوقت كنت أرى أنه يجب أن تتم محاسبة القادة التجمعيين على أعمالهم ومسؤولياتهم الشخصية لا أن تقع تصفية حزب هو جزء من التراث التونسي. اليوم العقليات تتطور، والدستوريون والتجمعيون يعودون في أشكال متعددة.
هل ترحّب بعودتهم؟
أنا لي علاقات طيبة مع السيد كمال مرجان ولي علاقات جيدة مع السيد حامد القروي الذي زرته لأهنئه بالمبادرة التي قام بها.
أنت الوحيد الذي زرته في بيته مهنئا؟
يمكن...يمكن.
الدكتور حامد القروي لا يتحدث عنك سوى في سياقات إيجابية؟
«بارك الله فيه (يضحك وتبدو على وجهه علامات الرضى) كل واحد تذكرو أعمالو».
يرى الدكتور القروي ان من أخطاء بن علي أنه لم يفتح المجال للتعامل معك والاستفادة منك وحزبك؟
بارك الله فيه على هذه الشهادة،(مبتسما) أظن أن بن علي الآن يشاطر سي حامد هذا الرأي.
أليست هذه الشهادة متأخرة من الدكتور حامد القروي؟
لا ، لا... حامد القروي لم يكن رمزا من رموز الاضطهاد، بالعكس، قام بدور من القصبة، وأنت تعلم أن السلطة كانت في قرطاج في ذلك الوقت .
وأذكركم بأنه حين نظمت جمعية الفكر البورقيبي ذلك الاجتماع في مارس 2011 كنت من القلائل من الديمقراطيين الذين حضروا الاجتماع(كان انطلاقة نداء تونس) وأخذت الكلمة وأيدت الجمعية وذلك النشاط، انا تونسي والديمقراطية لا يمكن أن تكون إلا جامعة لكل التونسيين، لا يمكن أن تقوم على الإقصاء.
كيف تريد للتونسيين أن يقبلوا عودة محمد الغرياني وعبد الرحيم الزواري وعبد الله القلال... وكأن شيئا لم يكن؟
بقطع النظر عن الأشخاص أنا أتفق معك في نقطة، إذا كان لرجال العهد السابق مسؤوليات شخصية في الاستيلاء على المال العام أو الخاص أو الاعتداء على الأعراض او انتهاك الحريات أو التعذيب أو القتل فلا بد من المحاسبة.
هؤلاء متهمون بما هو أخطر وهو إفساد الحياة السياسية طيلة عقدين؟
إفساد الحياة السياسية كلمة عامة يجب أن تكون فيها مسؤوليات ينظمها القانون في إطار ما يسمى بالعدالة الانتقالية ولكن كيف يمكن لمئات الآلاف من الفلاحين والموظفين ومختلف المهن الذين انخرطوا في الحزب الحاكم إما عن قناعة أو خوف أو طمع دون أن يتورطوا في ما يمكن ان يؤسس لمساءلة شخصية أليس الوقت لطي الصفحة ونقول تونس للجميع؟ لنتذكر مانديلا، أول قرار إتخذه بعد أكثر من ربع قرن من السجن الإنفرادي، هو طي صفحة الماضي رغم الدماء التي سالت بين البيض والسود، ونبينا صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة، ألم يعط الأمان لأهل مكة من الكفار ولمن قاتله بقوله صلى الله عليه وسلم «من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن».
من هو أبو سفيان في الحالة التونسية؟
أنا أقول إن هناك مشروعا جديدا هو تونس الديمقراطية وهي قادرة على احتضان جميع التونسيين وتعمل على تحقيق طموحاتهم لأن الثورة لم تقم كردة فعل على الاضطهاد فقط بل جاءت لتعبّر عن طموحات وأحلام ، يجب ان نحقق هذه الأحلام في مناخ من الاستقرار والتحابب وهذا لا يعني غض الطرف عن الجرائم ومحاسبة مقترفيها ...
غدا الجزء الثاني من حوارنا مع الأستاذ أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.