التونسية (تونس) ثلاث سنوات من الثورة وماذا بعد؟ تساؤل يطرح نفسه بشدة لدى كل التونسيين الذين ثاروا وآمنوا بالتغيير والتشغيل والخبز والحرية والكرامة.. اليوم يعود هذا السؤال من جديد الى الواجهة خصوصا بعد ما عرفته بلادنا من أحداث مؤلمة وأزمة خانقة على جميع المستويات ربما قد تنفرج في قادم الأيام بعد تكوين حكومة جديدة ينتظر منها الشعب الكثير. ماذا تحقق من أهداف الثورة؟ وهل بإمكان الحكومة الجديدة إيجاد مخارج وحلول ولو جزئية لانسداد الأفق الذي ساد الأهداف الثورية؟ «التونسية» طرحت الموضوع على بعض وجوه النخبة السياسية ببلادنا وحصلت منهم على إجابات: الأزهر العكرمي القيادي ب«نداء تونس» قال ان اهداف الثورة التي تحققت هي المدّ التجاذبي الكبير الذي شهدته وسائل الاعلام من صحف واذاعات وبلاتوهات تلفزية موضحا ان طغيان التجاذب السياسي في وسائل الاعلام هو من أهم الأهداف التي تحققت للشعب التونسي مؤكدا ان الاشتباك الوطني العدائي بين أبناء الوطن الواحد هو من أكثر علامات الثورة تمظهرا وجلاء اضافة الى انفتاح ودخول البلاد في غياهب المجهول وانعدام الوضوح والضبابية دون نسيان المشاكل الأمنية وانتشار العنف والارهاب وانحدار رهيب في المقدرة الشرائية للمواطن أمام غلاء الأسعار المشط والصاعق مشددا على أن جميع الشعارات التي رفعت أثناء الثورة والأهداف التي نادت بها وقع القضاء عليها بعد أسبوعين فقط من اندلاع وقود التمرد ضد النظام السابق حسب كلامه. وأضاف العكرمي أن تزامن مرور الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة هذه السنة مع تعيين رئيس حكومة جديد قد يعطي جرعة من الأمل والتفاؤل للتونسيين وقد يساهم في التخفيف من حدة الأزمة التي تشهدها البلاد وفق تعبيره. منظومة الفساد استشرت منجي الرحوي القيادي بحزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» و«الجبهة الشعبية» بيّن من جهته انه بعد ثلاث سنوات من الثورة لم يتحقق شيء للشعب التونسي موضحا ان تأخر وتخلف البلاد ازداد أكثر من ذي قبل على جميع الأصعدة وأنّ الفساد استشرى بكل أشكاله وتنامى بصفة مهولة منذ اندلاع الثورة مضيفا أن الافلات من العقاب والمحاسبة هو السمة المميزة لهذه المرحلة بالزج بجماعة المغضوب عليهم من الحزب الحاكم في السجن مقابل تسريح المرضي عنهم وأصحاب الحظ السعيد وأولي الولاءات حسب قوله. وأكد الرحوي ان تونس تعيش مرحلة البحث عن السراب اذ لم يكشف بعد عن قتلة الشهداء وأن البلاد عرفت تدهورا كبيرا في الوضع الأمني وانتشار الارهاب وحدوث اغتيالات سياسية لهامات سياسية كبرى تحت مظلة الحزب الحاكم وبتغطية منه على حدّ قوله مشددا على ان الاغتيالات السياسية هي سمة مميزة لسنوات ما بعد الثورة في تونس رغم انها قد تقع في بلدان أخرى ولكن ليس تحت تغطية من الحزب الحاكم حسب كلامه. وبين قيادي الوطد و«الجبهة الشعبية» ان الذين كانوا وقودا وحطبا للثورة والذين أشعلوا فتيلها الأول لم ينالوا أي مكسب ولم يحققوا أي هدف نادوا به في حين ان من لم يشاركوا بتاتا في هذه الثورة هم من غنموا جميع المكاسب واستأثروا بها مشددا على ان الشعب لم يحقق أي هدف من أهداف ثورته المنشودة ملاحظا ان البطالة تزايدت والمقدرة الشرائية انهارت والجهات المهشمة والفقيرة ازدادت تهميشا وفقرا. الحرّيات السياسية «تحققت حرية التعبير والتنظم السياسي ولكن؟» هذا ما أجابنا به عبد الرزاق الهمامي الأمين العام لحزب «العمل الوطني الديمقراطي» مضيفا ان تونس تقدمت تقدما حاسما من حيث تفعيل الحريات السياسية رغم محاولات العرقلة والإجهاض مستدركا انه مقابل هذا التطور في نسق الحريات السياسية بقيت مجمل المطالب الاجتماعية من تشغيل ومقاومة الفقر وتفعيل التنمية