التونسية (تونس) نفّذ يوم أمس القضاة التونسيون إضرابهم الحضوري بكافة محاكم الجمهورية، هذا الإضراب الذي دعت إليه جمعية القضاة التونسيين جاء كردة فعل على مذكرات العمل التي أصدرها وزير العدل يوم 14 أكتوبر الماضي والتي تم بمقتضاها إجراء حركة جزئية بتنحية السيدين خالد البراق المتفقد العام بوزارة العدل و النوري القطيطي رئيس المحكمة العقارية وتسديد الشغورات الناشئة عن ذلك بمقتضى مذكرات عمل ادارية. قرارات وزير العدل اعتبرتها جمعية القضاة التونسيين فاقدة لكل سند قانوني ومحاولة لإعادة بسط اليد على السلطة القضائية التي تحررت بإحداث هيئة دستورية تشرف على القضاء العدلي. وأكّدت السيدة روضة القرافي الكاتبة العامة لجمعية القضاة في تصريح ل«التونسية» أن نسبة المشاركة في الإضراب قاربت يوم أمس المائة بالمائة وشهدت مشاركة تلقائية من كل القضاة بجميع رتبهم معتبرة أن رفض وزير العدل تنفيذ قرارات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وإصراره دون موجب قانوني على اجراء العمل بالقرارات الملغاة يؤكد توجه السلطة التنفيذية الى فرض التعيينات الجديدة خارج اي اختصاص بهدف تحقيق مكاسب سياسية والمحافظة على نفوذها في تركيبة الهيئة ومواصلة الإشراف المباشر على مختلف المحاكم في ظل الامتيازات الموروثة عن النظام الاستبدادي. كما أشارت القرافي إلى خطورة انكار وجود الهيئة ووضع العراقيل امامها وعدم تمكينها من المقومات الاساسية مشيرة إلى أن ذلك يؤكد خشية السلطة السياسية ومراكز النفوذ فيها من بناء ادارة ذاتية لشؤون القضاء وإرساء الضمانات الضرورية لاستقلال القضاة نافية في الآن ذاته كل اختصاص لوزير العدل وللسلطة السياسية في تعيين القضاة ونقلتهم وترقيتهم بمعزل عن قرار الهيئة او ترشيحها بمقتضى الاحكام الواردة بالقانون الاساسي المحدث لها الصادر في 2 ماي 2013. ولاحظت القرافي أن تسمية المتفقد العام بوزارة العدل – باعتباره شاغلا لخطة قضائية – تتم وفقا للفصل 14 من القانون الاساسي للهيئة وبترشيح منها وطبق الشروط الواردة بالفصل 4 من الأمر المؤرخ في 4 أكتوبر 1975 المتعلق بنظام التفقدية العامة بوزارة العدل. وأكدت القرّافي إصرار الجمعية والقضاة على دعم توجه الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في تعهدها الشامل بكامل المسار المهني للقضاة بمختلف اصنافهم ورتبهم وخططهم القضائية بما يشمل الوظائف العليا بالمحاكم او بالإدارة المركزية بوزارة العدل او المؤسسات الملحقة بها كالمعهد الأعلى للقضاء او مركز الدراسات القانونية والقضائية طالما كان الامر متعلقا بوظيفة عامة يتولاها القضاة. كما دعت وزير العدل إلى التراجع عن تنفيذ المذكرات الصادرة عنه بتاريخ 14 أكتوبر 2013 والكف عن الضغط المباشر على القضاة والالتزام بقرارات الهيئة المعلن عنها في 17 اكتوبر 2013 والعمل على تذليل صعوبات التواصل بين الطرفين تحقيقا للمصلحة العامة. وقد اعتبرت جمعية القضاة أن إضراب يوم أمس رسالة مضمونة الوصول إلى الرئاسات الثلاث من أجل الإيفاء بالتزاماتها القانونية حيال الهيئة الوقتية وذلك بتوفير الإمكانيات الضرورية لعملها وضمان استقلاليتها وعدم التعدي على اختصاصها وإنفاذ قراراتها تحقيقا لمقومات دولة القانون ومقتضيات الانتقال الديمقراطي مشيرة إلى أنه لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة في غياب قضاء مستقل داعية المجلس التأسيسي إلى تحصين السلطة القضائية من كل الاعتداءات.