العادلة بالجهات على حالها إلى جانب تدهور لافت في المقدرة الشرائية للمواطن التونسي وعدم إرساء مؤسسات الدولة المدنية والديمقراطية حسب تعبيره. الحكومة تساهلت في التصدي للإرهاب وبخصوص العدالة الانتقالية أكد الهمامي أن البلاد ما تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق جملة الاهداف الانتقالية العادلة مستطردا في ذات الصدد ان السنوات اللاحقة لاندلاع الثورة شهدت انتشارا خطيرا لظاهرة الإرهاب والاغتيالات بسبب عدم وضوح الحكومة وعدم حسمها وتساهلها الكبير في التصدي لهذه الظاهرة مشددا على ان رئيس الحكومة المقبلة مطالب بحلحلة الأزمة التي تعيشها البلاد وأنّه مطالب بإعلان حسن النوايا وبالالتزام ببنود خارطة الطريق. الأوضاع ازدادت سوءا الصحبي قريرة عضو المكتب السياسي ل«الحزب الجمهوري» اشار بدوره الى ان الأوضاع بالبلاد ازدادت سوءا منذ اندلاع الثورة مبينا أنّه لم يتحقّق من أهداف الثورة إلّا النزر القليل مثل حرية التعبير التي تبقى رغم ذلك مهددة اضافة الى حرية الاعلام واستقلالية القضاء التي تتعرض الى محاولات حثيثة للتّركيع والتدجين ملاحظا ان وضع الحريات يبقى هشا جدا بالبلاد مضيفا انه مقابل ذلك وقعت المصادقة على ما يسمى ب«قانون العدالة الانتقالية» لإعطاء كل ذي حق حقه موضحا ان الشعب يريد معرفة الحقيقة حسب تعبيره. «جمعة ولد «النهضة »» وشدد قريرة على انهيار الوضع الامني في تونس ما بعد الثورة ملاحظا ان إلغاء زيارة الرؤساء الثلاثة الى سيدي بوزيد أمس أكبر دليل على ذلك مستطردا ان الزيارة ألغيت ايضا لأن هؤلاء أصبحوا غير مرغوب فيهم وغير مرحب بهم من قبل الشعب بسبب عدم تحقيق أهداف الثورة الاجتماعية والاقتصادية مؤكدا انه من هذه الناحية ازدادت الأمور سوءا وتدهورا آملا ان تتنفس تونس الصعداء ولو جزئيا بتعيين رئيس حكومة جديد ملاحظا ان مهمة رئيس الحكومة المقبلة صعبة نوعيا لأن اختيار هذا الأخير تم بمنأى عن التوافق بين مختلف أطراف الطيف السياسي مضيفا ان مهدي جمعة يفتقر الى الخبرة السياسية ورباطة الجأش حتى يتمكن من مكافحة الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد مبينا ان رئيس الحكومة المقبل المقبل هو «ولد النهضة» وسينفذ سياسات وبرامج الحزب الحاكم بمعنى «ان النهضة ستطبق جميع مشاريعها دون نهضة ودون ان تكون في الحكم مؤكدا ان الحكومة المقبلة هي حكومة النهضة 3. الأهداف الاجتماعية والاقتصادية لم تتحقق محمّد القلوي عضو مجلس الشورى لحركة «النهضة» وعضو مكتبها التنفيذي أكد من جهته أن مكسب الحريات هو أفضل ما تحقق لتونس ما بعد الثورة مطالبا التونسيين بعدم التفريط في هذا المكسب مؤكدا أن إنجازات الثورة الاجتماعية والاقتصادية تبقى منقوصة بل لم ترتق حتى الى درجة متوسط بالنسبة الى آمال الشعب ملاحظا ان البلاد بحاجة الى التوافق والابتعاد عن هذه الرياح غير المواتية حسب كلامه. «النهضة» تتحمل المسؤولية الأكبر من الأزمة وبخصوص الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد اعترف القلوي ان حركة «النهضة» تتحمل المسؤولية الأكبر في هذه الأزمة بوصفها الحزب الحاكم مبينا ان ضعف أداء حكومات «النهضة» ظاهر وجلي للعيان وأنه يجب الاعتراف به شاء البعض أو أبى مشيرا في ذات الاطار الى ان توصّل الحوار الوطني الى اعلان تعيين رئيس حكومة هو جزء من الحل وسيمكن من إنهاء الأزمة ولو جزئيا نافيا ان يكون تعيين مهدي جمعة تعيينا نهضويا أو من خيارات «النهضة» الأولى مستطردا ان أطرافا أخرى طرحت أيضا هذا الاسم مطالبا احزاب المعارضة بالعودة الى المسار التأسيسي والتفهم لأن رئيس الحكومة المقبل كفاءة علمية قد تنجح في انهاء الأزمة اذا توفر المناخ المناسب لها وفق تعبيره.